مذكرة «نهب» المعادن الأوكرانية

مذكرة «نهب» المعادن الأوكرانية

بعد توريط زيلينسكي والغرب للأوكرانيين بحرب خاسرة راح ضحيتها مئات الآلاف فضلاً عن التدمير الواسع، جاءت مذكرة تفاهم، أو مذكرة «إعلان نوايا»، لتفرض على الأوكرانيين شروطاً اقتصادية قاسية من نهب مباشر لمعادنها الثمينة، بذريعة التعويض عن الدعم العسكري الأمريكي، وتحكّم خارجي/أمريكي بعملية إعادة الإعمار والمشاريع فيها، مما سيجعل أوكرانيا منهوبة ومنهكة لوقت طويل، حتى وإن توقفت الحرب تماماً الآن.

وقعت واشنطن وكييف يوم الخميس 17 نيسان مذكرة تفاهم، تعد الخطوة الرسمية الأولى في إطار ما يعرف بـ «اتفاق المعادن»، وتمهيد نحو اتفاق شامل من المزمع توقيعه نهاية الأسبوع الجاري، يتضمن شراكة اقتصادية واسعة، وإنشاء صندوق استثماري لإعادة إعمار أوكرانيا، ومن المتوقع وفقاً للمسوّدة والتسريبات، أن يمنح الاتفاق النهائي الولايات المتحدة حق الوصول إلى المعادن الأساسية في أوكرانيا، كالتيتانيوم والليثيوم واليورانيوم، ونفوذاً على مشاريع الموارد في أوكرانيا.

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: «هذه مذكرة تفاهم تعكس نوايانا الإيجابية والبناءة» مشيراً إلى أن الولايات المتحدة اقترحت توقيع المذكرة قبل الاتفاق الكامل الذي يتطلب تصديق البرلمان الأوكراني.
وقالت وزيرة الاقتصاد ونائبة الرئيس الأوكراني الأولى، يوليا سفيريدينكو: «يسرنا أن نشارككم توقيع مذكرة تفاهم مع شركائنا الأمريكيين، تضع الأساس لاتفاقية شراكة اقتصادية، وإنشاء صندوق استثماري يهدف لإعادة إعمار أوكرانيا».

أما أمريكياً، قال الرئيس دونالد ترامب: «بات لدينا اتفاقية معادن اعتقد أنه من المقرر توقيعها الأسبوع المقبل.. أتوقع أن تحافظ اوكرانيا على التزامها بموجب الاتفاقية، وسنرى»، وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت: «ما زلنا نضع اللمسات الاخيرة… إنها تنسجم مع ما اتفقنا عليه سابقاً… أنشأنا مذكرة تفاهم، وتقدمنا مباشرة نحو اتفاقية شاملة، أعتقد أنها من حوالي ٨٠ صفحة، وهي ما سنوقعه».

ومن المتوقع أن تمتلك الولايات المتحدة عبر الصندوق الاستثماري حق الفيتو على أيّ مشاريع تخص المعادن والبنية التحتية الرئيسية، الممولة من خلال الصندوق الجديد وتحكّمه، وفي العموم ستحصل الولايات المتحدة على أرباح وعائد سنوي بنسبة 4% إلى أن يتم سداد قيمة مساعداتها العسكرية والمالية لأوكرانيا خلال فترة الحرب.

من المبكر الحديث حول الاتفاق النهائي ومضمونه وآلياته، أو حتى عن مدى جدية توقيعه نهاية الأسبوع الجاري، إلا أن الجديد كان غياب الحديث الذي برز الأسبوع الماضي والمتعلق بالسيطرة الأمريكية على أنبوب الغاز الروسي – الأوروبي، الذي يعبر ضمن الأراضي الأوكرانية، فيما يبدو أنه كان تصعيداً وتحذيراً أمريكياً سرْع كييف لتمضي قدماً باتفاق المعادن التقليدي.

على أيّ حال، فإن هذا الاتفاق بمثابة تشريع «نهب» وصك عبودية للأوكرانيين والسيطرة على اقتصادهم، لصالح كلّ من الولايات المتحدة والأوليغارشيا الأوكرانية، دون التناسي أن الحرب نفسها أساساً- الذي يأتي هذا الاتفاق في سياق التذرع بتعويض الـ «مساعدات» الأمريكية لأوكرانيا خلالها- كانت من صنيعة الغربيين وتحريضهم وعلى رأسهم واشنطن، وما كانت المساعدات المالية والعسكرية الأمريكية لأوكرانيا إلا مساعدات واستثمار لمصلحتها هي بالتحديد، بمواجهة روسيا، قبل أن تبدأ الهزائم بالظهور، بينما دفع الشعب الأوكراني ثمنها من دمائه، وسيدفع بذريعتها الآن من اقتصاده وجيوبه لسنوات طويلة مقبلة، إذا ما وقع الاتفاق وبقي سارياً ومُفعلاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1223