القضية الأخطر تأجير المرافئ السورية  رئيس النقابة: أوقفوا العمل بهذا الاستثمار الذي يهدد السيادة الوطنية
أعد الصفحة: نزار عادلة أعد الصفحة: نزار عادلة

القضية الأخطر تأجير المرافئ السورية رئيس النقابة: أوقفوا العمل بهذا الاستثمار الذي يهدد السيادة الوطنية

هل صحيح أن الحكومات السورية في العقود السابقة كانت تستجيب لجميع المطالب العمالية وكانت تتحقق؟

 

ماذا تقول الوقائع:

نترك جانباً القضايا المطلبية الخدماتية كالحوافز والتعويضات واللباس والطبابة وتثبيت المؤقتين والسكن والمواصلات وواقع عمال القطاع الخاص والتشريعات والتسريحات على المادة 137، وجملة من المطالب الأخرى والتي تتكرر من عام إلى آخر في كافة المؤتمرات النقابية ومجالس الاتحاد العام وفي المذكرات والكتب التي رفعت وترفع إلى الاتحاد العام لنقابات العمال ومن ثم إلى الحكومة والقيادة قبل عامين رفعت هذه المطالب العمالية إلى حكومة العطري وتم الاتفاق على تحقيق بعضها حسب الإمكانيات المادية. طبعاً إذا تحقق بعضها تحقق مبتوراً وأضيفت واستجدت مطالب إلى المطالب.

 

في القضايا الاقتصادية

قلنا نترك القضايا المطلبية لننتقل إلى القضايا الاقتصادية وهي الأهم برأينا ورأي العمال ورأي أكثر القيادات النقابية وذلك لعلم الجميع بأن من يفرط بالشركات والمؤسسات الاستراتيجية في القطاع العام ويقدم أبرز هذه المؤسسات لشركات أجنبية وللقطاع الخاص في صحن من ذهب لا يهمه القضايا المطلبية للعمال بل ولا ينظر إليها وسلامة الأوضاع المعيشية وتحقيق مطالب العمال في القطاع العام هي من سلامة وقوة وأداء شركات ومؤسسات القطاع العام وإذا كانت الحكومة السابقة بأدائها ومن خلال اقتصاد السوق ضربت القطاع العام و أوصلت أكثر شركاته إلى الخسارة وإلى الهاوية وقدمت الشركات الهامة إلى الشركة الأجنبية وإلى القطاع الخاص تحت يافطة التطوير والتحديث فإن هذه الحكومة لم تقدم شيئاً للعمال.

 

الاقتصادي أولاً:

الاقتصادي أولاً بعرض أكثر العمال والنقابات لذلك كانت حكومة العطري وأمام الطروحات العمالية لقضايا القطاع العام تبرر بالمتغيرات الدولية والتشاركية والانفتاح والشركات والاستثمار والانتقال إلى اقتصاد آخر في سياق ما جرى في العالم «طبعاً كل الإجراءات الاقتصادية التي جرت في سورية بعد تبني اقتصاد السوق تخالف مبادئ الحزب القائد والدستور السوري وكان الفريق الاقتصادي وتحديداً الدردري وخلال حضوره مجالس اتحاد العمال وعندما يجابه بمداخلات من الأعضاء كان يجيب، أنا أنفذ ما تقترحه القيادة ولا أتصرف  وحدي وكان الصمت سيداً».

 

والقضايا الأهم:

الأبرز ما طرح خلال السنوات الماضية في مجالس الاتحاد العام وفي تقارير مكاتب نقابات النقل البحري في اللاذقية وطرطوس وفي عشرات المذكرات التي رفعت إلى الحكومة وإلى القيادة موضوع استثمار مرفأي اللاذقية وطرطوس حذر العمال من تقديم المرافئ إلى وكالات خاصة وإلى شركة أجنبية لأن هذا الموضوع يمس السيادة الوطنية السورية وكان وزير النقل السابق يتهرب من الأجوبة ومن الحقائق ويتذرع بالتطوير والتحديث في المرافئ أسوة بدول العالم والمذكرات لم يتم الرد عليها نهائياً من  الحكومة السابقة رغم ما كان يقدمه اتحادا عمال طرطوس واللاذقية من قرائن ومخالفات وتجاوزات تجري في المرافئ من  الوكالات الخاصة.

