«الكحل أحسن من العمى» يكرّس ارتفاع الأسعار...
قد لا يكون المثل الشعبي القائل بأن «الكحل أحسن من العمى» بالمقبول لدى أغلب المستهلكين السوريين،
لأنه كرّس منطق ارتفاع اسعار السلع في السوق المحلية بشرط توفرها، فتوفر المادة مهما كان سعرها مقبول لدى بعض الأوساط الرسمية بهدف تبرير جزء من عجزها، إلا أن للمستهلك ردوده وتساؤلاته هو الآخر، فإذا ما ارتفعت الأسعار وتوفرت المادة، فمن هي الشريحة التي سيكون لديها سعر تلك المادة مقبولاً؟! ومن سيكون قادراً في هذه الحالة على شراء تلك المواد؟! ومن هي الشريحة التي يقصدونها؟! ألن تقف الأسعار في هذا الوضع عائقاً في وجه امتلاك عدد غير قليل من السوريين الجزء الأكبر من المواد والسلع التي هم بحاجتها، خاصة وأن 80% إن لم نقل أن 90% من السوريين هم من ذوي الدخول المتواضعة، والذين لا تتناسب دخولهم وحجم ارتفاع الاسعار، لتضع تلك الارتفاعات حاجزاً بينهم وبين امتلاك وشراء تلك المواد، لتبدأ المفاضلة في الأولويات الذي تفرضه الضرورة..
فالعجز عن ضبط الأسواق لا تخفيه الأجهزة الحكومية، والذي يعود إلى عقود ماضية، باتت معها الأدوات الحكومية المتخلفة و»الصدئة» غير قادرة على حماية مستهلك يئن تحت الضربات الموجعة لارتفاع أسعار السلع والمواد في الأسواق المحلية وخاصة الأساسية منها، فهذا العجز كرّس السوق السوداء أمراً واقعاً، وضرورياً في بعض الأحيان لتأمين حاجة البعض، ليس في مجال بيع العملات الأجنبية فقط كما كان معهوداً، بل دخل تجار تلك السوق إلى المشتقات النفطية والخبز وسواها من المواد «المأزومة» بالمعروض منها في الأسواق الداخلية، مما ثبّت تحالف القرارات الاقتصادية الخاطئة في الماضي مع تجار الأزمات في الحاضر لإنهاك قدرة شرائية لم تعد قادرة على الصمود في وجه موجات ارتفاعات الأسعار المتلاحقة..