القطاع العام يصمد.. والحكومة تهديه على طبق من ذهب للقطاع الخاص!

القطاع العام يصمد.. والحكومة تهديه على طبق من ذهب للقطاع الخاص!

طلبت الحكومة من القطاع الخاص شراء ناقلة نفط خام وتصفيتها في مصافي "بانياس" و"حمص". كما دعت غرفة تجارة دمشق على لسان رئيسها السيد غسان قلاع إلى ضرورة التفكير بشركات مساهمة في توليد الطاقة الكهربائية، وأن تبيع الطاقة الكهربائية للشركات الصناعية وإلى الحكومة.

قبل ذلك سمحت الحكومة للقطاع الخاص استيراد مادة المازوت للأغراض الصناعية، و قبلها سنت الحكومة قانون التشاركية الذي فتح الباب على مصراعيه لتصفية ماتبقى من إمكانات للقطاع العام!

هكذا تواجه حكومة الحرب السورية أزماتها المتكررة بمزيد من التسهيلات للقطاع الخاص، وتهميش مستمر للقطاع العام رغم اعترافها في بداية الأزمة بالدور الذي قام به هذا القطاع في صمود الدولة السورية وهاهي اليوم تكافئه بتخليصه من أهم منشآته وهي منشآت إنتاج الطاقة.

تسوق الحكومة لتبرير صيغ خصخصة القطاع العام المختلفة ذرائع شتى، أهمها نقص التمويل الذي واجهته برفع الأسعار، وتتناسى أنها إدعت في موازنتها التقديرية لعام 2015 أنها ستنفق حوالي (300) مليار ليرة دعماً للمشتقات النفطية و(400) مليار ليرة للكهرباء، فكيف تتذرع بنقص التمويل وتدعي بالوقت نفسه رفع نفقاتها لمستويات قياسية! هل تستطيع الحكومة مصارحة الشعب عن حجم العجز الحقيقي في مستويات الطاقة ليتسنى لنا معرفة مالنا وماعلينا؟!

ثم تقول الحكومة أنها عجزت عن تأمين المادة لعجزها عن استيراد المواد النفطية الخام بسبب الحصار. فأين ذهبت وعود الحكومة بالتوجه شرقاً بعد عامين من إقراره، كيف لا تستطيع الحكومة تأمين بدائل نفطية من إيران أو فنزويلا أو روسيا التي أسهمت بكسر الحصار أكثر من مرة منذ بداية الأزمة وحتى منتصفها رغم أن تلك الأيام كان الحصار السياسي والاقتصادي على سورية في ذراه القصوى؟! لما لا توضح الحكومة ما الذي حل بإمداداتها النفطية من هذه الدول؟!

يجيب البعض هذراً بأن القطاع الخاص أكفأ من القطاع العام. كيف تستقيم هذه الرواية الممجوجة في الوقت الذي بينت موازنة الحكومة 2015 نفسها أن الحكومة عندما تنفق 3 مليار ليرة على مصانعها تنتظر عوائد بـ 42 مليار ليرة سورية، مما يعني أن القطاع العام في الصناعات التحويلية ورغم قلة الإنفاق عليه قادر على رفد الخزينة بأعلى من مبالغ شركات الاتصالات الخاصة. 

تصل الحكومة أخيراً إلى استدعاء القطاع الخاص، فتعلنه الملجأ الأخير للشعب السوري، فتهديه القطاع العام على شكل استثمار جديد بأبخس الأثمان. تناست الحكومة فجأة كيف هربت رؤوس الأموال الخاصة في بداية الأزمة (حوالي 800 مليار ليرة سورية خرجت من المصارف السورية حتى نيسان 2012 فقط)، وكيف استفاد من بقي منها عبر تجارته بأزمات السوريين وتكديسهم للأرباح على حساب دماء الشعب السوري ناهيك عن تهربهم الضريبي الذي فاق مئات المليارات. كيف ستميز الحكومة بين المستثمرين الجدد وبين تجار الأزمات التي مافتئت تلعنهم دون أن تلقي القبض على واحد منهم!.

تستعجل الحكومة هذه الإجراءات اليوم أكثر من قبل تحت كل الذرائع السابقة، إلا أن الحقيقة التي ينبغي لنا الانتباه لها هي أن إجراءات الحكومة التاريخية هذه والتي ستخلق المزيد من المشاكل على مستقبل التنمية السورية تتوازى مع انفتاح الأفق للحل السياسي وهو مايستدعي أن تكون الحكومة أكثر مسؤولية عن قراراتها. فهل هذا الاستعجال هو قطع للطريق لتغييرات اقتصادية لاحقة؟ أم أنه تبييض أموال لقوى الفساد القديمة والجديدة التي أثرت على حساب الأزمة وتعمل الآن على تأمين مطارح استثمارية لرساميلها المكدسة في الأزمة!!