 

والحكومة الحالية:

وإذا كنا نعلم لماذا كانت الحكومة السابقة تتهرب من القضايا الأساسية وتتجاهل الرد على مذكرات نقابية خطيرة وهامة، لن أقول لا نعلم لماذا تسير الحكومة الحالية على الخطا نفسها، أقول ذلك لأن أمامي مداخلة قدمت في مؤتمر الاتحاد المهني للنقل قدمها رئيس نقابة عمال النقل البحري والجوي في اللاذقية الأخ إبراهيم  إبراهيم  يقول فيها:

القضية الأهم هي قضية العمل في محطة الحاويات ومطالبنا الدائمة بإيقاف العمل بهذا المشروع وذلك بسبب عدم التزام المحطة بما اتفق عليه عقداً لجهة استكمال عدد العمال الملتزمة بتشغيلهم من العاملين في المرفأ إضافة إلى عدد الحاويات الملتزمة بإنجازها وتوريد آليات وغيرها من الالتزامات وأيضاً عدم تعاونها مع التنظيم النقابي بما يخص العاملين المكلفين من المرفأ وخاصة إشراك العمال في الرواتب والأجور التي حددت بموجب قائمة الرواتب التي عرضت على العمال قبل توجههم للعمل في المحطة واعتبارها تعويضات غير مشترك عنها.

وطالبت المداخلة بضرورة تعديل التعليمات التنفيذية والمخالفة للمرسوم 55 الخاص بشركة التوكيلات الملاحية بما يضمن توكيلها عن السفن المحملة ببضائع القطاع العام.

 

والاتحاد المهني

وفي تقرير الاتحاد المهني للنقل يقول: بأن شركة التوكيلات الملاحية من الشركات الهامة ذات الطابع الاقتصادي الرائدة على مستوى القطر، حيث أنها نالت أكثر من شهادة تقدير في مجال العمل البحري، ولها دور كبير في رفد خزينة الدولة بالقطع الأجنبي ويطالب الاتحاد: تعديل التعليمات التنفيذية للمرسوم 55 نصاً وروحاً فيما يخص نقل البضائع في الحاويات.

ضرورة دعم شركة التوكيلات الملاحية لتكون وكيلاً حصرياً لجميع السفن التي تؤم المرافئ السورية وتحمل بضائع القطاع العام.

تطبيق نص المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2002 بعدم الترخيص للوكيل الملاحي بممارسة عمله مالم يتقدم بعقد موقع مع خط ملاحي على الأقل وبشرط ألا تكون من الخطوط التي كانت تتعامل مع شركة التوكيلات الملاحية قبل صدور المرسوم 55 لعام 2002 وذلك حفاظاً على مصلحة القطاع العام.

 

البداية والنهاية

شركة التوكيلات الملاحية هي واحدة من شركات القطاع العام الأبرز، تتبع وزارة النقل وهي ذات  طابع اقتصادي خدمي تقوم بدور الوكيل الملاحي للسفن والناقلات التي تؤم المرافئ السورية تأسست عام 1969 والتي حلت محل وكالة هارون آنذاك المصادرة بالأمر العرفي رقم 30 وفي عام 1981 أصبحت الشركة وكيلاً حصرياً لكل الشركات الملاحية والناقلات التي تسير سفنها وناقلاتها عبر المرافئ السورية عام 2005 صدر المرسوم 55 القاضي بالسماح للوكالات البحرية الخاصة بالعمل في سورية ووصل عدد الوكالات إلى أكثر من 80 وكالة قطاع خاص ونزعت هذه الوكالات القسم الأعظم من أعمال شركة التوكيلات وتراجع دخلها وانخفضت إيراداتها وبدلاً من أن تصب هذه الإيرادات في خزينة الدولة أصبحت في جيوب البعض.

عام 2001 بلغ حجم البضائع الواردة بحدود 5.7 مليون طن بلغت أرباح شركة التوكيلات 157 مليون ل.س في العام 2002 ارتفع الدخل إلى 648 مليون ل.س في العام 2006 بعد السماح للوكالات الخاصة بالعمل كان ربح التوكيلات 197 مليون ومن هنا تظهر الخسارة والملايين التي تصب في جيوب البعض وفي العام 2006 دفعت الوكالات الخاصة ضريبة دخل مبلغ 4.43 مليون ل.س عن كل أعمالها وارباحها في حين قدمت شركة التوكيلات 69 مليون ل.س في العام نفسه.

