كيف يُصنع القرار الاقتصادي في سورية؟
.. ويستمر السؤال عن كيفية صناعة القرار الاقتصادي السوري، وتأتي معظم الأجوبة لتؤكد حقيقة واحدة وهي أن البلاد تمر الآن بأسوأ ظرف اقتصادي - اجتماعي عرفته منذ زمن طويل..
بلسم ناصر:
يجب إحداث هيئة تعمل على دراسة وتقييم القرارات الاقتصادية..
م. بلسم ناصر عضو مجلس الاتحاد العام وأمين سر نقابة التنمية الزراعية، أجابت عن سؤال: «كيف يمكن الوصول لقرار اقتصادي سليم» فقالت:
على كل وزارة أن تقوم بوضع خطتها على ضوء الاعتمادات المخصصة لها، ولكن الأهم برأيي أن يتم وضع الخطط واتخاذ القرارات حسب الأولويات والأهمية، منطلقين من معطيات واقعية وحقيقية، للوصول إلى الأهداف المرجوة لا الآنية، بما يتناسب مع توجهات بلدنا ومبادئها وثوابتها، وهنا أشدد على الآنية، وأنا أدرك أن هناك قرارات يمكن أن تتخذ صفة الإسعافية اقتضتها أمور ظرفية طارئة، ولكن لا أعرف كيف يبرر المسؤول لنفسه قرارات لها صفة الآنية بشكل دائم؟
إذا استعرضنا تاريخ الاقتصاد السوري، وقمنا بوضع مقارنات تدلنا أين كان الوضع الاقتصادي في سورية، وأين أصبح، فإننا نستدل مباشرة إن كنا نسير في الطريق الصحيح الذي يحقق أهدافنا الاقتصادية أم لا؟
وهنا أجد من الضرورة طرح السؤال التالي: كيف يمكن أن يكون قرارنا الاقتصادي صحيحاً ونحن نسمع حتى الآن تصريحات من مسؤولين تنفي أن يكون هناك انعكاس للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السوري بحجة أننا لم نفتح سوق الأوراق المالية إلا مؤخراً؟؟ فإذا كنا لا ندرك عمق المشكلة والأزمة، فكيف سنتحضر لمعالجتها ولوضع الإجراءات والآليات التي تخفف من وقعها على مجتمعنا؟ وكدليل على ذلك أشير هنا إلى بعض الأمثلة؟
أ- هل تمت دراسة تداعيات رفع الدعم عن المحروقات على القطاع الزراعي والصناعي بشكل واقعي وعلى القدرة الشرائية للمواطن السوري؟
ب - هل جرى تقدير حقيقي وصحيح لتداعيات الأزمة المالية العالمية والتي تحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية، وهناك من يعتقد أن الأسوأ من آثارها سيدوم كحد أدنى إلى ما بعد عام (2011)، فكيف ستتم المعالجة خاصة وأنه من المتوقع أن تنحسر المساعدات العربية والاستثمارات الخارجية بسببها عن بلدنا؟ فماذا جرى من تحضيرات لاستيعاب القوى العاملة السورية التي يحتمل أن تعود إلى الوطن خلال الفترة القادمة؟
ج - هل تم النظر بمسؤولية إلى الآثار السلبية التي ظهرت نتيجة تأخر صدور قانون إصلاح القطاع العام الصناعي، والتأخر في الإصلاح الإداري الذي تحتاجه شركاتنا؟؟
د- هل تم اتخاذ تدابير فعالة لمواجهة التهريب والتهرب الضريبي (وكلنا يعلم أن مديرية الجمارك إحدى الموارد المالية الهامة للخزينة العامة) خاصة إيرادات الضرائب التي مصدرها القطاع الخاص والقطاع غير المنظم؟؟
هـ - دراسات وأبحاث كثيرة تناولت الوضع المائي الذي سيؤول إليه واقع مدينة دمشق، فماذا أعددنا له من خطط مستقبلية، مع العلم أن التحذير ودق ناقوس الخطر بدأ من سنين طويلة؟ فما هي الإجراءات والمشاريع التي أعددناها لتدارك هذا الخطر وللحد من الهجرة إلى قلب العاصمة طلباً للعمل وهرباً من الجفاف وخاصة في المناطق الشرقية من البلاد؟؟
هذا التأخر في اتخاذ القرارات المصيرية ألم يكن له تداعياته وآثاره السلبية؟
إن انعكاسات الأزمة المالية والتي تحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية ستترك آثارها السيئة على اقتصادنا، وسيتجلى ذلك في:
1 - ارتفاع أسعار المستوردات.
