زيارة سوليفان لبكين، هل من جديد يُذكر؟
ملاذ سعد ملاذ سعد

زيارة سوليفان لبكين، هل من جديد يُذكر؟

زار مستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية- جيك سوليفان- الصين لمدة 3 أيام بين 27 و29 آب، التقى خلال الزيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، والجنرال في الجيش الصيني زانغ يوشي، والرئيس الصيني شي جين بينغ، في إطار إرساء علاقات صينية- أمريكية أكثر استقراراً كما هو معلن.

تأتي هذه الزيارة وسط خلافات حادة بين البلدين، تتعلق بالمنافسة الاقتصادية والسياسية بينهما، والخلافات المباشرة المتعلقة حول تايوان والتواجد العسكري الأمريكي في المحيط الهادئ، والاصطفافات المتباينة حول مختلف الملفات والقضايا الدولية، وعلى رأسها أوكرانيا وفلسطين.
زعم سوليفان خلال لقائه وانغ يي: أن «الولايات المتحدة الأمريكية والصين ستتعايشان سلمياً على هذا الكوكب لفترة طويلة من الزمن» وأن «هدف سياسات الولايات المتحدة الأمريكية هو إيجاد طريق يسمح لتطور مستدام للعلاقات الأمريكية الصينية».
وبعد لقائه وانغ يي، اجتمع سوليفان مع الرئيس الصيني شي جين بينغ والجنرال في جيش التحرير الشعبي الصيني زانغ يوشي، وتركزت محادثاتهم حول تايوان، وبحر الصين الجنوبي، والتجارة، والعقوبات الأمريكية على الشركات والمؤسسات الصينية، والصراعات الجارية في أوكرانيا وغزة.
وخلال هذا اللقاء، قال جين بينغ لسوليفان: «على الولايات المتحدة أن تعمل مع الصين بالاتجاه نفسه، أن ترى الصين وتطورها بشكل إيجابي وعقلاني، وأن يرى البلدان تطور بعضهما البعض كفرصة عوضاً عن تحدٍّ لبعضهما، والعمل مع الصين لإيجاد طريق صحيح ليتعاون هذان البلدان العظيمان».
أما زانغ يوشي، فقد شدد على أن تصحح الولايات المتحدة «استراتيجيتها حول الصين» وأن تحترم مصالحها الأساسية، عبر وقف بيع الأسلحة إلى تايوان و«التوقف عن نشر الروايات الكاذبة حول تايوان».
وبحث الطرفان إمكانية عقد محادثات بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأمريكي جو بايدن في المستقبل القريب، واتفقا على عقد لقاء فيديو بين ممثلين عن جيشيهما بوقت مناسب، لبحث المسائل المتعلقة في المحيطين الهندي والهادئ.
بالمعنى العملي، لا تعكس زيارة سوليفان هذه أي جديد يذكر، وتأتي مشابهة للقاءات سابقة عقدها مع المسؤولين الصينيين على هامش قمم دولية سابقة. رغم ذلك، يرى بعض المحللين، أن زيارته الآن تهدف لتهدئة الأجواء بين الولايات المتحدة والصين قبيل الانتخابات الأمريكية المقبلة، بيد أن لا حوامل واقعية لهذه الفكرة، فلا تزال الخلافات الأساسية بين البلدين موجودة وفاعلة، وصولاً إلى الاتهامات المتكررة بمساعدة الصين لروسيا عسكرياً في معركتها مع أوكرانيا. بل إن هذا اللقاء، كما سبقه، يهدف لإبقاء مستوى التوترات عند حدٍ معين ومضبوط، وخصوصاً أن الصراع يشتد في بقاع أخرى من العالم.
إضافةً إلى ذلك، يجري النفخ بسرديّة وافتراض تفضيل الصين لإدارة بايدن– الديمقراطيين عوضاً عن ترامب– الجمهوريين، وفي مقابل ذلك تفضيل روسيا لترامب– الجمهوريين، وبناء استنتاج مفاده بوجود تباين روسي صيني. ولكن في الحقيقة، بعيداً عن الصورة التي يجري رسمها، لا فرق بين الإدارتين بالنسبة لكلٍّ من الصين وروسيا على حد سواء. فبالنسبة لموسكو، قد يختلف ثقل الصراع عسكرياً في أوكرانيا، لكن ذلك لا يعني سياسة مختلفة. وبالنسبة للصين، فإن ما فرضه ترامب من حرب تجارية في 2019 عبر رفع قيمة الغرامات والرسوم الجمركية على السلع الصينية، لم تلغه إدارة بايدن، بل وأضافت عليها أكثر فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية وألواح الطاقة الشمسية والمعادن المستوردة من الصين. كما زادت إدارة بايدن من تصعيدها واستفزازها عبر تعزيز علاقاتها ووجودها العسكري على تخوم الصين، وإقامة تحالفات باتت تسمى بـ «ناتو آسيوي».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1190
آخر تعديل على الأربعاء, 11 أيلول/سبتمبر 2024 23:09