حول قرار الحكومة بتخفيض سعر ليتر المازوت بنسبة 20 % د. مرزوق: التخفيض تأخر.. وانعكاسه على مستوى المعيشة سيكون محدوداً وبطيئاً!

أقرت جلسة مجلس الشعب ظهر يوم الثلاثاء 31/3/2009 تخفيض سعر ليتر المازوت بنسبة 20 %،  بحيث يصبح سعر الليتر 20 ل.س، بدلاً من 25 ليرة، بدءاً من يوم  الأربعاء 1/4/2009، وقد جاء هذا القرار بعد الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات قبل حوالي السنة، إثر قرار رفع الدعم الذي أصدرته الحكومة، والذي أثار جدلاً واسعاً بين  الشعب السوري برمته. حيث ارتفع سعر المازوت ثلاثة أضعاف عمَّا كان عليه سابقاً، فصعد سعر الليتر من 7 ليرات إلى 25 ليرة دفعة واحدة.

وقد أعلن رئيس مجلس الوزراء أن: «قرار تخفيض سعر ليتر المازوت إلى 20 ليرة جاء بعد أن درست اللجان جميع الخيارات المتاحة، والأعباء المترتبة على الموازنة السورية، وأسعار المشتقات النفطية في دول الجوار، وبشكل رئيسي لبنان». 

وكشف رئيس الحكومة أن: «تجربة توزيع القسائم للتدفئة المنزلية أثبتت عدم جدواها، لذلك تم اعتماد البديل النقدي عوضا عنها»، وهذا ما أكده وزير المالية في تصريحاته أكثر من مرة، وأضاف العطري أنه: «سيتم توزيع إعانة مالية للتدفئة المنزلية على كل مستحق من الأسر السورية»، دون تحديد المبلغ المتفق عليه في المجلس، مؤكداً أن: «الحكومة لن تحدد حجم الإعانة النقدية قبل أن ترى النتيجة النهائية التي ستؤول إليها أسعار النفط في المرحلة القادمة». وأشار العطري إلى أن لجاناً قد شكلت بهذا الخصوص قامت بدراسة أسعار النفط صعوداً ونزولاً بشكل يومي، وأن مجلس الوزراء سيحدد قراراته بناء عليها، وقال إن: «المعونة المالية التي ستقرر لاحقاً لكل عائلة ستدفع على دفعتين سنوياً، الأولى في الأول من أيلول القادم»، موضحاً أنه: «بتوجيه من القيادة تم الاتفاق في الحكومة على عدم تقسيم المجتمع بشكل عمودي، وإنما سيتم توزيع استمارة بمثابة تعهد بيانات فيها سبعة أسئلة حول أوضاعه.. والدراسات مستمرة لتحديد هذه الأسئلة».

وعن مستحقي هذه الإعانة, أكد عطري أن: «الإعانة ستدفع للمواطنين السوريين المقيمين في سورية فقط». واستند رئيس مجلس الوزراء إلى بيانات المكتب المركزي للإحصاء، حيث تبين أن وسطي الإنفاق للأسرة السورية هو 24 ألف ليرة سورية شهرياً، أي نحو 300 ألف ليرة سورية سنوياً، لذلك سيكون هذا الرقم مرتكزاً لتحديد الأسر المستحقة للدعم»، ولم يوضح رئيس المجلس الأرقام التقديرية التي ستقع على كاهل وزارة المالية.

ولم يخف العطري السلبيات التي شابت تجربة قسائم المازوت، حيث قال: «بعد إجراء عملية تقييم لتجربة قسائم المازوت المنزلية التي وزعت على /4.5/ ملايين أسرة، ظهر العديد من السلبيات خلال عملية التوزيع» كاشفاً في السياق نفسه أنه «تم ضبط 13 ألف حالة تزوير لدفاتر قسائم المازوت، وسيحال المزورون إلى الجهات القضائية المختصة».

وللوقوف على حيثيات القرار التقت قاسيون الباحث الاقتصادي د.نبيل مرزوق الذي رأى أن: «التخفيض جاء تجاوباً مع التغييرات في أسعار المشتقات النفطية على الصعيد العالمي ومقارنة مع أسعارها في دول الجوار. ويبدو أن الحكومة رأت أن الربط ما بين الأسعار الداخلية والخارجية للمحروقات هو الحل الوحيد والأمثل، وبالانطلاق من هذا الربط تحاول أن تتخلص من مسؤوليتها عن الدعم، ومحاولة الربط بين الاحتياجات الضرورية للتنمية ومستويات المعيشة اللائقة للمواطنين، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن هذه التخفيضات تشكل نسبة ضئيلة مع الزيادة الأصلية للمشتقات النفطية خلال الفترة السابقة من  الحكومة».

وحول أثر تخفيض السعر على مستويات المعيشة أكد د.مرزوق أن الانعكاس الحقيقي لهذا التخفيض على الأسعار وعلى مستوى المعيشة سوف يكون محدوداً وبطيئاً، أي إننا لن نشهد هبوطاً ملموساً في أجور النقل مثلاً أو على نسب وتكاليف بعض السلع والمنتجات، أي أن التأثير على مستوى العام للأسعار سوف يكون محدوداً بالضرورة.

وحول التأخر في اتخاذ هذا الإجراء الذي أثار جدلاً واسعاً لدى الشارع السوري قال د.مرزوق: في المعنى العام هو متأخر، لكن ليس هذا هو المهم، بل المهم هو طريقة الربط بالاستجابة للأسواق العالمية التي تؤكد أن هذه الإجراءات ليست متكاملة وهو اتجاه سلبي، فلا مانع أن تكون الأسعار أعلى من دول الجوار لطالما إنها تعكس سياسة اجتماعية واقتصادية للحكومة بهذا الاتجاه، لكن أن تبقى دون هذه السياسة وتربطها بالأسعار العالمية فهذا أمر سلبي.

وعن كيفية توزيع إعانة مالية، بعد اعتراف الحكومة بفشل تجربة القسائم، وتأكيدها مرة أخرى على موضوع إعادة الدعم لمستحقيه، قال د. مرزوق: إن تحديد أو توجيه الدعم لمستحقيه عملية مكلفة وتتطلب دراسات وأبحاثاً ولجاناً، وهذا يضخم من كلفة الدعم، وبالرغم من ذلك ستظل هناك هوامش للمستحقين، فالمطلوب ليس توصيل الدعم لمستحقيه بل توزيعه بشكل عادل ومتكافئ، وعلى الدولة أن تقدم الدعم لمختلف الشرائح والفئات، وغالباً الفئات الميسورة لن تأخذ به لكن هذه الفئة تبقى فئة صغيرة من المجتمع السوري، بالإضافة إلى التكاليف التي ستكلف الدولة بهذه العملية.

وعن رأيه بالمعايير التي حددتها الحكومة أوضح د.مرزوق أن المعايير لتقدير هذا الدعم هي عامة وليست محددة، فإذا كان متوسط الدخل حسب المكتب المركزي للإحصاء هي 24 ألف ل.س، فليحددوا لنا تلك الأسر، لكن إذا كان متوسط الدخل في سورية لا يزيد عن 10 آلاف ل.س، فمن هي الأسرة التي يمكن تحديدها في ظروفنا الحالية من  الحكومة دون أن تقوم بدراسات وبيانات على كل الوطن.

وفي ختام حديثه قال د.مرزوق: حتى الآن ليس هناك وضوح بكل النقاط وخاصة في قضية توزيع إعانة مالية، ولعل ذلك سيكون بالاعتماد على التعليمات التنفيذية التي ستصدر لاحقاً..