2 - انخفاض أسعار المواد الخام عالمياً، وبالتالي هبوط في موارد الاقتصاد الوطني وموارد خزينة الدولة.
3 - زيادة في معدلات البطالة، وبالتالي انخفاض في مستوى المعيشة للمواطن السوري والمجتمع ككل.
لذلك، ومن كل ما سبق، فإن من الضرورة القصوى والملحة برأيي التدخل الفعال للدولة في قطاع الزراعة والصناعة وتشجيع وتوسيع الاستثمار العام فيها.
- تشجيع الاستثمار الداخلي واتخاذ سياسات تحفيزية في هذا الاتجاه /مالية وسعرية وضريبية/ بهدف حشد كل الإمكانيات للقطاع العام والخاص.
- محاربة الفساد المتجلي في /الاحتكار والهدر والتهريب/ وإعادة النظر برفع الدعم عن المحروقات وإعادة توزيعه بشكل منطقي..
فأين القرارات الاقتصادية التي تخدم ما ذكرناه، خاصة إذا ما لاحظنا أن مقابل كل 100 قرار يخدم مصلحة التاجر يصدر قرار واحد يخدم الصناعي؟
ثم ألم يجد المعنيون أن قضية تأمين الأمن الغذائي في سورية له في الوقت الراهن أهميته الخاصة وضرورته الملحة، وطبعاً هذا لا يمكن تحقيقه بالاعتماد على الخارج (استيراد ومعونات)، بل يتطلب تغيير جميع السياسات الحالية لتحقيقه، وذلك بتوجيه الاستثمار في القطاعين الزراعي والصناعي.
وكمثال على ذلك تم إحداث صندوق دعم الفلاحين، ورصد المبالغ الكبيرة له، وهذا يعني قراراً اقتصادياً داعماً للفلاح والقطاع الزراعي، ولكن تأتي الشروط لتعرقل هذا القرار، ومنها أن يكون الفلاح الذي يستحق الدعم يملك بئراً مرخصاً، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في الوقت الحالي، فلمن الدعم إذاً ومن المعني بها؟؟؟
إذاً فالقرار الاقتصادي الفعّال هو القرار الذي يساهم في دعم الإنتاج الزراعي والإنتاج الحيواني، ويساهم في زيادة الموارد العامة، ويعزز دور الدولة التدخلي الإيجابي لتتمكن من القيام بمهامها والتي تتجلى في تحسين الوضع المعاشي لجميع المواطنين. وأخيراً أرى أن يتم إحداث هيئة تعمل على دراسة وتقييم القرارات الاقتصادية التي يتم اتخاذها وانعكاساتها على الواقع في جميع المجالات، ليتم تدعيمها واستكمالها في حال إيجابياتها، أو الحد على الأقل من آثارها السلبية في حال ثبوت عدم صلاحيتها وجدواها.
وليكن الدافع دائماً الوطنية والغيرية والمصلحة العامة قبل كل شيء..
إبراهيم اللوزة:
يجب أن تخضع الحكومة للمساءلة عن كل مخالفاتها للدستور وتوجهات القيادة
• النقابي المعروف الأستاذ إبراهيم اللوزة.. كيف تتم عملية صناعة القرار الاقتصادي في سورية؟!
لاشك أن القيادة السياسية هي التي تتخذ جميع القرارات بما فيها القرارات الاقتصادية، آخذة بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات في سورية والعالم، وتأتي الحكومة لتترجم وتنفذ هذه القرارات بما يتناسب ومصالح عامة الشعب، فإذا شاب التنفيذ بعض الأخطاء تتدخل القيادة مجدداً، وتسائل الحكومة وتحاسبها، ولطالما جرى هذا الأمر في الماضي..
بعد المؤتمر القطري الأخير الذي اتخذ قرار التوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي، أُعطي الضوء الأخضر للحكومة لترجمة هذا القرار لمصلحة الشعب، لكن أثناء التطبيق، راحت الحكومة تنفذ عكس ما أوصى به القرار تماماً، وأمعنت في سياسات ألحقت أضراراً كبيرة بالمواطن السوري والاقتصاد الوطني.. وأصبح قلة من الأغنياء يثرون كل يوم على حساب الوطن والشعب.
