الأهداف الاقتصادية وراء العدوان الأمريكي على أفغانستان
كثيراً ما تلجأ الدول الاستعمارية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة إلى أساليب ماكرة وطرق ملتوية لإخفاء أهدافها الحقيقية، فتوجه الأنظار نحو جهة معينة بينما تكون منهمكة في الخفاء لتحقيق مآربها، وهذا ما يحصل الآن.
ترجمة: قاسيون
ففي الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة حملة عالمية شعواء على ما يسمى بـ «الإرهاب الدولي»، وتجرد جيوشها الجرارة وأسلحتها الفتاكة على أفغانستان بحجة القضاء على ابن لادن وحركة طالبان التي كانت من صنعها، تعمل في الخفاء للوصول إلى الهدف المنشود وهو تعزيز المصالح الأمريكية في منطقة بحر قزوين الغنية بالنفط للاستيلاء عليها واستثمارها لصالح الاحتكارات الأمريكية، ومن ثم التحكم بالعالم كله بما فيه حلفاءها وخصوصاً الاتحاد الأوروبي وهذا ما يعبر عنه التعبير الشعبي في بلدنا: «الدف في حرستا والعرس في دوما».
ولذلك يمكن التأكيد بأن المصلحة الأمريكية في هذه المنطقة، سواء كان ذلك المصلحة المباشرة للشركات الأمريكية التي ستجني مليارات الدولارات من العمل في حقول نفط هذه المنطقة أو المصلحة الاستراتيجية الأمريكية الهادفة لتوفير مصدر آخر للنفط بعيداً عن الخليج العربي والشرق الأوسط إجمالاً والتي كانت دائماً موضع اهتمام الإدارات الأمريكية منذ الثمانينات.
ولا شك بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى استيراد النفط لتغطية استهلاكها المحلي والذي تزايد في السنوات الأخيرة بشكل سريع حيث ارتفعت الواردات الصافية من 4.286 مليون برميل يومياً عام 1985 إلى 10.5 مليون برميل يومياً في العام الماضي.
وقد حاولت الولايات المتحدة منذ مطلع الثمانينات تخفيف اعتمادها على نفط منطقة الخليج وتنويع مصادر إمداداتها البترولية من كندا والمكسيك وفنزويلا وكولومبيا إلا أنها لم تستطع الاستمرار في هذا الاتجاه طويلاً لأن هذه المصادر المذكورة لا تستطيع تلبية هذه الزيادة، ناهيك عن اتجاه الأمور نحو التعقيد في السنوات الأخيرة، مع لعب فنزويلا دوراً جديداً ومؤثراً داخل منطقة الأوبك، بحيث كانت النتيجة مزيداً من البعد عن الولايات المتحدة وتحقق أسعار مرتفعة للنفط لاسيما خلال العامين الماضيين. وكانت النتيجة هي العودة في الاعتماد أكثر فأكثر على دول منطقة الخليج ودول الأوبك عموماً، بحيث بلغت جملة الوارد من بلدان منظمة الأوبك تغطي نحو 51.6 من جملة الاستهلاك الأمريكي في العام الماضي، بعد أن كانت لا تزيد عن 27.3 % عام 1985.
ومن هنا كانت الأهمية القصوى المعلقة على اكتشاف احتياطات نفطية خارج بلدان الأوبك، وخارج منطقة الخليج التي تحتوي على ثلثي حجم الاحتياطات النفطية المؤكدة في العالم، ومثلث منطقة بحر قزوين الفرصة الذهبية للولايات المتحدة إلى حد المبالغة الشديدة في حجم ما تحتويه في باطنها من احتياطات، إذ بينما لا تزيد الاحتياطات المؤكدة حتى الآن عن نحو 40 ـ 50 مليار برميل، أي أقل من خُمس الاحتياطات السعودية فإن بعض المصادر الأمريكية دأبت على القول بأن هذه الاحتياطات قد تصل إلى حجم الاحتياطات السعودية نفسها، أي «نحو 250 مليار برميل».
