من يعيق اتخاذ قرار بتوحيد جهة الإشراف على زراعة الشوندر وتصنيعه

هل تتصورون أن تصريحات واحدة تتكرر منذ 20 عاماً من  وزيري الزراعة والصناعة، على مدى الـ 20 عاماً صورة كربونية تنسخ كل عام وتوزع على  الصحف أو تطرح في اجتماعات عديدة تتكرر كل عام مع كل موسم لزراعة الشوندر السكري وتصنيعه.

التصريح المنسوخ

أكدت وزارة الزراعة على أهمية توحيد جهة الإشراف على زراعة وصناعة محصول الشوندر السكري على أن تقوم وزارة الصناعة بهذا الدور كما هو متبع في دول العالم لجهة الإشراف على أي محصول تصنيعي وبينت الوزارة أن هذا الإجراء يحقق الفائدة المطلقة والمنفعة الكبيرة لمؤسسة السكر المعنية بصناعة السكر وتحسين سويته ورفع إنتاجيته من خلال المواصفات الجيدة، بعد أن أربك تعدد جهة الإشراف المزارعين وشركات السكر في آن معاً. وبالتالي ضياع المسؤولية وهذا ما يحدث الآن ومنذ سنوات ليبدأ بعد ذلك تبادل الاتهامات بين كل الأطراف المتشابكة في القضية.

أيضاً وزير الصناعة الحالي والسابق من قبله يتحدث في  الاتجاه نفسه.

السؤال المهم...

من يقف ومن يعيق اتخاذ قرار دمج وتوحيد جهة الإشراف على الزراعة والتصنيع؟

وهل وزيرا الصناعة والزراعة لا يستطيعان اتخاذ القرار؟

نترك الإجابة الآن لنستعرض أولاً وقائع المشكلة مع كل موسم للشوندر السكري تعقد الاجتماعات السنوية العديدة بين وزارة الصناعة والزراعة ومؤسسة السكر واتحاد العمال والفلاحين ومدير مؤسسة السكر ومدراء المعامل وتكرر في هذه الاجتماعات معزوفة واحدة:

كيف نرفع درجة حلاوة الشوندر؟

لماذا لا نوحد جهة الإشراف!!

 

دون حسم

قبل أربعة أعوام قدمت دراسة لرئاسة مجلس الوزراء تدعو وزارة الصناعة للإشراف على المحصول زراعة وتسويقاً وتصنيعاً ولم تتم الموافقة على هذه الدراسة لأن ذلك بحاحة إلى دراسات أكبر وإلى لجان و اجتماعات ويبدو أن النية كانت تتجه لاستقدام خبراء من الاتحاد الأوروبي أو من البنك الدولي وإذا كنا خلال أعوام طويلة لم نستطع أن نحسم هذه القضية جهة الإشراف لمن؟ لوزارة الزراعة أو الصناعة فإنه من الطبيعي والعادي أن تكون نسبة الحلاوة متدنية وأن توزع الاتهامات بين هذه الجهة وتلك وأن تكون هناك خسارات دائمة. وأن تكون هناك اختناقات في توريد الشوندر السكري وفق الخطط المقررة. وهذا يؤدي إلى تدني نسبة الحلاوة وإلى خسارة الفلاح وخسارة في إنتاج السكر حيث أن تكلفة الكيلو تصل إلى 60 ل.س أو إذا كان ذلك كذلك هل نستطيع في هذا الواقع أن نطالب بتحديث معامل السكر القائمة وتطويرها وإقامة خطوط إنتاجية بدل الاستيراد.

 

المطلب الصعب:

أعتقد أن هذا هو المطلب الصعب، ويبدو أنه من نسج الخيال وأتذكر ما قاله د.منير الحمش في ندوة «إذا كان يغطي على أخطائنا استمرار تدفق المعونات العربية إلا أن الاقتصاد انكشف فجأة عندما توقفت هذه المعونات في منتصف الثمانينيات، وأصبحنا في مأزق المواد الأولية والتي أصبحت غير كافية للحاجات الاستهلاكية، سكر، رز.. إلخ»

ولم يعد بالإمكان تلبية حاجة البلاد بسبب عدم توفر القطع الأجنبي وأتت الحلول مطالبة: افتحوا الاقتصاد للقطاع الخاص القادر أن يأتي بالشاي والسكر والمواد الأخرى وهكذا تم السماح للتجار باستيراد المواد الحياتية بحجة عدم وجود قطع أجنبي ولكن تسهيلات ائتمانية، ولم تعط من هذه التسهيلات لمؤسسات القطاع العام.

