رئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي دمار في الصناعة بين التخريب المقصود وبين الدولة كراع مفقود

رئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي دمار في الصناعة بين التخريب المقصود وبين الدولة كراع مفقود

تحدث «فارس شهابي» رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية في لقاء مع قناة الميادين عن أوجاع الصناعة السورية في ظل ظروف الأزمة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عشرين شهراً، 

حيث أشار إلى توقف نحو 50 % من المنشآت الصناعية في البلاد، فلا يستطيع عمالها أن يصلوا إلى أماكن عملهم، بالإضافة إلى ما تعرضت له من نهب وسرقة وإحراق، كما أن 70 % من المنشآت شبه متوقف، ولا يوجد أكثر من 25 – 30 % من المنشآت داخل الخدمة..

تفكيك 1500 منشأة في حلب

تخريب الصناعة السورية هدف لدى البعض بحسب الشهابي، فقد جرى تفكيك ما يقارب 1500 منشأة صناعية مع آلاتها في حلب وحدها، وتم بيعها في الأسواق التركية، وبوجود خبراء أتراك انتقوا الآلات المعدة للتفكيك، ليجري تهريبها إلى تركيا، فالصناعيون يستشعرون «مؤامرة اقتصادية» منذ بداية الأحداث، حيث جرى استهداف المعامل منذ اليوم الأول حتى الآن..

وأمام هذا الواقع، عاتب الشهابي الحكومة لأنها أهملت المعامل والمدن الصناعية، فجميع المناطق الصناعية في حلب (44 منطقة) خارجة عن سيطرة الدولة الآن، وفي بداية الأزمة، وعندما كانت الاعتداءات لا تتجاوز اللصوصية، لم تقم الدولة بحماية هذه المناطق، ولم تلقَ النداءات الموجهة من اتحاد غرف الصناعة إلى الحكومات سوى الإهمال، والتذرع بعدم وجود عدد كافِ من القوات، أو أسباب أخرى..

وأوضح الشهابي أن غرف الصناعة تقوم بتوثيق الاعتداءات على المعامل السورية، وعلى الحكومة مطالبة كل دولة أو طرف ساهم بإرسال السلاح صرف التعويضات للصناعيين المتضررين، وسنسعى لرفع دعوى في المحاكم الدولية المختصة من أجل هذا الموضوع...

التخريب مسؤولية عصابات ليس لها ولاء سياسي

وبجردة حساب، أشار الشهابي إلى أنه ومنذ حوالي 6 أشهر كان عدد المعامل التي حرقت ونهبت نحو 500 معمل، أما اليوم، فهناك 12 ألف منشأة صناعية في مناطق التوتر بحلب، و95 % منها متضرر، وتعتبر المدينة الصناعية في الشيخ نجار أكبرها، وفيها 1000 منشأة تعمل، و3000 قيد البناء جميعها تحت سيطرة العصابات.

تخريب المدن الصناعية، واستهداف المعامل، لا يضعه الشهابي في خانة النظام أو المعارضة، فقد وجه التهم بالتخريب إلى عصابات تعبد المال، وليس لها ولاء سياسي أبداً، ومن ورائها أجندات خارجية، فشعار الإغلاق أو الإحراق لا يمكن أن يكون بمصلحة شخص وطني، وبما يؤمنه من فرص عمل له ولمحيطه، وتساءل: من لديه المصلحة بتعطيل هذا الكم الهائل من العمال واستهداف الصناعة بكافة مستوياتها؟!

