الغرب وحده يلعب «الروليت الروسية» بسلاح أوكرانيا
في كل مرة يُقدم فيها الغربيون، وتحديداً حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، على خطوة استفزازية وتصعيدية جديدة تجاه موسكو، يظهرون كمن يلعب «الروليت الروسية» بانتظار الخطوة التي ستتسبب بصراع أوسع، وربما عالمي.
في خطابه الأخير– خطاب الوداع– تحدث الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بأبلغ طريقة تحريضية ممكنة على خطّين، الأول: تكاتف الأعضاء في حلف الناتو، وعدم مضي أي منهم نحو الانعزال وحده. الثاني: التعبئة والتحريض ضد روسيا، وعدم اتخاذ تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على محمل الجدّ.
حيث قال ستولتبرغ عن بوتين: «أعلن عن العديد من الخطوط الحمراء مسبقاً ولم يُصعد الأمر، مما يعني أنه لم يشرك أعضاء حلف شمال الأطلسي بشكل مباشر في الصراع [...] لم يفعل شيئاً لأنه يدرك أن حلف شمال الأطلسي هو أقوى تحالف عسكري في العالم. كما يدرك أن الحروب بأسلحة نووية لن تسفر عن انتصار، ولا ينبغي خوضها. وقد أوضحنا ذلك مراراً».
وكأن السيد ستولتبرغ مستاء من عدم إشراك أعضاء حلف الناتو مباشرة بالصراع، أو أنه يُراهن على ذلك، وفحوى حديثه يعبر عن تحريضٍ أعلى في هذه اللحظة التي يدور فيها الحديث عن السماح لكييف باستخدام صواريخ غربية بعيدة المدى، تضرب العمق الروسي، وتحذير بوتين بأن ذلك سيعني دخول الناتو والولايات المتحدة مباشرة في الحرب، ليكون ستولتنبرغ يراهن على أن سماح الغربيين بذلك لن يؤدي إلى مواجهة روسية مباشرة مع حلف الناتو، وأيّ من أعضائه، واعتبر الكرملين صراحةً على لسان المتحدث باسمه ديميتري بيسكوف، أن هذه التصريحات خطيرة!
عملياً، تبرز جدّية موسكو واستعداداتها على احتمالات صراع واسع مع الناتو والولايات المتحدة على مستويات عدّة، فمن جهة تجري حالياً مناقشات تتعلق بتعديل العقيدة النووية الروسية، أي بالحالات والظروف التي تسمح وتحدد وتشترط الردّ النووي الروسي، فضلاً عن توزيعه وانتشاره واستخداماته وأهدافه، وهذه المناقشات بمثل هذا التوقيت وبكيفية عرضها إعلامياً تشير إلى تعديلات تردع الناتو واستفزازاته.
ومن جهة أخرى، أعلن بوتين قبل أسبوع عن رفع تعداد الجيش الروسي سواء الموجودين في الخدمة مباشرة أو الاحتياط، وهي خطوة أولى واستباقية لاحتمالات مواجهة أوسع مقبلة. وترافق ذلك مع مناورات عسكرية بحرية روسية هي الأكبر والأضخم منذ 30 عاماً في المحيطين الهادي والمتجمد الشمالي، وبحار الأبيض المتوسط والبلطيق وقزوين.
كل ذلك دفع بالغربيين نحو «تأجيل» الحديث عن السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ بعيدة المدى، فرغم أن استدامة الصراع مع روسيا عبر أوكرانيا هو هدف أساسي للغرب، إلا أن دخول أي من أعضاء الناتو أو الولايات المتحدة بصراع مباشر مع موسكو ليس كذلك، ويحمل مخاطر تدركها الكثير من الدول وتحاول تجنّبها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1193