الثلاثاء الاقتصادي: أسعار الأسهم في بورصة دمشق.. مثيرة للشك! د. الميداني: المضاربون يستغلون القيود لرفع الأسعار

أكد استشاري المصارف والتمويل د. محمد أيمن الميداني أن البورصة السورية بشكلها الحاضر لا تمثل الوجه الحقيقي للاقتصاد السوري، موضحاً أن الاقتصاد السوري يتألف من عدد كبير ومتنوع القطاعات، ولكن التمثيل الأهم في سوق دمشق للأوراق المالية حالياً هو للمصارف.

 

ولفت د. الميداني خلال محاضرة ألقاها الثلاثاء الماضي 22/3 تحت عنوان «تطور أسعار الأسهم في سوق دمشق للأوراق المالية»، إلى أن غياب شركات تمثل القطاعات الأخرى من الاقتصاد السوري (صناعة، زراعة، تجارة، سياحة، نفط..الخ) عن البورصة قد يعود إلى ندرة الشركات المساهمة المغفلة في هذه القطاعات، وتابع أن المصارف التقليدية الخاصة المرخصة العاملة (وهي 11) أصبحت كلها مدرجة في بورصة دمشق، ومن المصارف الإسلامية مدرج حالياً واحد من ثلاثة، ولذلك يمكن القول إن بورصة دمشق تغلب عليها الشركات المصرفية، ويتبدى ذلك بوضوح من حجم وقيمة التداول في السوق، فقد حصل قطاع المصارف على 8.4 من 9 مليار ليرة سورية، أي 93% من قيمة التداول في السوق عام 2010.

وفي سياق المحاضرة التي جاءت ضمن برنامج ندوات الثلاثاء الاقتصادي، أكد د. الميداني أنه من الممكن القول إن ارتفاع أو انخفاض مستويات أسعار الأسهم في بورصة دمشق من فترة إلى أخرى لا يعبر ولا يعكس حقيقة تطور النشاط الاقتصادي أو معدلات النمو الاقتصادي في سورية، كما أن تطور مؤشر السوق لا يمكن اعتباره مؤشراً قائداً للدلالة على اتجاهات النشاط الاقتصادي المتوقعة في المستقبل.

وكذلك أوضح د. الميداني أن التعاملات في بورصة دمشق شهدت نمواً صارخاً حيث انتهى عام 2009 على حجم تداول 1.7 مليون سهم وقيمة تداول 1.66 مليار ليرة موزعةً على 6.798 صفقة تمت في 93 جلسة تداول خلال العام، وفي العام 2010 تطور حجم التداول إلى 6.88 مليون سهم بقيمة 9.06 مليار ليرة موزعةً على 36.682 صفقة تمت في 171 جلسة تداول، وتطورت قيمة الرسملة السوقية من 61 مليار ليرة في 2009 إلى 144 مليار ليرة في 2010، مرتفعةً بنسبة 136%.

أما مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية والذي وضع في التطبيق اعتباراً من جلسة تداول 4/1/2010 فقد ارتفع حسب قول د. الميداني من 1.000 إلى 1.719.04 نقطة في 30/12/2010، أي بنسبة 72%، وتعتبر هذه من أعلى معدلات نمو مؤشرات البورصة في العالم، حيث ما زالت اقتصاديات العالم تعاني من تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي، ومن معدلات بطالة مرتفعة وضعف في الأنظمة المالية والمصرفية بفعل التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية وما سببته من كساد اقتصادي، إضافةً إلى أزمة عجوزات الموازنة وتفاقم الديون السيادية وعدم المقدرة على السداد في بعض دول الاتحاد الأوروبي.

وأشار د. الميداني إلى أن حركة السوق التصحيحية التي حدثت منذ أواخر كانون الثاني وشهر شباط والنصف الأول من آذار 2011، موضحاً أن مؤشر سوق دمشق تراجع في نهاية شباط بنسبة 5.23% عن مستواه في نهاية 2010، كما تراجع عن مستواه في نهاية 2010 بنسبة 10.42% حتى 17 آذار، وتراجعت قيمة الرسملة السوقية إلى 136 مليار ليرة للتاريخ نفسه محدثةً خسارة بقيمة 8 مليار ليرة منذ نهاية 2010.

