تعديل نظام التعليم المفتوح.. نحو مزيد من المليارات أم لا؟!
رفعت وزارة التعليم العالي رسوم التعليم المفتوح بقرار لوزيرها بتاريخ 22/ 9 / 2013 من 3000 ل.س للمادة إلى 5000 ل.س، أي بنسبة زيادة 66%. وحصّلت مبلغاً قدرناه بـ 3,85 مليار ل.س من الطلاب، تدرس الوزرة اليوم تعديل نظام التعليم المفتوح، ليس باتجاه توظيف هذه الإيرادات في رفع مستوى التعليم والخدمات، بل باتجاه آخر كما تشير التسريبات.
حصّلت الحكومة إيرادات تبلغ 3,85 مليار ل.س من الرفع السابق في شهر 9 من عام 2013، وذلك وفق تقدير لقاسيون في العدد رقم 653 قائم على أساس الافتراضات التالية:
• 70 ألف طالب مسجل بتراجع عن عدد 140 ألف طالب عدد طلاب التعليم المفتوح قبل 2013، بعد الظروف الأمنية وارتفاع الرسوم.
• 11 مقرراً هو وسطي عدد المواد المسجلة للطالب بالسنة، وهو الحد الادنى.
الرفع السابق شمل جوانب أخرى، هي مصدر إيرادات إضافية، (فالعائدات) التي ستحصل عليها الوزارة من رفع رسوم المادة الراسبة تبلغ مئات ملايين الليرات، فبفرض أن كل طالب يرسب بمادتين فقط، تصل إلى 700 مليون ل.س إضافية. وذلك بعد أن ألغت وزارة التعليم التسهيل الذي كانت تقدمه للطلاب، بتخفيض رسم المادة التي يرسب الطالب بها إلى نصف السعر، لتصبح المواد الراسبة بالتكلفة ذاتها 5000 ل.س، عوضاً عن 1500 ل.س سابقاً. وقد لاحظ طلاب التعليم المفتوح أن نسب الرسوب ارتفعت مع رفع الرسوم، حيث بلغ وسطي نسبة الرسوب في إحدى السنوات 40% في 11 مادة، فإذا ما أخذناه كوسطي عام فإن الإيرادات الحكومية من الرسوب تصل إلى 1,4 مليار ل.س.
الإيرادات لم تنعكس خدمات!
تتناقض هذه المبالغ والعرقلات في وجه طلاب التعليم المفتوح، مع ظروف ومستوى الخدمات التي يقدمها التعليم العالي لطلابه، فهم لم يكلفوا الحكومة والوزارة نفقات مبان مستقلة، أو كادر تدريسي مستقل، أو سكن جامعي، والمسألة لا تتعدى أجور إضافية لكادر الجامعات الرئيسية، ومطبوعات كتب، وأوراق الامتحانات! بالمقابل فإنهم يؤمنون (إيرادات) هامة، في قطاع تعليم عال ربحي!. إلا أن الحكومة على الرغم من المبالغ المرتفعة ، لديها نية بتعديل نظام التعليم المفتوح ليس باتجاه زيادة الخدمات، أو تأمين مبان مستقلة تسمح بزيادة عدد أيام الدوام وإعطاء المقررات، وتأمين سكن، أو تقديم تسهيلات تتناسب مع طبيعة طلاب التعليم المفتوح الذي يعمل أغلب طلابه لتأمين الأقساط، وإنما على العكس، اتجاهات التعديل، هي نحو رفع الرسوم من جهة، وتقليص التسهيلات من جهة أخرى.
لجنة للتعديل بأي اتجاه؟!