 

مخالفات عديدة

بالإضافة إلى تراجع دخل شركة التوكيلات لمصلحة الوكالات الخاصة التجربة بينت ومنذ السنة الأولى عن مخالفات عديدة حيث نص المرسوم 55 على أن تستقدم الوكالات الخاصة خطوطاً ملاحية جديدة وبواخر جديدة ولكن هذا لم يحصل بل اقتصرت هذه الوكالات على سحب الخطوط والبواخر التي كانت بتوكيل شركة التوكيلات الملاحية وقد خالفت شروط الترخيص التي هدف إليها المشروع وهي استقدام خطوط ملاحية جديدة. بالإضافة إلى عدم التزام الوكالات الخاصة بتعرفة رسمية موحدة أسوة بتعرفة شركة التوكيلات وفي عام 2006 انخفضت إيرادات الشركة إلى 1441 ليون دولار والخسارة حتى الآن مئات الملايين وقد طرح مؤخراً تصفية شركة التوكيلات من خلال إلغاء العمولة التي تتقاضاها من الوكالات الخاصة وذلك لتصبح غير قادرة على تسديد رواتب عمالها.

 

وفي مرفأ طرطوس

وفي مرفأ طرطوس وقع عقد استثمار وتشغيل محصلة الحاويات ما بين الشركة العامة لمرفأ طرطوس وشركة فلبينية «انترناشيونال كونتير تيرمنيال سير فينز» عام 2007 وذلك تحت يافطة فصل الإدارة عن الملكية.

وقد أوضحت النقابات في عشرات المذكرات تقول من غير المفهوم التعهيد أو وضع منشأة عامة للاستثمار لم يذكر سابقاً أنها غير رابحة أو أنها خاسرة أو أنها تحتاج لسيولة غير متوفرة وغير ذلك من الحجج والذارئع التي تساق عادة لتبرير طرح منشأة للاستثمار أو لطرح منشأة من منشأت القطاع العام للاستثمار الخارجي، والقضية ليست فقط في تعهيد محطة حاويات طرطوس على أهميتها بل في هذا التوجه لمعالجة أوضاع بعض المنشآت العامة وللتعامل مع منشآت قطاع الدولة بطريقة التخلص منه ومحاصرته وعدم توفير مستلزمات عمله بهدف تقليص دور الدولة الاقتصادي المباشر  و  تتساءل مذكرة النقابة:

ما هي الأسباب الحقيقية لطرح وتلزيم محطة الحاويات للاستثمار الخاص ذي النكهة الفلبينية وما هي المصاعب التي لا يمكن  تجاوزها في استثمار هذه المنشأة وما هي الفوائد التي يجنيها الاقتصاد الوطني من مشاريع مثل مشروع استقدام الخدامات من الفلبين وسيربيلانكا واستثمار محطة حاويات طرطوس.

المحصلة أخيراً

حكومة العطري لم تكن ترد على كل  المذكرات والمداخلات النقابية والتي تتحدث بالأرقام والوقائع عن المخالفات التي ترتكب وعن ضرب وإجهاض أبرز مؤسسات القطاع العام وعن الوكالات الخاصة التي تعمل لمصالحها الخاصة المتناقضة والمصالح الوطنية وحذرت النقابات من أن المرافئ هي السيادة الوطنية وخصوصاً محطات الحاويات لم تبادر حكومة العطري السابقة إلى التحقيق في المخالفات المرتكبة وإلى دور الوكالات الخاصة وقبض الملايين من العمولات للجيوب الخاصة بدلاً من ميزانية الدولة، ولم ترد حكومة العطري السابقة على أية مذكرة رفعت من النقابات.

وإذا كنا نفهم ونعرف لماذا لم ترد حكومة العطري السابقة أو تناقش أو تقيّم وضع الوكالات الخاصة بعد التجربة فالغرابة أيضاً أن تتجاهل الحكومة الحالية هذا الاستثمار المشبوه والذي ضرب شركة استراتيجية في الصميم وحرم الخزينة العامة من مئات الملايين لمصلحة حفنة من المستثمرين وشركاتهم.

 

العمال يطالبون، والنقابات تطالب:

أعيدوا النظر في استثمار المرافئ السورية، المرافئ هي جزء من السيادة الوطنية!!

آخر تعديل على الإثنين, 01 شباط/فبراير 2016 15:17