وفي موضوع تطور أسعار الأسهم أوضح د. الميداني أن هذه الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال عامي 2009 و2010 بالنسبة إلى أسعار إدراجها في البورصة، ففي العام 2009 ارتفعت أسعار الأسهم الـ12 المدرجة بنسب عالية تراوحت ما بين 30 و210%، وفي 2010 ارتفعت أسعار 17 من 19 سهماً   ًمدرجاً وتراجعت أسعار سهمين، وتراوحت نسب الارتفاع في أسعار الأسهم بين 6.43 و135.65%، وأشار د. الميداني إلى أن نسب ارتفاع أسعار الأسهم كان من الممكن أن تكون أعلى لولا تعديلها بتخفيض السعر المرجعي للسهم.

وبعد عرضه لتطور أسعار السهم إفرادياً من أسهم القطاع المصرفي، تساءل د. الميداني عما إذا كانت زيادة الأسعار مبررةً، فهل الزيادات السريعة والكبيرة في أسعار الأسهم لها ما يبررها على ضوء العوامل الجوهرية؟ وتابع إنه للإجابة عن هذا السؤال قام بتحليل عينة منتقاة من خمسة مصارف ارتفعت أسعار أسهمها بأعلى النسب عام 2010، حيث ارتفع سعر سهم بنك بيبلوس بنسبة 135.65% عن سعر الإدراج خلال 13 شهراً، وارتفع سعر سهم بنك الأردن بنسبة 89.5% عن سعر الإدراج في 6 شهور، وارتفع سعر سهم بنك قطر الوطني بنسبة 79% عن سعر الإدراج في 8 شهور (علماً أنه تم إجراء تعديل السعر المرجعي للسهم بعد مضاعفة البنك لرأسماله)، وارتفع سعر سهم بنك سورية والخليج 60% خلال 4 شهور ونصف الشهر، أما بنك سورية الدولي الإسلامي فارتفع سعر سهمه بنسبة 187.6% عن سعر الإدراج في سنة ونصف.

وبين د. الميداني أن التحليل يظهر أن أسعار أسهم المصارف الأربعة الأولى مقيمة بأكثر مما يجب، أما المصرف الأخير فهو مقيم بشكل صحيح وعادل نظراً لربحيته المتنامية وكون هذا المصرف ممكن تصنيفه كشركة عالية النمو، ومن هذا المنطلق دخل الباحث إلى ضعف كفاءة التسعير في البورصة محدداً أسبابها بآلية التسعير والحدود السعرية والكمية المفروضة والتي حدت بشكل عام من الكفاءة ومن حدوث تعديلات سريعة على أسعار الأسهم، فمثلاً استغل المضاربون هذه القيود وضحوا كل يوم بـ200 سهم بالحد الأعلى شراءً أو الحد الأدنى بيعاً، تبعاً للهدف المرجو من رفع للسعر أو تخفيض له، وبذلك تمكن مضاربون من رفع أسعار أسهم تدريجياً ليوصلوها إلى مستويات عالية.

وكذلك من الأسباب كان تمييع شروط الإدراج بخلق سوقين موازيتين، وهذا أدى إلى نتائج غير مرغوبة منها إدراج شركات ما زالت خاسرة في البورصة تتضمن مخاطر أكبر عند الاستثمار في أسهمه.

ومن الأسباب أيضاً غياب صناعة التحليل المالي عن الساحة وضعف الثقافة الاستثمارية لدى المساهمين الصغار، وهو ما سمح لأسعار بعض الأسهم بأن ترتفع إلى مستويات غير مقبولة أو معقولة، وكذلك عدم وجود مستثمرين مؤسساتيين وصناديق استثمار، وعدم إجراء زيادات الرأسمال بطريقة توزيع حقوق اكتتاب، وزيادات رأسمال المصارف.