الخطة الحادية عشرة توضع تحت رحمة القطاع الخاص!
أعلنها د. عامر حسن لطفي رئيس هيئة تخطيط الدولة بصراحة في الثلاثاء الاقتصادي الأخير يوم 15/3/2011، واعتبر أن الخطة الخمسية الحادية عشرة ستقوم على محورين أساسيين، الأول توجيهي ملزم للحكومة، والتي تشكل نسبتها /35%/ من الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تنفيذ الموازنات، والإنفاق الاستثماري. بينما على الضفة الأخرى، سنجد القطاع الخاص الذي سيساهم خلال الخطة بما تبقى من نشاطات اقتصادية! وهذا الدور تأشيري، ولا يمكن إلزام القطاع الخاص به عبر القرارات الحكومية، لا بل إن دورها سيقتصر على اتخاذ التدابير المساعدة لخلق البيئة التمكينية لدفع الخاص لإصابة الأهداف الموضوعية في الخطة.
كلام لطفي جاء في محاضرته ضمن فعاليات جمعية العلوم الاقتصادية، والتي حملت عنوان «التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية»..
في الجانب التحليلي للوضع الراهن، اعترف د. لطفي بأن الخطة الخمسية العاشرة أخطأت في الكثير من القضايا، فالجانب الاجتماعي لم يستجب لعملية الانتقال بالشكل المناسب، لذلك يجب أن تكون الخطة الحادية عشرة اجتماعية بامتياز. فقد لوحظ أن الخطة العاشرة لم تنعكس بدرجة عادلة على مكونات المجتمع السوري، وخصوصاً على أصحاب شرائح الدخل المنخفض، والتي لم تحصل على مقابل من هذا النمو، لذلك فالنمو في الحادية عشرة يجب أن يكون محابياً للفقراء، وعمومي النفع. كما عجز الاقتصاد السوري عن خلق فرص العمل الكافية، لأن الجزء الأكبر من الاستثمارات الخاصة والعربية والأجنبية ذهب للقطاعات الخدمية والتجارية.
ونوه رئيس هيئة تخطيط الدولة إلى أن مراكز القوى الرئيسة في المجتمع السوري شاركت في وضع الخطة الحادية عشرة، كالمجتمع الأهلي، والأحزاب السياسية، البرلمان.. (؟).
هدف وتعليق..
الخطة – بحسب د. لطفي- تهدف إلى تحقيق نمو في القطاع الزراعي بنحو 2.3%، والقطاع الزراعي ليس لديه القدرة على تحقيق أكثر من هذا المعدل من النمو، معتبراً أن القطاع الزراعي لكي يكون قادراً على تحقيق معدلات نمو أكبر يحتاج إلى 3 – 4 سنوات أخرى، كما أشار إلى أنه تم رصد 273 مليار ليرة من الاستثمارات الحكومية للقطاع الزراعي، وهذا ما اعتبره أحد المتداخلين، أنه اعتراف صريح بأهمية القطاع الزراعي بشكل خاص، والحقيقي بشكل عام في خلق فرص العمل، والنهضة بالاقتصاد السوري. وقد أشار بعض الاقتصاديين إلى الخلل في بعض الأهداف التي وضعتها الخطة الحادية عشرة.
وأوضح د. لطفي أن الخطة الحادية عشرة تهدف لتحقيق ما بين 65 -67 ألف فرصة عمل سنوياً، مبرراً هذه الفرص المتدنية قياساً بعدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل، بأن جزءاً كبيراً من الشباب يذهب لإعداد ذاته، وهذا ما يؤخر دخوله إلى سوق العمل، بمعنى أن دخول الشباب إلى سوق العمل ليس في سن /18/ حصراً، وهذا ما اعتبره أحد المتداخلين سيؤدي أوتوماتيكياً إلى زيادة نسبة البطالة، حيث أشار إلى أن فرص العمل المرصودة في الخطة إذا ما تحققت فإنها ستزيد معدل البطالة بنسبة 1%..
وأثار تمييز د. لطفي بين نوعين من التخطيط استغراباً عند بعض الاقتصاديين، الأول توجيهي ملزم للحكومة، والأخر تأشيري للقطاع الخاص وهو يشكل /60%/ من مستقبل الخطة، وهو غير ملزم، حيث أشار أحد الاقتصاديين إلى أن مجرد لفظ كلمة تخطيط تعني الإلزام، والذي يتم من خلال تهيئة الظروف التي تدفع المستثمرين لهذا المشروع أو ذاك، كما أن الإلزامية ليست تهيئة المناخ المناسب للتنفيذ فقط، وإنما تتجسد بأن تكون الدولة ملتزمة أيضاً.