وتبقى المشكلة في كيفية استخراج نفط بحر قزوين ونقله، فثروات هذا البحر النفطية مازالت محل صراع بين الدول المطلة عليه، وخطط نقله تتعرض لمزيد من الاعتبارات الاقتصادية والمصالح الاستراتيجية لعديد من البلدان، كما أنها عرضة لتدخلات القوى الإقليمية. ومنها كانت أهمية أفغانستان كخط محوري واقتصادي لنقل هذا النفط، ناهيك عن أهمية الوجود على الأرض في هذا المكان الذي يؤمن مصادر الإمداد للدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة، ومن هنا يمكن التأكيد بأن ثروات بحر قزوين النفطية كنقطة مفسرة للحرب الأمريكية في أفغانستان.
الاقتصاد والحرب: وجهان لعملة واحدة
وعلى هذا الأساس تبرز أهمية القوة العسكرية لتأمين المصالح الاقتصادية الأمريكية، ولذلك أخذت الاستراتيجية العسكرية الأمريكية تتحول من مبدأ إعداد القوات المسلحة الأمريكية على ضوء إمكان خوض حربين في وقت واحد إلى مبدأ التدخل السريع والعاجل في نقاط ملتهبة في العالم قد تضر بالمصلحة الأمريكية، بل بمصالح الشركات الاحتكارية الكبرى وخصوصاً الشركات النفطية.
ومن هنا أيضاً ازداد الاهتمام بآسيا الوسطى والتي تمتد من جبال الأورال حتى الحدود الغربية للصين بسبب الاحتياطات الكبرى من النفط والغاز الطبيعي التي يعتقد بأنها تكمن في باطن الأراضي الواقعة على بحر قزوين وحولها، وعلاوة على ذلك فإن حرج وضع الطاقة داخل الولايات المتحدة والذي ظهر جلياً في العام الماضي في ارتفاع أسعار الوقود، بل وانقطاع الكهرباء المتكرر عن ولاية كاليفورنيا دفع الإدارة الأمريكية نحو تبني استراتيجية جديدة للطاقة مع مجيء الرئيس بوش الابن.
لقد كانت الولايات المتحدة تعمل منفردة لتحقيق أهدافها وهذا ما يمكن أن يطلق عليه غرور القوة، إلا أن «حساب القرايا لم ينطبق على حساب السرايا». فإذا كانت الصين وروسيا قد قدمتا دعمهما للولايات المتحدة في حربها العدوانية بدءا ًمن الموافقة على شن الحرب بالقرب من حدودهما، وانتهاء بالسماح لبعض البلدان بتقديم تسهيلات للعمليات العسكرية الأمريكية ـ طاجيكستان ـ أوزبكستان، وذلك من أجل تحقيق بعض المصالح الداخلية لهذه البلدان وخصوصاً إطلاق يدها في التعامل مع المعارضة الإسلامية أو الأقليات الإسلامية، إلا أن هذا يتم في ظل عدم التنازل في المجال الاستراتيجي وخاصة في معارضة التهديد الأمريكي بإلغاء معاهدة الصواريخ البالستية الموقعة مع روسيا من جانب واحد، أو في طموح بعض البلدان كالصين إلى لعب دور أكبر على النطاق العالمي والإقليمي، وأضحى على الولايات المتحدة أن تراعي اعتراضات القوى الكبرى ومطالبها، علاوة على القوى الإقليمية ذات المصلحة المباشرة في ثروات بحر قزوين كإيران.
ولذا فإن واشنطن التي تتحمل التكلفة المباشرة لتحقيق هدفها وهو إقصاء طالبان وتنصيب حكومة جديدة يعقد من تحقيق المصالح الأمريكية كما كان مأمولاً سابقاً. يتوجب عليها أن تأخذ مصالح الجميع بعين الاعتبار، دون أي ضمانة بأن ذلك سيوفر الاستقرار المطلوب سواء داخل أفغانستان أو في المحيط الإقليمي، وربما كان ذلك أخر ما كانت واشنطن ترغب فيه. > >
الأنابيب.. حلم أمريكا المستمر
نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية في 23 تشرين أول 2001 مقالاً بقلم جورج مونبوا تحت عنوان: «حلم أمريكا الممتد» ونظراً لأهمية الموضوع ننشر ترجمته الكاملة:
بذررة الحرب
سأل الرئيس الأمريكي وودرو ولسون (1) بعد عام من انتهاء الحرب العالمية الأولى: «هل من رجل أو امرأة ودعني أقول، هل من طفل هنا في الولايات المتحدة لا يعرف أن بذرة الحرب في العالم الجديد هي المنافسة التجارية والصناعية؟».
