نزار عادلة نزار عادلة

إلى متى ستبقى مافيا العقارات والفساد فوق القانون؟!! السطو على أملاك المواطنين والفلاحين بثمن بخس يهدد الأمن الاجتماعي

منذ سنوات، وحديث الجهات الحكومية في سورية يدور حول المخالفات والمخططات التنظيمية، واتخذت قرارات، وانشغل القضاء السوري بمئات الآلاف من الدعاوى التي اقامها المتضررون ضد الدولة والتجار وأصحاب النفوذ، فجبال وحدائق وأراضي دولة تحولت إلى ملكية أفراد بطابو أخضر.. وهكذا، مع الغياب الكامل للدولة، ومخططاتها التنظيمية، راح أفراد غير قلائل بجميع المدن السورية يسرحون بأراضي الدولة، وأراضي الآخرين.

المخططات التنظيمية غائبة على الرغم من أنها توضع في دول العالم لـ/50/ سنة قادمة، وعند وضع بعضها يكون لمصلحة مافيا الفساد والعقارات التي تشرعنت، وأخذت شكلها القانوني مع تواطؤ عدد متزايد من مجالس المدن والبلديات، وبينما كنا مع أفراد يصادرون ويستولون ويبيعون ويشترون بحكم النفوذ، أصبحنا الآن مع مؤسسات جهات جاءت بانتخابات «ديمقراطية».. تم كف يد أكثر من /37/ عضواً ورئيس مجلس مدينة منهم خلال عام.

إن هذه المجالس باتت حلماً لكل راغب بالإثراء غير المشروع عبر انتهاك القانون وتجاوزه، وإقامة حلف مع مافيا العقارات التي أقامت الأحياء والمدن المشوهة وبيوت الصفيح، ضاربين عرض الحائط بملكية الدولة وملكية الأفراد. 

في دير بعلبة

في دير بعلبة شرقي حمص، تم استملاك آلاف الدونمات الزراعية، والتي تصل مساحتها إلى 1200 دونم كانت مزروعة بالزيتون، والعنب، واللوز، والقمح، علماً أن ملكيتها تعود للفلاحين منذ عهد الاحتلال العثماني، وذلك بهدف التوسع في المنطقة الصناعية، وتم إخراج الأهالي من ديارهم وأراضيهم، على الرغم من وجود مساحة /3000/ دونم كأرض صخرية تصلح لمنطقة صناعية، والقضية ببساطة تعتبر عملية سطو وفساد، لأن التعويض كان بسيطاً.. أما في مدينة حماة، فقد تم استملاك بعض أراضي الفلاحين بسعر /8/ ل.س للمتر، بينما تم بيعها بمبلغ عشرة آلاف ل.س لمستثمرين.

في المعصرانية

وفي حلب المعصرانية استملكت المؤسسة العامة للإنسان بعض المقاسم عن طريق تنازل مجلس مدينة حلب للإسكان عن استملاكها، بالرغم من وجود سندات ملكية عبر حكم فضائي لـ /791/ منزلاً، وقد جرت احتجاجات من جانب الأهالي، وتبين فيما بعد ظهور سماسرة عقاريين أقاموا اتفاقاً مع موظفي الإسكان..

وفي اللاذقية تضرر آلاف الفلاحين من الاستملاك السياحي وللأراضي الزراعية الموجود عليها بيوت لخدمة بالكهرباء، والري، ولا تصلح للسكن، لأنها مزروعة بالجمعيات، وكان التخمين غير منصف وعشوائياً ومزاجياً. ويتساءل الفلاحون: أين الاستثمار السياحي؟! ولمن سنقدم هذه الأراضي؟!

وفي جديدة عرطوز بريف دمشق، يضم تجمع النقل أكثر من /50/ ألف إنسان في أبنية عشوائية، وتم الاستيلاء عليها بعد حرب 1967، وعلى هذه المنطقة إشارة استملاك، ويشتكي الملاك من عدم تعويضهم، في حين تجري في تجمع النقل بورصة حقيقية، وتمتلئ المنطقة بالمكاتب العقارية، وقد كان سعر القصبة قبل 10 سنوات مئات الليرات السورية، وحالياً تباع القصبة بـ 200 ألف ل.س، والبيع على الورق. 

وفي رقية

وفي قرية «جدوعة» شرقي حماة جرى إقرار مخطط تنظيمي للقرية «تجميل»، والغاية تجميع الأراضي لتسهيل استثمارها، في حين فتتت الأراضي، واعترض أهالي القرية على ذلك، وعلى منح أراضي لمن لا يملك، واقتطاع أراضي من ملاكها، وقد ضرب «التجميل» الحزام الأخضر بالقرية، ولكن بقيت الحكومة تأخذ مساعدات من الاتحاد الأوربي للحزام الأخضر، ورائحة الفساد أزكمت الأنوف في القرية من خلال تقاسم مكاسب بين مسؤول الفرقة الحزبية ورئيس البلدية والقاضي العقاري.

وسط هذه المعمعة وصلت أسعار الأراضي إلى مبالغ خيالية خصوصاً في دمشق تفوق الأسعار في هونغ كونغ، ووسط هذا الفساد المرعب نشأت فئات عقارية حديثة النعمة، ويقوم مخططو الإفساد في الدولة ورجال العقارات بالسطو على أملاك المواطنين والفلاحين بثمن بخس، وهذا يشكل عام تهديداً للأمن الاجتماعي. 

وماذا عن الساحل؟!

وبالانتقال إلى الساحل، نجد في رأس البسيط باللاذقية نموذجاً آخر من الاستملاكات العشوائية، حيث تقام الشاليهات العمالية بجهود الحركة النقابية، وقبلها منطقة البدروسية، وهذه المنطقة مستملكة منذ أكثر من 25 سنة، ورغم ذلك لم يخرج المخطط التنظيمي إلى النور!!.. وهي بذلك تشبه منطقة «عش الورور»، والتي أقيمت فيها عشرات البيوت الخشبية والخيم، بالإضافة إلى بعض الشاليهات التي أقامها أصحاب النعم، وذوو النفوذ، والتي تؤجر بمبالغ كبيرة حيث تقدم كافة الخدمات من مياه إلى صرف صحي إلى عمال تنظيفات إلى أبسط الخدمات.

وفي رأس البسيط أقيمت فنادق وشاليهات للقطاع الخاص، وهي مستملكة أيضاً ما عدا الشاليهات العمالية، ويتساءل السكان، أين وزارة السياحة؟! وأين المخطط التنظيمي؟! من المؤسف أنه عند السؤال عن أسباب عدم تنظم البدروسية، وهي من أجمل المناطق في سورية، قيل لنا إن أكثر سكانها ليسوا من سورية، ولا يحملون الجنسية السورية!!

أليست البدروسية أرض سورية ويجب تنظيمها؟!!