يتبين من تشكيل وزارة التعليم العالي للجنة لتعديل نظام التعليم المفتوح وفق القرار رقم 574 بتاريخ 24-8-2014، أن هناك نية ودراسات لتعديل نظام التعليم المفتوح مجدداً، كما سُرّب في وثيقة لمحضر اجتماع تقدم فيه اللجنة المذكورة مقترحاتها، وقد نشرت معلوماتها جريدة الوطن بتاريخ 23-1-2014، وتم تداولها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد جاء في (الوطن):
(من خلال وثيقة مسربة حصلت عليها صحيفة الوطن لاجتماع اللجنة الخاصة لدراسة تعديل نظام التعليم المفتوح والتي أوصت بمجموعة مقترحات للوزارة تتضمن تحديد مدة المكوث في كل سنة دراسية ثلاث سنوات يسدد الطالب رسم لكل مقرر يقدمه في السنة الأولى 4000 ل.س، و 6000 ل.س لكل مقرر يقدمه في السنة الثانية و(10000) ل. س لكل مقرر يقدمه في السنة الثالثة. وبموجب الوثيقة لا يستفيد الطالب من التخفيض خلال السنتين الثانية والثالثة، كما يحق للطالب إيقاف التسجيل لمدة سنتين على الأكثر طوال حياته الجامعية ولا يجوز إيقاف التسجيل في كل سنة من سنوات الدراسة أكثر من مرة خلال سنة الإيقاف يدفع مبلغ قدرة (25000) ل.س. كما اقترحت اللجنة اعتماد النظام السنوي بدل النظام الفصلي، على أن تتم اللقاءات العلمية على مدار العام وتجرى الامتحانات في نهاية العام، كما تجرى الامتحانات في جميع المواد، ودورة امتحانية ثانية غير مسبوقة بلقاءات علمية، ويتم الامتحان في جميع المواد.)
وفق هذا فإن طلاب التعليم المفتوح الذين تخصص لهم الجامعة يومي دوام فقط في الأسبوع، والذين يدفعون تكاليف دراستهم، وأغلبهم من العاملين، عليهم أن يلتزموا بإيقاف التسجيل لعامين فقط، وأن يقدموا مجمل موادهم في امتحان نهائي واحد! وعليهم أن يزيدوا ما يدفعونه على المواد بنسبة 100% في السنة الثالثة، أما السنة الرابعة فلا ذكر لها في المقترحات.
تقديرات من المقترحات
بفرض أن أقل من ربع طلاب التعليم المفتوح في السنة الثالثة، فإن عدد هؤلاء يتجاوز 17 ألف طالب، بالحد الأدنى من عدد المقررات 11 مادة، وبتكلفة للمادة 10 آلاف ليرة، فإن وزارة التعليم تحصّل من طلاب السنة الثالثة تعليم مفتوح 1,8 مليار ل.س. إذا قام كل طالب من الطلاب الـ 70 ألف، بإيقاف تسجيله لسنة واحدة دافعاً مبلغ 25 ألف ل.س كما تقترح اللجنة، فإن ميزانية الوزارة سترتفع إلى: 1,75 مليار ل.س!
أي أننا بصدد زيادة في إيرادات الوزارة بمقدار المليار في كل خطوة من المقترحات الجديدة، مأخوذة من جيوب طلاب التعليم المفتوح، الذين ساهم كل من نظام التعليم الرسمي المتدهور، ومعدلات القبول الجامعية المرتفعة في الجامعات النظامية، في إعاقة وصولهم إلى الجامعات النظامية المجانية. ويدفعون ثمن كل ذلك مليارات الليرات.
النفي الوزاري
وزارة التعليم العالي نفت (نيتها) رفع رسوم التعليم المفتوح وأعلنت على موقعها الالكتروني الرسمي بتاريخ الاثنين 24-11-2014 التالي:
(اكدت وزارة التعليم العالي بأنه لا توجد نية لدى الوزارة في زيادة رسوم التعليم المفتوح، وجاء نفي الوزارة رداً على ما نشر في صحيفة الوطن يوم الثلاثاء 24/11/2014 بخصوص وجود دراسة لزيادة رسوم التعليم المفتوح.)
وهذا ما نتمناه، أن تكون الدراسة مرفوضة، وأن تنسى وزارة التعليم العالي مسألة تحصيل مزيد من الإيرادات من طلاب العلم في الظروف الحالية. وأن (يكذّب الماء الغطّاس)، وأن تكون التسريبات (دخاناً بلا نار).