من المرجح بطبيعة الحال، عندما كان المواطن الأمريكي في عام 1919 يشاهد أوروبا الممزقة وهي تلملم أشلاءها، أن يكون الجواب «لا»... ولكن دروس الحرب لا تدوم طويلاً.
مغامرة استعمارية متأخرة!!
فمن المؤكد الآن أن غزو أفغانستان هو حملة ضد الإرهاب، ولكن يمكنه أيضاً أن يكون مغامرة كولونيالية متأخرة. فقد حذر وزراء بريطانيون أعضاء برلمانهم من أن معارضة الحرب القائمة حالياً هو المكافئ الأخلاقي لمداهنة هتلر (2)، وبشكل أو بآخر فإن خياراتنا الأخلاقية الآن هي أقرب إلى تلك التي كانت سائدة في عام 1956 منها إلى عام 1938(3)، إذ أن أفغانستان ضرورية جداً لنقل النفط وبسط التحكم الإقليمي في أسيا الوسطى تماماً كما كانت مصر في الشرق الأوسط.
الطريق إلى نفط قزوين
يوجد في أفغانستان ما يكفيها من النفط والغاز، ولكنه ليس بالكميات الكافية ليشكل حيز اهتمام استراتيجي كبير. ولكن بالمقارنة يوجد لدى جيرانها إلى الشمال احتياطي يمكن له أن يشكل عاملاً حاسماً في إمداد العالم مستقبلاً بهذين المصدرين. ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي، أشار في عام 1998 عندما كان المدير التنفيذي لواحدة من كبار شركات الخدمات النفطية: «لا أستطيع أن أحدد إطاراً زمنياً يمكننا أن نقول عنده إنه بات لدينا على نحو مفاجئ إقليم يوازي في أهميته الاستراتيجية أهمية منطقة قزوين».. ومن هنا فإن النفط والغاز سيفقدان قيمتهما دون تأمين طريق لنقلهما، والطريق الوحيد الذي يجعل لكل منهما معنى سياسياً واقتصادياً هو أن يمرا عبر أفغانستان. فإذا ما تم نقل إجمالي الطاقة المستخرجة من حوض بحر قزوين عبر روسيا أو أذربيجان فإن ذلك سيمكِّن روسيا من تعزيز سيطرتها السياسية والاقتصادية على جمهوريات آسيا الوسطى، الأمر الذي أمضى الغرب عشرة سنوات كاملة محاولاً منع قيامه. كما أن ضخ هذه الطاقة عبر إيران سيؤدي إلى تقوية نظامها وتعزيزه، وهو الذي تسعى الولايات المتحدة إلى عزله. أما نقلها عبر الصين واتخاذ طريق التفافي طويل فهو بعيد بشكل أو بآخر عن كل الاعتبارات الاستراتيجية إضافة إلى تكلفته الباهظة جداً بما ينفي إمكانية تحقيقه. وعليه، فإن نقله من خلال شبكة من الأنابيب عبر أفغانستان يمكّن الولايات المتحدة من متابعة هدفيها كليهما: «تنويع مصادر الطاقة» و«اختراق الأسواق الأكثر ربحية في العالم». فاستهلاك النفط في أوروبا بطيء والمنافسة شديدة، في حين تشهد منطقة جنوب أسيا نمواً مطرداً في الطلب يترافق مع قلة عدد المنافسين. وبكلام آخر، فإن ضخ النفط جنوباً وبيعه في باكستان والهند يشكل مصدر ربح أكبر بالمقارنة مع ضخه غرباً وبيعه في أوروبا.