الحكومة تعمدت عدم وضع خطة لتنفيذ القرار بشكل سليم، وهكذا ضربت القطاع العام، فقبل اتخاذ إجراءاتها الليبرالية المدمرة، كان في سورية /7/ معامل متعثرة، وبعد إجراءاتهم أصبح /70/ معملاً خاسراً، ولم يقوموا بإصلاح هذه المعامل، بل تركوها عرضة للتخريب والتوقف، ورغم تشكيل /6/ لجان لدراسة واقع الصناعات في سورية شارك فيها القطاع العام والخاص واتخاذ النقابات العمل واقتصاديون وطنيون وأساتذة جامعة ورفعت هذه اللجان وتقاريرها، إلا أن الحكومة لم تأخذ بأية توصية، وهذ يعني وجود مؤامرة على الاقتصاد الوطني والصناعة الوطنية، وعلى الطبقة العاملة وعلى حياة الشعب ككل...
مع العلم أن المعامل السبعة لم تكن متعثرة، بل أسست أصلاً لتدعم الفلاحين والزراعة. الذين تأثروا ليس فقط الصناعيين بل الفلاحين والحرفيين خصوصاً بعد تحرير الأسواق.. في كل دول العالم هناك حماية للصناعة الوطنية، سياسة الحكومة موجودة سياسة ضد الوطن، وأنا أقترح أن تحاكم هذه الحكومة بجميع أعضائها، لأنها خالفت الدستور.
• طالما أن هذه الحكومة تخالف توجهات القيادة لماذا لا تتم محاسبتها؟ وما هو دور الجهات الرقابية في فضح هذه المخالفات؟
باعتقادي أن الحكومة تقوم بعملية تضليل، وخاصة الفريق الاقتصادي فيها، فهو يقدم مذكرات ومعلومات خاطئة للقيادة تبعد عنه مؤقتاً خطر المحاسبة، وفي الوقت نفسه يقيد المنظمات الشعبية، وخاصة اتحاد نقابات العمال، ويكتم صوتها ويحد من دورها بأساليب مختلفة لكي لا تقوم بفضح ما يجري..
ولكن هذا لن يستمر إلى الأبد، وقريباً سيُسألون أين التنمية؟ أين محاربة البطالة؟ أين رفع المستوى المعيشي؟ أين وعود الرخاء؟
• هل هناك جهات ضاغطة على القرار الاقتصادي الوطني المستقل؟
بالتأكيد، هناك صندوق النقد، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوربي... وما يثير الاستغراب أننا بدأنا نرضخ للضغوط ونقبل بالتوصيات بعد أن تدمرت جميع الاقتصادات الرأسمالية نتيجة الأزمة العالمية، فشرعنا بالخصخصة وحررنا التجارة والأسواق وأوجدنا البورصة والمضاربات في وقت بدأ العالم فيه بالتراحع عن هذه السياسات..
المسؤولون يقولون في تصريحاتهم إنهم مع القطاع العام، لكنهم في الواقع يعملون ضده. أوقفوا عمداً ثلاثة أرباع شركاتنا والباقي على الطريق ذاته.. وهم بهذا سيفلسون الوطن، ما سيؤدي لتجويع الناس وإفقارهم، وتشريد العمال، وهم في هذا الإطار يسعون لتعديل الدستور وخاصة المواد التي تحمي المواطن والقطاع العام والنهج الاشتراكي.
إذا أرادوا تعديل الدستور فليجروا استفتاءً، فإن وقف الشعب معهم ليفعلوا ما يشاؤون، ولكن قراراتهم ليست شعبية، وهناك تذمر واسع من توجهاتهم وسياساتهم في شتى أنحاء البلاد وفعالياتها السياسية والشعبية.