استيراد بدون تحويل العملة.. وهذا جر البلاد إلى سلسلة من الاختلالات انعكس على سعر العملة.

أسئلة  فقط

الكلام واضح وليس بحاجة إلى تفسير... وما زال الاستيراد قائماً من القطاع الخاص... سكر خام ويجري تكريره في معامل القطاع العام.

وهنا نسأل:

ما هي المهمة الاستثمارية أو الانتاجية التي يقوم بها القطاع الخاص في ذلك؟

وكيف يمكن أن نطالب هذا التاجر الذي يستورد السكر أن يقيم معملاً لإنتاج السكر إذا كان الاستيراد يحقق له أرباحاً فاحشة دون أية التزامات؟.

وللعلم فإن معامل السكر قديمة أي أنها تستخدم تكنولوجيا متخلفة وكان من الممكن إيجاد صناعات موازية لصناعة السكر وذلك بهدف التغلب على الكلفة المرتفعة وتشغيل المعامل خارج المواسم والتكامل في التخطيط بين الزراعة والصناعة ولكن هذا لم يحدث حتى الآن علماً أن ما ينتج من صناعة السكر صناعات أخرى وهي: الميلاس والخميرة وكحول أبيض وصناعي وغاز كربون ولولا شركات السكر الموجودة لتم استيراد هذه المواد بمئات الملايين.

مجمع غذائي

إذاً صناعة السكر مجمع غذائي بكل معنى الكلمة ومعامل تصنيع الشوندر في تراجع مستمر بسبب تراجع زراعة الشوندر وتدني درجة الحلاوة فهي لا تصل في سورية سوى 12 ــ 13 درجة وفي دول العالم تصل الدرجة إلى 18 ــ 22 درجة وكل درجة توفر مئات الملايين.

قال وزير الزراعة السابق: الفلاحون أقلعوا عن زراعة الشوندر لأن درجة الحلاوة لن تزيد عن 13 وهذا يتعلق بالبيئة والبذار الذي نستورده ولكن يجب إعادة النظر بالعروات والري ولا يمكن زيادة الحلاوة إلا بالعروة الصيفية ونؤيد توحيد جهة الإشراف ورفعنا أكثر من مذكرة بذلك.

وردّ  نقابيٌ  قائلاً:

الحلاوة يتم رفعها مع توحيد جهة الإشراف وإذا تم استيراد البذار من بلد المنشأ وليس بواسطة لأننا وفي سنوات عديدة كنا نستورد البذار من هولندا وهولندا تستورده من صربيا وهذه حلقة من حلقات الفساد.

ثانياً على المعامل أن تقوم بتكرير السكر الخام باعتبار المعامل متوقفة في السنة 9 أشهر، نستغل التوقف لتكرير السكر الخام لا أن تنفرد به شركات القطاع الخاص وهم يكررونه في معامل الدولة دون كلفة أيضاً من الضرورة إقامة أو إنشاء خطوط إنتاج للخميرة وفي سورية لا يوجد سوى معمل واحد يؤمن حاجة القطر ويعمل 24 ساعة وإذا تعطل يعني الاستيراد.

يبقى السؤال الهام  قائماً...

من يقف ومن يعيق اتخاذ قرار جهة الإشراف؟ وهل وزيرا الصناعة والزراعة لا يستطيعان اتخاذ القرار؟ السمسرة والفساد والمحسوبيات ونفوذ التاجر الذي يحتكر الاستيراد منذ سنوات والسمسرة في استيراد البذار وفي التسعير حلقات ومافيا تعيق وتجعل المسؤول عاجزاً عن اتخاذ القرار إذا لم يكن شريكاً في هذه الحلقات. وتتمنى حلقات الفساد توقف معامل السكر نهائياً عن الإنتاج  فعند ذلك يتمكن هؤلاء من استيراد إضافة إلى السكر ــ الخميرة والكحول والميلاس وغاز الكربون والنقل ومواد أخرى عديدة ثمنها المليارات وكلها نواتج من تصنيع السكر ولو حسبنا أسعار هذه المواد لأصبحت كلفة كيلو السكر في معامل القطاع العام أقل من 10 ل.س وعلينا أن نفهم هذه المعادلة.