الممر الآمن
جاء في التوثيقات التي أوردها الكاتب أحمد رشيد، أن الشركة الأمريكية للنفط «يونوكال» بدأت في عام 1995 محادثاتها لمد أنابيب نفط وغاز من تركمانستان، وعبر أفغانستان، إلى الموانئ الباكستانية على البحر العربي. وكانت خطة الشركة تهدف إلى تأمين جهة إدارية واحدة في أفغانستان تتولى ضمان وجود ممر آمن لبضائعها. ونقلت «التلغراف»، مباشرة بعد استيلاء طالبان على كابول في أيلول 1996، خبراً بأن «المطلعين على صناعة النفط في أمريكا صرحوا بأن حلم مد خط آمن لأنابيب النفط عبر أفغانستان هو السبب الرئيس الذي كانت باكستان، الحليف السياسي القريب للولايات المتحدة، تدعم لأجله طالبان إلى ذلك الحد الكبير، وهو ذات السبب الذي قبلت أمريكا لأجله، بهدوء، سيطرة طالبان على أفغانستان». ووصل الأمر إلى حد دعت عنده «يونوكال» بعض قادة طالبان إلى مدينة أوستن واستقبلتهم استقبال الملوك، واقترحت أن تدفع لهم مبلغ 15 سنتاً عن كل ألف قدم مكعب من الغاز الذي ستضخه عبر أفغانستان، البلد الذي قاموا بغزوه والاستيلاء عليه.
«يونوكال» تحكم طالبان
على امتداد السنة الأولى من حكم طالبان لأفغانستان، بدا أن سياسة الولايات المتحدة تجاه هذا النظام محكومة بمصالح «يونوكال». وفي عام 1997 قال أحد الدبلوماسيين الأمريكيين لأحمد رشيد إنه «من المحتمل أن تتطور طالبان على نمط السعوديين، أي سوف تكون هناك أنابيب (أرامكو) ـ الاتحاد النفطي الأمريكي السابق في السعودية ـ وأمير بدون برلمان والكثير من قوانين الشريعة. ونحن نستطيع أن نتعايش مع ذلك كله».
الطريق الوحيد الممكن
غير أن السياسة الأمريكية بدأت بالتغير فقط عندما بدأ الخضر والمنادون بالمساواة بين المرأة والرجل حملاتهم على كل من خطط «يونوكال» والدعم الأمريكي الخفي لكابول طالبان.
وعلى الرغم من ذلك، تبين إحدى مخطوطات الكونغرس الأمريكي التي يسمح بتداولها الآن بين مناهضي الحرب، أن شركة «يونوكال» أخفقت في فهم الرسالة. ففي شباط من عام 1998، أخبر جون ماريسكا، مدير علاقاتها الخارجية، أعضاء الكونغرس بأن تزايد الطلب على الطاقة في أسيا والعقوبات المفروضة على إيران تحتم أن تبقى أفغانستان «الطريق الآخر الوحيد الممكن» لنفط قزوين، وأن الشركة منذ قيام عدد من الدبلوماسيين والبنوك الأجنبية بالاعتراف بحكومة طالبان في كابول، ما زالت تأمل بتمديد خط أنابيب يمتد ألف ميل، ويكون قادراً على نقل مليون برميل من النفط يومياً. ولم تتخل «يونوكال» عن خططها إلا في كانون الأول من عام 1998 بعد أربعة أشهر من تفجير السفارة الأمريكية في شرق أفريقيا.
أهمية أفغانستان الاستراتيجية
ومع ذلك فإن الأهمية الاستراتيجية لأفغانستان لم تتغير. ففي أيلول، وقبل أيام قليلة من الهجوم على نيويورك، قدَّمت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تقريراً يقول: «يتأتى تمايز أفغانستان، حسب منظور الطاقة، من موقعها الجغرافي كطريق محتمل لنقل النفط والغاز الطبيعي المصدَّر من أسيا الوسطى إلى البحر العربي. وتشمل هذه الإمكانية إنشاء خط أنابيب لتصدير النفط والغاز الطبيعي عبر أفغانستان». وعلى اعتبار أن المدراء التنفيذيين لصناعة النفط السابقين هم الذين يهيمنون على الحكومة الأمريكية سيكون من باب البلاهة الاعتقاد بأن مثل هذه الخطط لم تعد قائمة في صلب التفكير الاستراتيجي الأمريكي. بل وكما أشار الباحث «كيث فيشر» فإن النتائج الاقتصادية المحتملة من الحرب في أفغانستان تعكس، كما المرآة، نتائج مثيلاتها في البلقان، إذ أن تنمية «الدهليز رقم 8»، وهو منطقة اقتصادية تبنى حول أنابيب النفط والغاز من قزوين إلى أوروبا، تشكل مصدر اهتمام حاسم لدى الحلفاء.