الصناعيون الحلبيون توجهوا لمصر ولبنان

وأكد الشهابي أن مدينة حلب لم تأخذ حقها من التسهيلات رغم كونها العاصمة الاقتصادية، فكثير من الصناعيين الحلبيين توجهوا إلى مصر ولبنان، بينما قلة لا تتجاوز 200 صناعي توجهوا إلى تركيا، ومن ذهب منهم إلى مصر ولبنان ينتظر العودة القريبة، ومن أقام صناعات منهم في هذه الدول لا تتجاوز نسبتهم 1 %، والهدف عدم خسارة أسواقهم التصديرية، ولكنها ليست بداعي الاستقرار، وأضاف بأن الصناعيين تعودوا على العمل في الظروف القاسية، والعقوبات مفروضة منذ عام 1956، والعامل السوري يعمل بإنتاجية تفوق إنتاجية أي عامل في الدول العربية..

الاقتصاد السوري مريض جداً

وصف الشهابي الاقتصاد السوري بالمريض جداً، ولكنه لم يدخل غرفة العناية المشددة بعد، فالتصدير الصناعي انخفض بحدود 75 %، ولكن لم نصل إلى حالة الانهيار الاقتصادي والإفلاس الشامل، فهناك صادرات تذهب إلى العراق وعدد من الدول العربية، وعلى الرغم من وجود صعوبات إلا أن الصادرات  لم تصل إلى حد الصفر، والمواد الأولية التي تحتاجها تؤمن بصعوبة، ولكن نحتاج إلى المرونة، وهذا يتطلب من الحكومة أن تتخلى عن العقلية البيروقراطية التي لم تتخل عنها حتى الآن، ففي أوقات الأزمات يجب أن تكون العقلية مختلفة تماماً، وقائمة على التوافق مع حالة الحرب، وأن توضع الأولوية لتوفير فرص العمل، وقبلها توفير المازوت الكهرباء الماء والخبز..

وهذا لا يعني أن الدولة عاجزة، لأن لديها رصيداً في البنك المركزي يعادل ما لدى مصر، أما بالنسبة للقطاع الخاص فهو يعاني جدياً لان معظم المعامل متوقفة ولكن تبقى هناك المدخرات...

الحكومات الفاشلة أحد مسببات الأزمة

وأوضح الشهابي في سؤال عن دور الاتفاقيات والحكومات السابقة في الأزمة الحالية، إلى أن الحكومات الفاشلة أحد المسببات الرئيسية الأزمة، فالاتفاقية الاقتصادية مع  تركيا أتت لمصلحتهم، لأنها أعطت الأولوية لحماية صناعاتها، ومراقبة كل ما يدخل إلى الأسواق التركية، بينما وقعنا نحن الاتفاقية دون توفير الظروف المتكافئة لدعم الصناعة الوطنية، فلم يكن التصدير مدعوماً كما يجب، ولم نراقب المستوردات التركية، على الرغم من تضمينها كبند في الاتفاقيات التجارة الدولية، فنحن لا نطالب برفع الحمائية، وهذا خطا، ويضر بالصناعة المحلية، وعند فتح الأسواق يجب فتحها تدريجياً، بما يترافق مع تدريب صناعتنا وتوفير الظروف الملائمة لكي تنافس، والاتفاقيات يجب أن تكون مع أطراف لديها ظروف ملائمة لظروفنا الاقتصادية..

وأد تطــويـر القطـاع العــام مـن جهـات عليـا بالدولـة

وأشار الشهابي إلى أن الحكومات السابقة، ومنذ عشر سنوات، أعلنت أن القطاع العام الصناعي خاسر، ولهذا لن تستثمر فيه أو تطوره، ومع كل محاولة جدية لتطوير القطاع العام كان يجري وأد هذه العملية من جهات عليا في الدولة، وكل هذا أدى إلى عدم توسع القطاع العام، وعدم تحديث آلاته وخسارته، وتخلت الدولة عن الاستثمار فيه، وبالمقابل لم تستثمر في البنى التحتية، وفتحت الأسواق للتضييق على القطاع الخاص بالسلع المستوردة من (تركيا، والصين، اتفاقية الغافتا مع الدول العربية التي أدخلت منتجات صينية أيضاً)، وهذه الاتفاقيات أدت لزيادة البطالة بشكل كبير، وعندما أشرنا إلى ضرورة إعادة إحياء وإنعاش الورش والصناعات الصغيرة والمتوسطة لم تتجاوب الحكومة السابقة كما يجب، فالمشروعات الصغيرة وإحياؤها تتطلب القروض الصغيرة، وتتطلب حكومات مرنة، وهذا يمكّن من إعادة استيعاب العمالة الفائضة، وكان على الدولة العودة إلى الاهتمام بالقطاع العام، فالصناعيون ضد إنهاء القطاع العام، ويدعون لإعادة تأهيله من جديد بشكل مستقل وغير مركزي وبما ينافس القطاع الخاص.