• برأيك ما هو السبيل لاستدراك التداعيات الخطيرة للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة في السنوات الأخيرة؟
برأيي، يجب إعادة النظر بكل السياسة التي سلكتها الحكومة، والعودة للإجراءات التي تحمي مصالح الشعب والاقتصاد الوطني برافديه القطاع العام والخاص. وهناك عدد كبير من المواطنين المخلصين للوطن يدرسون اليوم إقامة دعوى بالمحكمة الدستورية ضد الحكومة لمخالفتها الصريحة والمتكررة للدستور.. أنا أستغرب كيف تقوم وزيرة العمل بتحريض أرباب العمل ضد العمال، وكل فترة تصدر قراراً بإعفائهم من الغرامات؟ وتقوم بالاستعانة بالبنك الدولي ليرسم لها قانون التأمينات الاجتماعية رغم أن هذا القانون هو ثمرة نضال العمال لسنين.. مدعية أن هناك توجيهات رئاسية بذلك، بينما من يوجهها هو البنك الدولي؟
ليس من المعقول أن توجه القيادة السياسية بتدمير 3 ملايين عائلة في هذا البلد، هل من المعقول أن تدمر قواعدها الأساسية بهذه الإجراءات؟ الوزيرة مصرة على إلغاء المرسوم /49/ لأنه فيه حماية للعمال بدعوى تنشيط الاستثمار وفتح المجال له!! إنها مخلصة للبنك الدولي والمؤسسات الدولية فقط!! وإلا بأي حق تلغي معامل السجاد والنسيج في الريف بحجة أن هناك خسارة، بينما توجيهات القيادة تدعو للتنمية الريفية؟ عقيلة السيد الرئيس أثناء زيارتها للهند، زارت مسؤولي التنمية الريفية هناك، واطلعت على ما فعله الهنود لتنمية الريف، وهي مصرة على تنمية الريف السوري، فكيف تسير وزيرة في الحكومة عكس هذا التوجه؟
إن سياسات الحكومة أوصلت البلاد إلى حافة كارثة اجتماعية خطيرة، فمعدل الجريمة إلى ازدياد، وكل يوم نسمع عن جريمة جديدة بسبب الفقر، وكذلك البطالة إلى ارتفاع، وهناك مؤامرة على الضمانات الاجتماعية والصحة والأمن الغذائي.. إن كل شيء يسير لمصلحة الفاسدين وأعداء الوطن، وهذا يجب ألا يستمر.
زهير غنوم:
حتى الآن.. لا يوجد عندنا قرار اقتصادي
• والتقينا النائب السابق الأستاذ زهير غنوم وسألناه عن رؤيته للقرار الاقتصادي بسورية، فقال:
سأتحدث بكثير من الصراحة والصدق والشفافية.. لن أكون مبالغاً إذا قلت إنه ليس هناك من قرار اقتصادي، لأن القرار له مقوماته، ويجب أن يكون قراراً حقيقياً يتناسب مع الظروف الموضوعية وظروف المواطن على حد سواء، لذلك من خلال تجربتي وتعايشي مع المجتمع والدولة، وكوني كنت عضواً في مجلس الشعب سابقاً، فإنني أؤكد أنه حتى الآن لم أرَ قراراً اقتصادياً حقيقياً.
• إذاً كيف يسير الاقتصادي السوري؟
الاقتصاد السوري تأثر بانهيار الاتحاد السوفييتي أكثر مما أثرت عليه الأزمة الحالية للرأسمالية، إذ كنا نمشي في خط محدد، معتمدين الكثير من التوجهات الاشتراكية، لكن الانهيار أثر علينا، فقررنا أن نسير في طريق آخر، ولكننا حتى الآن لم نوجد ما يلزم لاتخاذ القرار المناسب، لأنه ليس لدينا خبراء اقتصاديون حقيقيون، هناك دكاترة اقتصاد ودكاترة سياسة ومتعلمون، لكن ليس هناك خبرات اقتصادية للأسف، تستطيع أن تبرمج وتنظم المرحلة الانتقالية التي مازلنا نحاول اجتيازها، لذلك نحن لم نصل إلى القرار الحقيقي العلمي الواقعي.. أنا سمعت من الرئيس بشار الأسد دعوته الواضحة والجادة للتطوير والتحديث، ولكن هناك من يضع المعوقات في وجه التطوير ليبقى مجرد أمنيات، ما العيب أن نأتي بالخبرات؟ نحن نصرف القليل والكثير، فلم لا نستعين بالخبرات..