طموحات
وعدد د. عامر لطفي رئيس هيئة تخطيط الدولة طموحات الخطة الخمسية الحادية عشرة، في مجال التنمية البشرية، أشار إلى أن «الخطة تولي أهمية خاصة لقطاعات التنمية البشرية (الصحية والتعليمية والثقافية والخدمية)، ويتجلى ذلك من خلال زيادة حجم الاستثمار العام إلى ما يقارب /700/ مليار ليرة سورية خلال سنوات الخطة (نحو /30%/ من إجمالي الإنفاق الحكومي الاستثماري)، ففي مجال التعليم والثقافة سيبلغ الاستثمار العام حوالي /240/ مليار ليرة سورية اي بنسبة زيادة /100%/ عن استثمارات الخطة الخمسية العاشرة، وتبلغ استثمارات القطاع الصحي نحو /107/ مليار ليرة سورية، أي بنسبة زيادة /280%/ عن استثمارات الخطة الخمسية العاشرة، وتصل الاستثمارات في مجال الحماية الاجتماعية إلى /21/ مليار ليرة سورية، أي بنسبة /800%/ عن استثمارات الخطة العاشرة، كما تسعى الخطة لخفض معدل النمو السكاني إلى /2.1%/ بدلاً من /2.45%/ حالياً».
وبالانتقال إلى مجال البنية التحتية، أوضح د. لطفي أنه «سيتم زيادة حجم الاستثمار العام المخصص لكل من قطاع الطاقة، والنقل، والاتصالات، وتسريع عملية دخول القطاع الخاص وخاصة من خلال المشاريع المشتركة مع القطاع العام (PPP) في هذه المجالات، وذلك بهدف تطوير بنية تحتية قوية ومتطورة تخدم احتياجات النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية»، والتي تتشكل من:
بنية متطورة للطاقة الكهربائية التقليدية والمتجددة باستثمارات إجمالية /376/ مليار ل.س، جزء منها من القطاع الخاص، تشمل التركيز على كفاءة الطاقة في جانبي العرض والطلب.
شبكة اتصالات ومعلوماتية متطورة تشمل توسعاً كبيراً في البنية الفقارية للمعلومات والهواتف الأرضية، ودخول مشغل ثالث للخليوي وتطبيق قانون الاتصالات الجديد باستثمارات عامة تصل إلى /76/ مليار ل.س واستثمارات خاصة توازيها.
تطوير شبكة النقل بما في ذلك شبكة الطرق السريعة والمرافئ والمطارات والمراكز اللوجستية والسكك الحديدية بما يخدم توسع التجارة والاستثمار، ويترجم دور سورية الإقليمي باستثمارات عامة تقدر بنحو /284/ مليار ل.س واستثمارات خاصة واسعة.
إنشاء وتطوير نحو /25/ منطقة صناعية استثمارية لخدمة الصناعات الصغيرة والمتوسطة وحضانة المبادرات الشابة إضافة إلى استكمال المدن الصناعية القائمة.
تطوير شبكات المياه والصرف الصحي وبرامج إدارة النفايات الصلبة وتحسين نوعية هذه الخدمات عبر استثمارات عامة تصل إلى نحو /100/ مليار ل.س.
أهداف مشروطة
أما في مجال النمو الاقتصادي، فبيّن د. لطفي أنه سيتم «إعطاء الأولوية للاستثمار في القطاعات الاقتصادية الحقيقية (الزراعة والصناعة) المولدة للدخل، وفرص العمل المستدامة، بالإضافة إلى تحسين إدارة الموارد المائية لتفادي مواجهة حالة الفقر المائي المدقع، والاستمرار في تامين الأمن الغذائي السوري، واستمرار قطاع الزراعة كقطاع هام في النمو والتشغيل، وذلك عبر تطبيق الري الحديث، وتنفيذ مشاريع السدود والمناطق الزراعية الصناعية المتخصصة، وتوسيع تطبيق صندوق الدعم الزراعي، وصندوق التحول إلى الري الحديث وباستثمارات عامة تصل إلى نحو /293/ مليار ل.س، إضافة إلى استثمار خاص لا يقل عن /100/ مليار ل.س. وفي مجال الصناعة التحويلية سيتم التركيز على تحقيق أعلى إنتاجية وتنافسية وقيم مضافة في الصناعة السورية باستخدام صندوق دعم الصادرات وصندوق جديد لدعم الصناعة، وسياسة التجارة الخارجية والداخلية كأدوات لتوجيه الاستثمارات الصناعية، وباستثمار عام يصل إلى /55/ مليار ل.س، وخاص يقارب /450/ مليار ل.س.
وربط د. لطفي بين تحقيق أهداف الخطة المتعلقة بخفض الفقر والبطالة، وزيادة التنافسية بتحقيق معدل نمو لا يقل عن /5.5%/ على مدى سنوات الخطة، والمرتبطة بالقدرة على جذب استثمارات عامة وخاصة لا تقل عن /4000/ مليار ل.س، تصل حصة الخاص فيها إلى 50%!..