لم تمتلك الحكومة المرونة الكافية لوقت الأزمات

وبين الشهابي أن المطلوب من الحكومة التخلي عن احتكار تأمين الحاجات الرئيسية (مشتقات نفطية، طحين، نقل، طيران) إذا لم تستطع تأمينها، فتستطيع الدولة أن تتعاقد مع شركات لكي لا تخلق محتكرين جدداً، كإنشاء شركات مساهمة من أبناء المحافظات، وتدخل المحافظة أو البلدية بحصة، بحيث تصبح هناك إمكانية لإقامة مبادرات، كإقامة نقل جوي، فعلى الدولة أن تتخلى عن الإمساك بكل زمام الأمور إذا لم تمتلك المرونة الكافية واللازمة لوقت الأزمات، فالدول دائما في حالة الحروب تزيد من مرونة قوانينها..

وتحدث الشهابي عن مفارقة قدوم وفود رجال الأعمال الأترك إلى حلب، وبشكل أسبوعي بداعي الاستثمار منذ عامين، أما اليوم، فأكثر المواد الأولية المستوردة للصناعة تُسرق وتتوجه بشكل أساسي إلى تركيا، فأقدم وأكبر سوق في مدينة حلب تم نهب كافة محتوياته ونقلها إلى تركيا قبل إحراقه.

تركيا وضعت الاتفاقية.. والسوريون وقّعوا..

وأشار الشهابي إلى أن تركيا هي من وضعت الاتفاقية بكافة بنودها، والجانب السوري وقّع فقط، حيث اشترطت تركيا إرسال خبرائها وفنييها لرؤية مواصفات الخيوط ومعاملها، وأرسلوا في يوم العطلة، ليقرروا بان مواصفاتها غير متطابقة مع المواصفات التركية والاتحاد الأوروبي، وبشروط الاتفاقية كانت تستهدف الحكومة التركية الصناعات المحلية التي تنافس صناعاتهم، أما اليوم فإنها تستهدفها بشكل مباشر بإرسال « اللصوص»، وتفكك المعامل وتنقلها إليها، أي أن عملية التدمير ممنهجة، ولديها بنك من الأهداف الصناعية، وهو ما يتضح من الاستهداف المباشر للمعامل وللصناعيين منذ نيسان 2011، وبمجرد عودة الهدوء نسبياً، فإن معظم الصناعيين الذين غادروا البلاد سيعودون إلى منشآتهم، حتى المدمرة منها، وسيعيدون بناءها في فترة تتراوح بين 3 – 5 سنوات..

وقد حذر الصناعيون من الإجحاف الذي تتضمنه الاتفاقية، وطالبوا بإيقافها، وإعادة العلاقات التجارية الطبيعية، فهناك بعض الصناعات النسيجية (صناعة الخيط)، وهي إحدى الصناعات التي تتفوق فيها سورية على الجانب التركي، وكان يتم تصديرها إلى الأخيرة، وسحبت بعض الأسواق من أيدي الاتراك، ولكن ودون سابق إنذار، أوقفت تركيا صادرات الخيط السوري، وتذرعت بأن الخيوط لا تحقق شروط الاتحاد الأوروبي، مستغلة ثغرات تضمنتها الاتفاقية..

آخر تعديل على الجمعة, 18 نيسان/أبريل 2014 13:41