هل ستشتعل حرب سودانية- إثيوبية؟
ملاذ سعد ملاذ سعد

هل ستشتعل حرب سودانية- إثيوبية؟

كما كل بقعة من بقاع الأرض التي لطخها الاستعمار خلال القرن الماضي، تحظى علاقات السودان وإثيوبيا بحصتها من الأزمة الحدودية حول منطقة «الفشقة» المتنازع عليها بعد خروج البريطانيين من السودان في أوائل القرن الماضي، لتبقى ملفاً عالقاً طيلة عقودٍ طويلة خلت، ويشهد تصعيدات وتوترات كل حين بأيدٍ خفية من صانعيه الغربيين.

على مر العقود والسنين، جرى عدد من المباحثات والتفاهمات الحدودية بين البلدين لترسيم الحدود، لكن ظلت منطقة الفشقة متنازع عليها دون اتفاقٍ رسميّ و«صلب»، وإنما تفاهمات «ناعمة» كانت تجري كل حين لضبط الأوضاع بين البلدين، ولم يجرِ سابقاً أن اصطدم الجيشان السوداني والإثيوبي في هذا النزاع، بيد أن إثيوبيا تحتوي «عصابات خارجة عن سيطرتها» على حد تعبيرها تقوم بعمليات هجومية كل حينٍ داخل الأراضي السودانية في المنطقة نفسها، كان آخرها يوم الاثنين الماضي حين راح ضحيتها 6 مدنيين من المزارعين السودانيين.

جاء هذا الهجوم الإثيوبي بعد اتهاماته للسودان التي عبّر عنها السفير الإثيوبي في الخرطوم، يبلتال امرو المو، بالاستيلاء على 9 مواقع تابعة لإثيوبيا وقيامه بعمليات عسكرية في شهر تشرين الثاني من العام الماضي خلال الفترة التي انشغل بها الجيش الإثيوبي بالقتال في أزمة تيغراي، بإيحاءٍ على أن الهجمة من «العصابات الخارجة عن القانون» قد جاءت كردّ فعلٍ على ذلك، قبل أن تقوم إثيوبيا بإرسال حشود عسكرية إلى حدودها مع السودان، وقيامها بطلعة جوية اخترقت بها الأجواء السودانية، لتُبدي الأخيرة تحذيراً شديداً بهذا الخرق.

من له مصلحة بالتصعيد؟

بكل تأكيد، إن المصلحة بهذا التصعيد دولياً تقع عند الجانب الأمريكي، وفي اليوم التالي للهجمة الإثيوبية وبعد تحليق طيرانه، قامت «إسرائيل» بطلعة جوية استطلاعية على الحدود السودانية- الإثيوبية كمن يرعى «مسير خرفانه»، إلا أن هذه المصلحة الأمريكية تتلاقى أيضاً مع مصلحة كل من الدولتين بتصعيدٍ وتهديد عسكري «لمواجهة الأزمات الداخلية» وفق تعبير وزير الخارجية السوداني الأسبق إبراهيم طه أيوب صراحةً عن ذلك، فالمجلس العسكري السوداني يواجه تهديدات أمنية في إقليم دارفور، ومعارضة داخلية شعبية قوية لا تعترف به، مطالبين تحجيمه وبمدنية السلطة... وعلى الجانب الآخر تشهد إثيوبيا أزمات مماثلة في إقليم تيغراي، ومعارضة داخلية لحكومة آبي أحمد، فضلاً عن أن كلا البلدين يعانيان من أوضاع اقتصادية صعبة وخانقة.

حرب أم حوار؟

لكن خلف كل التصريحات الرسمية الحادة من الجانبين، إلّا أنهما يعربان عبر القنوات الدبلوماسية صراحةً، بألّا حل للأزمة إلا بالحوار، ليقول إبراهيم أيوب: إن الحل يكمن فقط «بالطرق السلمية»، ويصرح محمد الفكي عضو مجلس السيادة السوداني بأن الحل هو «استمرار عمل اللجان المشتركة».

من البديهي القول أن لا مصلحة للسودان واثيوبيا في تحويل هذه المناوشات إلى حربٍ حقيقية، لكن حجم الشحن الذي يجري في القارة الأفريقية وخصوصاً مع أنظمة لها هذه الطبيعة التابعة يتركنا أمام احتمالات مفتوحة، ويبدو هذا واضحاً إذا ما نظرنا إلى التوقيت الذي يجري ضمنه فتح كل الدفاتر القديمة من جنوب القارة إلى شمالها، كما لو أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة إلى تفجير افريقيا عبر تفجير كل الملفات العالقة الصغيرة منها والكبيرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1001
آخر تعديل على الثلاثاء, 19 كانون2/يناير 2021 14:37