ثلاثة قرارات أثارت الغضب.. وحقيقة رفع سعر المازوت في مكان آخر
القرار.. مسؤولية من؟! في ظل تبرؤ كل الجهات صاحبة العلاقة من قرار رفع المازوت، فمن هي الجهة التي أصدرته إذا لم تكن الحكومة ومعظم وزاراتها الحاضرة أو الموافقة على مثل هذا القرار؟! فالقرار.. مسؤولية من؟!
التبرؤ الرسمي المريب من مسؤولية رفع سعر الليتر، يوحي بأن القضية لا يمكن وضعها إلا في خانة سعي البعض في مراكز صناعة القرار لإنتاج أزمة لتبرير اتخاذ قرار، والذي يعني، وبالمختصر، أن من أنتج أزمة المازوت هو من أنتج القرار في المحصلة..
والبلبلة المقصودة من رفع القرار تدل عليها الإشاعات المرافقة حول رفع أسعار البنزين والدقيق..
قرار الحكومة .. وإشاعات مرافقة
ارتفاع سعر البنزين في سورية، قرار طاله الكثير من الجدل والشائعات التي تصر في فحواها على تأكيد صدور قرار برفع سعر البنزين إلى 60 ليرة سورية/ ليتر، في الوقت الذي نفى فيه معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك «صدور أي قرار برفع سعر البنزين المستخدم للسيارات 90 أوكتان، والذي لايزال سعر الليتر منه 55 ل.س».
هذا الجدل جاء بعد يومين تقريباً على صدور قرار برفع سعر مادة المازوت إلى 35 ليرة/ ليتر، والذي شهد ضجة كبيرة بين المسؤولين أنفسهم، حيث فوّض وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك معاونه بالتوقيع على القرار..
وبالتزامن مع أنباء رفع سعر المازوت والبنزين، تصدرت أخبار عن رفع سعر الدقيق صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، متناقلة خبر رفع سعر طن الدقيق إلى 39155 ليرة سورية، لتزيد البلبلة وغضب المواطن، الحلقة الأضعف والمتأذي الأكبر اقتصادياً خلال الفترة الأخيرة، جراء الارتفاعات الهائلة في أسعار معظم المواد الأساسية منها وغير الأساسية.
ومن جهتها، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بينت موقفها ورداً على الكلام المتناقل فيما يخص رفع أسعار هذه المواد الثلاث (مازوت، بنزين، دقيق)، والبداية كانت مع النائب الاقتصادي الدكتور قدري جميل الذي اعتبر أن القرار حكومي بالدرجة الأولى، ومبني على نقاشات عديدة، وأن وزارة التجارة الداخلية مكلفة حسب الأصول وقانوناً بإصدار الصك التنفيذي المعبر عن القرار الحكومي.
ثلاث حجج للرفع
وبين النائب الاقتصادي أنه أثناء المباحثات التي سبقت صدور القرار كان هناك مؤيدون ومعارضون، حيث قدم المناصرون لرفع السعر حججاً لاقت قبول الأغلبية، وتضمنت أن رفع سعر المازوت سيكون له آثار إيجابية بتخفيض سعر السوق السوداء التي وصل فيها سعر الليتر إلى 200 ليرة، وأن الدولة تخسر الكثير جراء حجم الدعم المتزايد بسبب المتغيرات، إضافة لسعر المازوت دولياً وتذبذب سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار انخفاضاً، وتزايد حجم المازوت المستورد أمام المنتج محلياً، رغم أن المنتج والمستورد لا يغطي حاجة الاستهلاك، فضلاً عن أنه في ظل الأزمة الحالية تراجعت الموارد والإنتاج الزراعي والصناعي بسبب انقطاع خطوط النقل، ومن المتوقع أن يساعد هذا الإجراء على تحصيل 60 مليار ليرة سنوياً لخزينة الدولة، ويساعد وزارة المالية لاستمرار تسديد أجور العمال والموظفين حتى المتوقفين عن العمل منهم.
كما لفت الدكتور قدري إلى أنه لا يمكن لوزير بعينه أن يأخذ على عاتقه هكذا قرار استراتيجي، ولن تظهر جدوى القرار إلا مع مرور الأيام، مثل حدوث انخفاض السعر بالسوق السوداء، ورفع الكميات الموجودة بالسوق، وتخفيف هوة الدعم وتحويلها لأجور، أما في حال تبين عدم جدوى القرار، فلا بد من التراجع عنه.
وفي هذه الحال، إن مهمة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هي تصدير القرار، والإشراف ومراقبة تطبيقه، مع التأكيد على أنه قرار متخذ من رئاسة مجلس الوزراء استناداً إلى كتاب وزارة النفط.
سادكوب : التكلفة أعلى
والتهريب مستمر
ومن جانبه قال مدير عام محروقات الدكتور ناظم خداج إن «قرار رفع سعر المازوت جاء بعد أن أصبح تأمين المادة يشكل تكلفة كبيرة على الدولة تزيد عن 100 ليرة /ليتر، وبالتالي عجوزات كبيرة لا بد من تلافيها، والسبب الأساسي وراء هذا في صعوبة النقل والاستيراد والتكلفة العالية بسبب المخاطر والعقوبات المفروضة على سورية».
وتابع خداج قوله إن «سعر المازوت في دول الجوار عال جداً، وهناك حركة تهريب كبيرة للخارج، ولا بد لرفع السعر من الحد من هذه العملية، إضافة لانعكاسه إيجاباً على المواطن من حيث تخفيض سعر السوق السوداء، علماً أن السوق السوداء ستظل موجودة طالما توجد اختناقات بالمادة»، مشيراً إلى أنه «من المستبعد إدخال تعديل جديد على السعر برفعه في الفترة القريبة القادمة».
حول البنزين والدقيق
أما عن رفع سعر مادة البنزين إلى 60 ليرة سورية، فقد أوضحت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنه لم يطرأ تغيير على سعر البنزين 90 أوكتان، أما ما تم تناقله في وسائل الإعلام فهو قرار بتاريخ 29 تشرين الثاني 2012، القاضي برفع سعر مبيع مادة البنزين الممتاز أوكتان 95 - EURO للمستهلك والموزع عبر محطات التوزيع العائدة لشركة المحروقات إلى 60 ليرة سورية ، علماً أن هذا النوع ليس متوافراً حالياً في سورية. تم بتاريخ 29 تشرين الثاني 2012، رفع سعر ليتر البنزين العادي في محطات الوقود من 50 ل.س إلى 55 ل.س، بنسبة زيادة مقدارها %16، سبقه قرار الحكومة السورية برفع سعر ليتر مادة البنزين إلى 50 ل.س بدلاً من 44 ل.س للتر الواحد.
ويبلغ استهلاك سورية من البنزين يومياً نحو 7 ملايين ليتر، أي نحو 2.5 مليار ليتر سنوياً، حيث توفر الحكومة عند رفع سعر اللتر الواحد 5 ليرات نحو 12.5 مليار ل.س.
وعن سعر مادة الدقيق، بينت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أن رفع سعر طن الدقيق إلى 3955 ليرة سورية، فهو إجراء سنوي يحدد أسعار مبيع القمح والدقيق موسم حصاد 2012 مبيع عام 2013، ليتم التوصل على أساسه لاحتساب العجز التمويني الفعلي، وهو محصور بالتعاملات بين المؤسسة العامة للحبوب والشركة العامة للمطاحن، ولا علاقة له بسعر المستهلك.