أنا لم أرَ حتى الآن قراراً اقتصادياً سليماً وصحيحاً، القرار الاقتصادي له مقومات أولها نسف الروتين والبيروقراطية، وأن نكون صادقين مع أنفسنا، أن نرى ما نريد، أن نرى رؤية حقيقية لظروف مواطننا لربطه مع الدولة فهذا الارتباط حتى الآن غير موجود. يجب أن نعالج هذا الموضوع على أساس موضوعي علمي، لنتمكن من مناقشة المواضيع الحساسة كالزراعة والصناعة والسياحة بشكل واضح.. نحن بحاجة لصنع قرار اقتصادي، ولكن قبل كل شيء نحن بحاجة لقرار سياسي لإصلاح ما أفسد، ما يدعو للتفاؤل أننا كثيراً ما بتنا نسمع في مؤسسات الدولة وفي الشركات العامة، أن الجهة الفلانية وضعت يدها على نقطة فساد، وهذه خطوات لا بأس بها، لكننا بحاجة إلى خطة عامة وتفصيلية لمحاربة الفساد، الإجراءات الخاصة لا تنفعنا، بل تزيد الفاسد فساداً، فمواطننا متضرر سواء ارتفعت الأسعار في العالم أو انخفضت.
• في ظل هذا التخبط؟ من الذي يسوق الاقتصاد به؟ وما هو دور الجهات الرقابية المتعددة؟
أرى أن هناك طبقة من الفاسدين هي المتحكمة بكل شيء، وكنت أردد هذا في مجلس الشعب كثيراً، هناك طبقة اسمها (المضللون) هم قمة الفساد الذين يضللون القيادة وينفذون القرار بالطريقة التي تخدمهم.. وهؤلاء ليسوا أشباحاً، بل أشخاص معروفون للجميع. موضوع الإصلاح هو الشغل الشاغل لرئيس البلاد والقيادة السياسية، لكن إنجازه لن يتم قبل أن نضع يدنا على هؤلاء المضللين، وهذا يحتاج إلى استقرار البلد نوعاً ما خارجياً، ولعل هذا ما نحن سائرون باتجاهه.. وبالتالي هناك أمل كبير أن يجري البدء في موضوع الإصلاح بشكل حازم.
• هؤلاء «المضللون» هل لهم ارتباطات خارجية من وجهة نظرك؟.
هؤلاء يخدمون أنفسهم فقط، لأنهم عاجزون حتى عن خدمة بيوتهم. المضلل له مواصفة أنه أناني، يعمل بالتضليل حتى لا يستطيع أحد أن يصل إلى مطارح الفساد التي يتربع عليها ويستنزفها. ومن صفاته أنه دائماً يتحدث عن الوطن والإخلاص له، وأكثر من يرفع الشعارات المزيفة ليضلل كل الشعب السوري، لذلك لا خلاص لنا إلا بتطوير التشريع ليطال كل من أصبح متنفذاً وخارج المحاسبة، نحن بحاجة أن نصنع القانون صناعة حقيقية، لا أن يصوت معظم أعضاء مجلس الشعب على قانون لا يعلمون عنه شيئاً.. نحن بحاجة إلى خبرات حقيقية تدرس القانون دراسة حقيقية.
• أنت ترى أننا بحاجة إلى خبراء وخبرات، ولمن تحت هذا الشعار يتم الآن استيراد واعتماد كل المقترحات والتوصيات الوصفات المقدمة من صندوق النقد والبنك الدولي والمؤسسات الإمبريالية العالمية...
أنا ضد ذلك كلياً، ولكننا بحق بحاجة إلى عملية إصلاح شاملة في كل القطاعات، بشكل يخدم الوطن والمجتمع والقوى والفعاليات الحية والمنتجة، وليس بما يكرس مصلحة أقلية ناهبة على حساب أكثرية منهوبة.. الإصلاح علم حقيقي، ولا يمكن أن يتم التطور دون الاعتماد على الخبرات.
• ألا يمكن للكوادر الوطنية أن تنجز هذا الإصلاح وهذا التطور؟
الكوادر الوطنية جيدة ولكنها بحاجة لتتعلم. بعض البلدان طورت نفسها عبر استقدام خبرات غير محسوبة على هذه المؤسسة الدولية أو تلك، وأظن أن هذا ما أراده الرئيس بشار الأسد في كلمته في افتتاح الدور التشريعي الثامن، ولكن نحن نكابر، سمعت منذ أيام أنه سمح للتجار استيراد القمح الطري، أنا أرى أن هذا القرار الاقتصادي غير سليم وغير حقيقي وغير مدروس، وأرتجف عندما أسمع مثل كهذه قرارات. نحن لم نتعلم في سورية أن المواد الاستراتيجية يجب ألا يقترب أحد منها، فلو أن لدينا خبرات هل كان هذا ليحدث؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.