طاجيكستان- قرغيزستان وتوتير آسيا الوسطى
ملاذ سعد ملاذ سعد

طاجيكستان- قرغيزستان وتوتير آسيا الوسطى

وُضعت بقعة متأزمة أخرى من العالم تحت المجهر، وهي منطقة باتكان الحدودية بين طاجيكستان وقرغيزستان في آسيا الوسطى، حيث انطلق تصعيد عسكري بين البلدين يوم الأربعاء، ووصل ذروته يوم الجمعة في مناطق واسعة، مهدداً باشتعال حربٍ بينهما، فما القصة خلف هذا الحدث ومن المستفيد منه؟

توجد بين طاجيكستان وقرغيزستان خلافات حول العديد من المناطق الحدودية المتنازع عليها منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، بالتوازي مع التخريب الغربي آنذاك، الذي تعمّد إبقاء هذا النزاع بارداً، دون حلٍّ حقيقيّ له، لأسباب تعبّر عن نفسها بما يجري الآن، كتوترات تشتعل كل حين، على شاكلة معظم المناطق الحدودية المتنازع عليها في مناطق أخرى من العالم، ومنها مثالاً ما جرى بين أذربيجان وأرمينيا.
علماً أنه قد نشبت عدة خلافات عسكرية متكررة، وأقل حدة في الماضي بين البلدين، تشابه ما يجري الآن، كما توجد ذرائع مختلفة يستخدمها الطرفان، منها: التهريب ووجود معابر غير قانونية.
تفيد الأنباء أن التصعيد الأخير يوم الأربعاء انطلق من الجانب القرغيزي باتجاه القوات الطاجيكية، وذلك بذريعة تواجد الأخيرة بشكل غير قانوني وغير متفق عليه في إحدى مناطق النزاع، قبل أن يتفق الطرفان على وقف إطلاق نار أول، تم خرقه من الجانبين، والتوصل لاتفاق ثان لا يزال سارياً بشكل هشّ، وقد راح ضحية الاشتباكات 24 جندياً قرغيزياً وجنديين طاجيكيين، وإصابة العشرات وفقاً للأخبار الرسمية.
من غير الممكن بعد، بالاستناد إلى البيانات والمعلومات المتوافرة والمعلنة، تحديد الأسباب الحقيقية والمباشرة خلف هذا التصعيد الكبير من داخل الدولتين، ولكن يمكن لأيّ متتبع رصد الظروف والعوامل الخارجية الدولية المؤثرة والمرتبطة بالأمر. فكلاً من طاجيكستان وقرغيزستان تُعدان مقربتان من روسيا، كما أن كلاً منهما تحتويان قواعد عسكرية روسية مرتبطة بشكل مباشر وكبير بالعملية العسكرية الروسية الجارية في أوكرانيا، ونأخذ بذلك مثالاً تقرير من موقع RadioFreeEurope نشر في 14 أيلول يفيد بنقل حوالي 1500 جندي مؤخراً من قاعدة روسية في طاجيكستان إلى جبهات القتال الأمامية في أوكرانيا، وبصرف النظر عن صحة أو دقة هذه المعلومة، إلّا أن لها وظيفة إعلامية واضحة على الأقل.
كما أن الموقع الجغرافي للبلدين- آسيا الوسطى- كان على الدوام محط استهداف الغربيين والأمريكيين خاصةً، وتفجير النزاع الطاجيكي- القرغيزي يعني توتير هذه المنطقة، وفتح ملف مضاف لروسيا والصين وإيران للانخراط فيه وبتعقيداته، وهو بذلك ملف مضاف لعشرات الملفات الدولية الأخرى الشبيهة المتاخمة للحدود الصينية والروسية، علماً أن كلاً من بكين وموسكو أوضحتا سابقاً في وقت قريب تركيز جهودهما في هذه المنطقة، وهو ما يعني وجود توقعات مسبقة لديهما بمحاولات تفجير المنطقة.
وبالمثل من غيرها من الملفات، بينما تنصب جهود المخربين لتسعير الصراع عسكرياً، بدأت موسكو محاولاتها دخول الوساطة بين الطرفين الطاجيكي والقرغيزي لحل المسألة سلمياً، وعلى طاولة الحوار.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1088