أوكرانيا و«النفس الأوروبي الأخير»!
في تطوّر دبلوماسي لافت، قدّمت الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يدعو إلى «نهاية سريعة» للنزاع في أوكرانيا، دون الإشارة إلى وحدة أراضيها أو تحميل روسيا مسؤولية مباشرة. وجاء هذا التحرك الأمريكي في وقت كانت فيه أوكرانيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، تعمل على مشروع قرار آخر يُدين روسيا، ويطالب بانسحاب فوري وغير مشروط لقواتها من الأراضي الأوكرانية.
هذا التباين في المواقف بين الحلفاء التقليديين أثار تساؤلات حول وحدة الصف الغربي في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، فبينما تسعى الدول الأوروبية إلى موقف حازم يُحمّل موسكو المسؤولية الكاملة، تتبنى واشنطن نهجاً أكثر مرونة، يُركز على إنهاء النزاع دون توجيه اتهامات مباشرة.
يعكس التباين المشار إليه، تناقضاً واضحاً في الاستراتيجيات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. ففي حين يصر الأوروبيون على موقف صارم تجاه روسيا، يبدو أن واشنطن تسعى إلى تسوية سريعة قد تتجاهل بعض المطالب الأوكرانية والأوروبية.
لكن من جهة أخرى، فإن هذا التحرك الأمريكي قد يكون محاولة من إدارة الرئيس دونالد ترامب لنقل عبء الأزمة وتبعاتها إلى الأوروبيين، فمن خلال تقديم مشروع قرار لا يُحمّل روسيا المسؤولية، قد تسعى واشنطن إلى تقليص دورها في النزاع، ما يضع الأوروبيين في مواجهة مباشرة مع التحديات المترتبة على استمرار الأزمة.
ويطرح هذا السيناريو تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تحاول تحميل الأوروبيين مسؤولية الخسائر والتبعات الناجمة عن النزاع، وتركهم عند «النفس الأخير» في التعامل مع الأزمة الأوكرانية. فمع تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية على الدول الأوروبية، ستكون هذه الدول نفسها مضطرة لتحمل المزيد من الأعباء.
واللافت، أن هذا التحرك الأمريكي لم يكن مفاجئاً للأوروبيين فحسب، بل حظي بترحيب من الجانب الروسي. فقد وصف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، مشروع القرار الأمريكي بأنه «فكرة جيدة»، مشيراً إلى أن موسكو اقترحت تعديلاً يتناول «الأسباب الجذرية للصراع».
ختاماً، ووسط هذه التطورات، يشار إلى أنه برزت مطالبات أوروبية بضرورة إشراكها في المفاوضات الجارية حول الأزمة الأوكرانية. فقد أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن استيائها من استبعاد الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا من المحادثات التي انطلقت في الرياض بين الولايات المتحدة وروسيا.
وأكدت فون دير لاين، خلال لقائها مع المبعوث الأمريكي كيث كيلوغ، على أهمية مشاركة الاتحاد الأوروبي في هذه المفاوضات، مشيرة إلى الدعم المالي والعسكري الكبير الذي قدمته أوروبا لأوكرانيا، والذي بلغ 135 مليار يورو، منها 52 ملياراً كمساعدات عسكرية، ما يعادل المساهمة الأمريكية في هذا الصدد. وشددت على أن أي حل يجب أن يحترم سيادة أوكرانيا، ويقدم لها ضمانات أمنية قوية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1215