الاقتراض الخارجي يحدث خللاً بالتوازنات الاقتصادية

مرحلة جديدة ينوي من خلالها بعض المسؤولين نقل الاقتصاد الوطني لمواقع غير مرغوبة، وجعله رهينة بيد الدول الكبرى ومؤسساتها الدولية، عبر سياسة الاقتراض من الخارج، هذه الاستدانة التي لن يتحمل الاقتصاد الوطني أعباءها بعد خمس سنوات فقط، فلبنان دفع إلى الآن 40 مليار دولار كخدمة لديونه، أي أن فوائد قروضه الداخلية والخارجية تعدت حجم القروض الأساسية بأضعاف، كما أن هذا البلد الشقيق المجاور لم يستثمر على أرض الواقع سوى 12% من الحجم الإجمالي لقروضه، فكم سيستثمر السوريون فعلياً إذا ما استدانوا؟!

هذا بعض ما أكده د. حيان سلمان في الزميلة صحيفة الثورة - 18-10-2010.- ولأهمية هذا المقال الذي خصصه للحديث عن مساوئ الاقتراض الخارجي من البنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية نورد أجزاءً منه..

أشار د. حيان في بداية مقالته أنه ليس من المعقول التوجه إلى مؤسسة البنك الدولي سيئة الصيت والاستدانة منها، إضافة إلى أنه في هذه الحالة سيكون الهم الأساسي في الخطط الخمسية القادمة تسديد هذه الديون، لذلك استغرب ذلك!

وأضاف د. حيان، أن الاقتراض الخارجي يعتبر من أكثر العوامل المسببة للخلل في التوازنات الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الكلي، وحتى الجزئي، ولذلك تسعى كل دول العالم لتقليل حجمه من عام إلى آخر من خلال زيادة صادراتها، وترشيد مستورداتها، لتخفف من أصل الدين ومن أعباء خدمته، وإذا زاد حجم الديون الخارجية عن نسبة ما فإنها ستؤثرّ سلباً على سمعة الاقتصاد الوطني، وعلى الجدارة الائتمانية، والسمعة المصرفية، وتترافق عادة مع إملاءات خارجية مثل تطبيق وصفات المنظمات المالية الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي للإنشاء والتعمير، والذي يتدخلّ بشكل مباشر وغير مباشر في النهج الاقتصادي المعتمد مثل الخصخصة، وتحرير التجارة الخارجية، وتعويم أسعار الصرف، وانخفاض القوة الشرائية، وتحديد برامج جدولة الديون وفقا لرغبات خارجية ....الخ.

وأضاف د. حيان: كلنا نتذكر ما حدث في أمريكا اللاتينية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي من أزمات اقتصادية من جراء تراكم وزيادة الديون الخارجية عليها، مما عرضّها للكثير من تدخل الدول الأخرى وابتزازها من كل الجوانب، وهناك الكثير من الدول التي تعاني من أخطار اقتصادية بسبب عجزها عن تسديد الديون أو أعباء خدمتها، أي فوائد خدمة الدين، وهذا أثرّ على الأهداف التنموية وترتيب الأولويات بما ينسجم مع عجلة الاقتصاد للدائنين و عدم الاستغلال الجيد للموارد المتاحة، ومن هنا يقال إن تراكم الديون الخارجية يؤدي إلى انتقاص من استقلالية القرار الوطني بجانبيه السياسي والاقتصادي، وعند مناقشة حجم الدين العام ( الداخلي + الخارجي) يجب أن نفرق بين الديون الداخلية والخارجية والفصل بينهما، لأن الديون الخارجية أكثر وأشدّ ضرراً من الديون الداخلية.

وذكّر د. حيان أن أرقام الدين الحالي على سورية ليست بقليلة، فإجمالي الدين العام في سورية بلغ نسبة 43% من الناتج المحلي الإجمالي، لكنه انخفض في عام 2006 إلى 37%، وفي عام 2007 إلى 32،5% وبعض الدراسات تؤكدّ أنه انخفض إلى حدود 26% في عام 2009.