دلائل لمستقبل السوريين من تشريعات الحكومة السورية في العام المنصرم!

دلائل لمستقبل السوريين من تشريعات الحكومة السورية في العام المنصرم!

ظهرت في عام 2014 مجموعة من القوانين، والمؤتمرات، أعطت الدلالة الواضحة حول طبيعة التحضيرات لإعادة الإعمار، سواء من الحكومة أو من المؤسسات الدولية المرتبطة بإعادة الإعمار في المنطقة، أي منظمة الإسكوا تحديداً، ومن قوى السوق الكبرى في سورية وخارجها، وكانت أهم المحطات هي:

مشروع جديد لقانون الاستثمار على الخطا ذاتها
طرح مشروع قانون جديد للاستثمار في سورية أقرت الحكومة 10 مواد منها بالتوافق مع الفعاليات التجارية والصناعية. حيث قام مشروع القانون على (إعادة اختراع الدولاب) أي التعويل في عمليات الاستثمار والنمو القادمة على جذب كبار رؤوس الأموال الخاصة، الأجنبية أو المحلية، مع إعطاء الدولة دور المراقب والمحفز، ما يعني التخلي عن عملية تعبئة الموارد وتوجيهها نحو الضرورات. فالقانون الليبرالي، يعول أن يقوم المستثمرون الخاصون بعملية التنمية عن طريق الاستثمار في (المناطق السورية المحرومة) وفق تعبير مشروع القانون، وهي المناطق التي تعاني من أحد أوجه الحرمان الثلاثة، نسب الأمية مرتفعة، نسب الفقر مرتفعة، ونسب البطالة المرتفعة. وترى بأنهم سيسعون إلى هذه المناطق، بعد أن تقدم لهم الحكومة حوافز ضريبية تصل إلى تخلي الدولة عن موارد ضريبية وإعفاءات بنسبة 100%، في حالات متعددة، بحسب طبيعة المنطقة.
وقد قمنا في جريدة قاسيون عند معالجة موضوع المشروع، بالتذكير بنتائج التعويل على الاستثمار الخاص في عملية التنمية، خلال عقد الألفية الأول، والتي دلت على أن ما نفذ من الاستثمارات لم يتجاوز 30%، أما مساهمة الاستثمار الخاص في التشغيل لم يتجاوز 141 ألف فرصة عمل خلال عشرين عاماً، 49 ألف منها فقط في الصناعة والزراعة والنقل.
التشاركية لمصلحة الخاص على حساب العام
صدر قانون التشاركية مع القطاع الخاص بتاريخ 1-7-2014، أي الشراكة بين العام والخاص في إدارة موارد وأموال ومنشآت الحكومة، والذي استبقته تجارب التشاركية الكثيرة في سورية، ونذكر منها:
الشراكة مع الشركة الفلبينية في إدارة محطة الحاويات في مرفأ طرطوس، انتهت بهروب الشركة بعد أن امتنعت عن تسديد كافة مستحقاتها للدولة منذ عام 2011.
الشراكة في معمل اسمنت طرطوس، مع (فرعون) وهو مستثمر سعودي الجنسية، توقفت هذه العملية الاستثمارية بفضائح فساد طالت الإدارة السابقة والمستثمر، ومستحقات مالية بلغت 528 مليون ل.س، وتوقف بعدها عن العمل. مع العلم أن المستثمر ذاته، قد عاد ليستثمر المعمل ذاته، مضافاً إليه معمل عدرا، مع خط إنتاج جديد.
أما التجربة الثالثة فهي في قطاع السياحة مع المستثمرين الخليجيين، حيث رفعت قضايا بين الدولة وشركاء سياحيين متعددين، في سلسلة من ملفات الفساد في شراكات الاستثمار السياحي، فإحدى الشراكات مع جهات قطرية، على سبيل المثال لا الحصر، ضيعت على الدولة 25% من حقوق ملكية وزارة السياحة، ومبالغ تقدر بـ 2,2 مليار ل.س، بعد أن حصلت الشركة على حق انتفاع لمدة 99 عاماً لأراض في اللاذقية. أما النموذج الرابع، وهو الشراكة السابقة في شركات الاتصالات الخليوية، التي انتقلت إلى عقود ترخيص في نهاية العام، ولا ندري إلى أي مستوى من التمركز والربح العالي، والأسعار الاحتكارية سينتقل هذا القطاع، الذي كان يسجل أعلى مستويات أسعار وأكثر الشركات احتكاراً وتمركزاً مع وجود حصة هامة للدولة فيه!! وهو القطاع الذي يقدم نموذجاً حول مصير المال العام المستثمر من قبل أصحاب رؤوس الأموال الخاصة، والذي ينتهي بملكيتهم الكاملة له!.
إعادة الإعمار: غياب الرقم الوطني واستنفار الخارج!
إعادة الإعمار لم تنل اهتماماً محلياً، وحكومياً كافياً، وأكبر دليل على ذلك أن الجهات الحكومية المرتبطة بعمليات الإحصاء لم تنشر خلال الأزمة حتى بياناتها التقليدية (كالمجموعة الإحصائية) لتقدير الخسائر الفعلية والأضرار المادية والتنموية، وهي الخطوة الأولى والرئيسية لإعادة الإعمار!، بل تركت هذه المهمة، إلى جهات ومراكز أبحاث مستقلة ومدعومة دولياً، والمفارقة أنها اعتمدت على أرقام الجهات الحكومية. ولكن قوى إقليمية مع قوى السوق السورية، تنشط باهتمام فيما يخص تحضيرات إعادة الإعمار في سورية، حيث شهدت العاصمة بيروت مؤتمرات رعتها منظمة (الإسكوا) والتي يلخص النائب الاقتصادي السابق عبد الله الدردري، طبيعة وتوجه إعادة الإعمار الدولية، التي تضع شعارات من نوع ضغط النفقات الحكومية، تحفيز الاستثمار الأجنبي وغيرها، واختصر الدردري بقوله في آخر المؤتمرات المعلنة في أيلول 2014:"لم يعد بالإمكان تمويل العجز بالمدخرات الداخلية، ولا بد من المنح أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو الديون الخارجية من أجل الاستمرار بتمويل عجز الموازنة".