مذهب «الهيمنة الشاملة»
إن السياسة الخارجية الأمريكية تحكمها عقيدة «الهيمنة الشاملة»، مما يعني أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تتحكم بالتطور السياسي والاقتصادي والعسكري في العالم أجمع. ورداً منها على ذلك عملت الصين على توسيع رقعة مصالحها في آسيا الوسطى. وقد جاء في الكتاب الأبيض الصادر عن وزارة الدفاع الصينية في بكين في العام الماضي «أن المصالح الصينية الجوهرية تكمن في (...) إقامة نظام أمني إقليمي جديد والمحافظة عليه».
وفي حزيران نجحت الصين وروسيا في جرّ أربع جمهوريات من آسيا الوسطى إلى «منظمة شنغهاي للتعاون»، التي تهدف بحسب الرئيس الصيني جيانغ زيمين إلى «قيام عالم متعدد الأقطاب»، أي إلى مناهضة منطق الهيمنة الأمريكية الشاملة.
مفتاح الهيمنة على آسيا
فإذا ما نجحت الولايات المتحدة، بالتالي، في الإطاحة بطالبان واستبدالهم بحكومة مستقرة وموالية للغرب وممتنة له، وإذا ما قامت بعد ذاك بربط اقتصاديات دول آسيا الوسطى باقتصاد حليفتها باكستان، فإنها لن تسحق الإرهاب فحسب، بل ستقضي على تلك الطموحات المتنامية لدى كل من الصين وروسيا. ومن هنا فإن أفغانستان تشكل، كما كانت دائماً، مفتاحاً لفرض الهيمنة الغربية على آسيا.
إعادة تشكيل الضحايا!!
ما نحاول أن نناقشه من خلال هذا العرض هو ما إذا كان غزو أفغانستان سيردع الإرهاب أم سيعززه، أو أنه سيخفف محنة الجوع أم يفاقمها، من خلال السعي للقضاء على طالبان. وفي الحقيقة فإن أياً من هذين الاعتبارين لا يمكنه وصف الصورة الكاملة والهدف النهائي من هذه الحرب. وكما كتب جون فلين في عام 1944، «فإن المعتدي ينحو في عدوانيته منحى السرقة والنهب والقتل والوحشية. أما نحن فإننا نتقدم إلى الأمام حاملين على الدوام مهمة سامية، قَدَر مفروض من الإله يطلب منا إعادة تشكيل ضحايانا في الوقت الذي نستولي فيه، بالمصادفة البحتة، على أسواقهم، كما يطلب منا إضفاء الطابع المدني والحضاري على الشعوب المتوحشة، الخَرِفة والمصابة بهوس الاضطهاد، في الوقت الذي نقوم فيه، بالمصادفة أيضاً، بالغوص لنهب آبار نفطهم».
ومن هنا، أعتقد أن الحكومة الأمريكية جادة حقاً في مسعاها لاجتثاث الإرهاب في أفغانستان عبر الوسائل العسكرية، مهما كان الخطأ في ذلك، ولكن سيكون من السذاجة بمكان أن نعتقد أن هذا هو جلّ ما تفعله...
* ترجمة: مروان صقال
1. وودرو ولسون (1856 ـ 1924): سياسي أمريكي وزعيم الحزب الديمقراطي، والرئيس الثامن والعشرون للولايات المتحدة الأمريكية (1913 ـ 1921)، دخل الأمريكيون في عهده الحرب العالمية الأولى.
2. كما حدث في أثناء التوقيع على اتفاقية ميونيخ عام 1938 والتنازلات التي قدمت لهتلر استرضاءً له وخوفاً منه.
3. اتفاقية ميونيخ الموقعة عام 1938.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 163