الحكومة تضخِّم رقم التكلفة لتضخُّم رقم الدعم

الحكومة تضخِّم رقم التكلفة لتضخُّم رقم الدعم

وسط « الكركبة » الحكومية حول أسعار المازوت ورفعها، اتضح مستوى عدم الضبط وعدم الشفافية الذي يلف هذا القطاع. فعلى سبيل المثال فيما يخص ذريعة الحكومة حول تخفيف تكلفة الدعم، ذكرت أرقام حكومية متضاربة عن تكاليف تأمين المادة المرتفعة.

أحدها يقول إن وسطي التكلفة بين المنتج محلياً والمستورد يصل 50 ل.س وبناء عليه يقول هؤلاء بان الحكومة لا تزال تدعم الليتر بمقدار 15 ل.س.. بينما يشير رقم آخر إلى وصول التكلفة إلى 100 ل.س سنتجاهل الرقم الثاني لأنه تعبير مباشرعن الشطحات الحكومية في تضخيم الأرقام..

تكلفة 50 ل.س  تكلفة وسطية

بين المنتج محلياً والمستورد!

قبل عام الأزمة كانت كميات الاستهلاك تتوزع بنسبة 60 % إنتاج محلي، و 40 % مستورد.

مع تراجع الإنتاج وزيادة الاعتماد على الاستيراد، بالإضافة إلى تراجع الكميات، تشير التقديرات أن الاستهلاك بين المنتج محلياً والمستورد أصبح مناصفة، أي حوالي 3,75 مليار ليتر مازوت مستورد ومثلها منتج. باعتبار أن كميات الاستهلاك لم تتراجع.

وبما أن  « تحرير « المعلومات النفطية في سورية، وإزالة الغموض عنها لم يبلغ حتى اليوم الكثير من مفردات هذا القطاع، كتكلفة استيراد الليتر، وتكلفة إنتاج الليتر محلياً، وطرق التسعير.. سنحاول الاستعانة بتقديرات لمناقشة وسطي التكلفة المعلن..

المازوت المستورد

3,75 مليار ليتر، ما تكلفة استيراد كل ليتر منها..

إذا ما كانت كلف استيراد الليتر في سورية غير معلنة، فهي معلنة في لبنان مثلاً، ونستطيع أن نستعين بأسعار البيع للمستهلك في لبنان. حيث تم الاختيار بناء على كون المازوت هناك غير مدعوم نهائياً ويباع بالسعر العالمي ومستورد بكامله.

في شهر آب 2012 كانت تكلفة استيراد الليتر في سورية تبلغ 40 ل.س، بينما تكلفة اللتر للمستهلك في لبنان 72 ل.س ليشكل الفرق هامش السعر والضرائب المفروضة في لبنان، اليوم سعر الليتر للمستهلك  في لبنان  80 ل.س. بالتالي فإن كلفة الاستيراد في سورية تبلغ 50 ل.س تقريباً.

إذا ما كانت كلفة الاستيراد بحدود 50 ل.س، والوسطي بحسب التصريحات الحكومية بحدود 50 ل.س فإن تكلفة المنتج محلياً تقترب من 50 ل.س؟؟ فهل  يعقل أن تكون كلفة المنتج محلياً تساوي تقريباً كلفة المستورد؟

التسعير بيت الداء

تعتمد الحكومة في تسعيرها للنفط المنتج محلياً على أسعار النفط العالمية، وتبرر شركة المحروقات بأنها تحصل على المازوت المنتج محلياً من المصافي الحكومية بالسعر العالمي إلا أن هذا لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً، فما يسجل خسارة لدى شركة المحروقات يسجل ربحاً لدى المصافي.. لتبقي التكلفة الحقيقية للمازوت المنتج محلياً أقل بكثير من التكلفة الاسمية المسجلة بالسعر العالمي..

بناء عليه فإن التكلفة الوسطية تنخفض عن 50 %.

تصحيح الأرقام

في آب 2012 عندما كان السعر الحكومي 23 ل.س، صرحت شركة المحروقات لنا بأن تكلفة إنتاج الليتر محلياً بدون سعر النفط تبلغ 23 ل.س وإذا ما اعتمدنا رقم 25 ل.س في حساب الوسطي. وفق اعتماد المناصفة بين المنتج المحلي والمستورد.

25 + 50 / 2 = 37,5 ل.س وسطي تكلفة ليتر المازوت بين المنتج والمستورد. وهو الرقم المعلن من بعض الجهات الحكومية التي عارضت رفع سعر المادة.

أي أن الحكومة مع السعر الجديد تقدم دعم وسطي بمقدار 2,5 ل.س لليتر. ليبلغ سنوياً 18,7 مليار ل.س فقط. وهذا الرقم قابل للتخفيض بشكل كبير لأنه محسوب على أساس أن كمية الاستهلاك موافقة لنسب عام 2011 مع العلم أن تراجع الاستهلاك يدل عليه تراجع كبير في الكميات المتوفرة بالسوق بالتالي فإن قيمة الدعم تنخفض عن هذا الحد بشكل كبير.