مشروع الغرب «الواعد» في مواجهة الصين!

مشروع الغرب «الواعد» في مواجهة الصين!

اختتمت قمة مجموعة دول السبع أعمال يومها الثالث، يوم الأحد 13 من شهر حزيران الجاري، وكما هو متوقع فقد «سيطرت» الصين على جدول الأعمال. وقد بات تكرار الخطاب الغربي العدائي تجاهها فاتحة لكل المنتديات والمؤتمرات الدولية التي تخضع لسيطرة واشنطن.

 قرار واشنطن أن معركتها الرئيسية إنما تتمحور في آسيا حول الصين، يجعل التصريحات الغربية حول بكين محط اهتمامٍ حقاً، فدرجة التوتر الذي تشهده المنطقة المحيطة بالصين بالإضافة إلى حجم الإنفاق العسكري يخلق ترقباً حذراً، لكن وعلى الرغم من ذلك لا يخرج الغرب حتى اللحظة بخطوات ملموسة واضحة لرؤيته بمواجهة النفوذ الصيني، وربما يرد ذلك إلى أنه لا توافق حتى اللحظة حول كيفية فعل ذلك. فالعالم المترابط اقتصادياً يجعل محاولات واشنطن لعزل الصين- اللاعب الأقوى على ساحة الاقتصاد الدولية أمراً شديد الصعوبة.

كيف تتغلب على الصين في خطوة!

تتحدث التقارير الصادرة عن قمة مجموعة السبع، أن الدول المجتمعة قررت الحد من نفوذ الصين عن طريق لعب دورها! وإن كانت الجملة تبدو غير مفهومة فهذا يرد إلى أن الطرح لا يمت إلى الواقع بصلة! فما تقوله التصريحات باختصار: إن الصين تمتعت بنفوذ كبير ضمن الدول النامية نظراً لاستثماراتها الواسعة بالبنى التحتية لهذه الدول، والذي جرى ويجري ضمن إطار المبادرة الصينية «الحزام والطريق» والتي جرى إطلاقها رسمياً في العام 2013. ولذلك قرر المجتمعون في قمة السبع تأمين «مظلة استثمارية بديلة» لهذه الدول، أي: ببساطة محاولة الحد من النفوذ الصيني عن طريق تقديم بدائل عن الاستثمارات الصينية وتغطية احتياجات الدول التي جرى «إرغامها» للتعامل مع الصين. فحسب بيان رسمي للبيت الأبيض أعلن أن الهدف من المبادرة البديلة، هي الحد قدر المستطاع من احتياجات البنية التحتية في الدول النامية، والتي قدرها البيت الأبيض بأكثر من 40 تريليون دولار، وفي السياق نفسه أكد مسؤول أمريكي أن الأمر لا يتعلق فقط بمواجهة الصين بل بتوفير رؤية بديلة للعالم». وحسب تصريحات نسبت إلى المستشارة الألمانية أنجلا ميركل، قالت إنه «لا يكفي القول أن الصين تفعل هذا» بل يجب على دول السبع صياغة أجندة للدول النامية».

هل الأمور بهذه البساطة؟!

بعد إطلاق مبادرة الحزام والطريق منذ ثماني سنوات، وعلى الرغم من الهجوم الغربي الشديد عليها، والمحاولات الجادة لتشويهها نجحت الصين ببناء جسور حقيقية ضمن المبادرة وانضمت 69 دولة للمبادرة الصينية. فتشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن الصين ضخت استثمارات بقيمة 64 مليار دولار في الدول الواقعة على طول الحزام والطريق خلال السنوات من 2014 إلى 2017 وشملت هذه الاستثمارات أكثر من 50 دولة في أوروبا وإفريقيا وآسيا، وتشير الدراسة ذاتها إلى أن الصين وقعت 205 مذكرة مع 125 دولة و29 منظمة دولية ضمن إطار المبادرة ذاتها. وفي أرقام من مصادر أخرى توضح أن حجم التبادل التجاري الخارجي بين الصين والدول الواقعة على طول الحزام والطريق وصل إلى 383,24 مليار دولار في الربع الأول من العام 2021!
تؤكد الأرقام السابقة بعضاً من الوزن النوعي لمبادرة الحزام والطريق على المستوى العالمي، وتؤكد أن الحديث المثار في القمة عن ضرورة تأمين بديل لهذه المبادرة، هو حديث لا أساس واقعياً له، فالصين استطاعت تحقيق نجاحات في هذه المبادرة استناداً إلى وزنٍ اقتصادي كبير لا يستطيع الغرب مجاراته اليوم، والأهم من ذلك أنها بدأت هذا المشروع منذ سنوات وباتت عشرات الآلاف من الشركات مرتبطة اقتصادياً بهذا المشروع ولن يكون من السهل تأمين بدائل لكل هذا! بل إن المثير للسخرية حقاً أنه حسب تصريحات رسمية صينية فقد شهد خط الشحن بين الصين وأوروبا تسيير 3398 رحلة في الربع الأول في هذه السنة، بزيادة قدرت بـ 75% عن العام الماضي، أي: إن التصريحات الأوروبية التي تدعم التوجه الأمريكي لم تنعكس حتى اللحظة بسلوك فعلي على الأرض، بل يجري توسيع شبكات التبادل التجاري والاقتصادي بين الصين وأوروبا.
 القمة التي انعقدت في لندن حاولت التغطية على المفاصل متكلسة العلاقات بين دولها بجوقة الهجوم على الصين، فما هي أجندة التعاون الأمريكي الأوروبي؟ وكيف ستحل المشكلة المتفاقمة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؟ هل ستنجح بريطانيا بالبقاء موحدة؟ هل سيبقى الناتو قادراً على ممارسة نشاطه؟ هذه وغيرها من الأسئلة لا يجيب عنها المؤتمر الذي ينشغل بإطلاق مبادرات لا أساس لها لاستبدال الدور الصيني.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1022