نضال فلسطيني متواصل.. واقتصاد إسرائيلي متأزم.. وخداع أمريكي مفضوح

يتابع الشعب الفلسطيني انتفاضته الباسلة، وهو مصمم أكثر من أي وقت مضى على متابعة النضال حتى تتحقق أهدافه الوطنية، في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على الرغم من كل ما يتعرض له من قتل وتدمير وتخريب من قبل قوات الاحتلال الإسرائلية، والمدعومة كلياً من حكام واشنطن.
وقد اعترفت منظمة العفو الدولية في تقريرها بقولها: «مع استشهاد 150 فلسطينياً في خلال الشهرين الماضيين يكون عدد الذين يسقطون أسبوعياً قد ارتفع بمعدل الضعفين منذ أحداث 11 أيلول الماضي، وأن إسرائيل تواصل سياسة الاغتيالات بحق الفلسطينيين المتهمين بالأعمال الاستشهادية ضد مغتصبي أرضهم وقاتلي أبناء شعبهم.

لا لدعوة الدول الكبرى
ومن جهة أخرى رفضت إسرائيل المعتدية، دعوة الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن لا لسحب قواتها من الأراضي الفلسطينية كلها، بل من «مدن فلسطينية أعادت احتلالها الشهر الماضي» واشترطت أن توافق قوات الأمن الفلسطينية ـ حسب تعبيرها ـ كبح جماح الناشطين الفلسطينيين ووقف العنف، أي وقف الانتفاضة، وأما ما تقوم به إسرائيل من عدوان همجي على الشعب الفلسطيني فليس إرهابا ًولا عدواناً!!
وقد انتقد حسن عصفور وزير الدولة الفلسطينية لشؤون المنظمات غير الحكومية نداء الدول الخمس الكبرى وقال: إن مطالبة الفلسطينيين بوقف الانتفاضة هو تبرير لتصرفات إسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.

حالة طوارئ اقتصادية
وفي الوقت نفسه فإن إسرائيل المعتدية ليست بمنجاة عن تلقي الضربات الشديدة من المناضلين الفلسطينيين البواسل، فلا يمر يوم إلا ويسقط فيه إسرائيلي قتيلاً أو جريحاً، أو تقوم هجمات مباغتة على المستوطنات الإسرائيلية مما جعل ساكنيها في رعب دائم، ويضطر بعضهم إلى الهروب منها، أو الخروج نهائياً من إسرائيل إلى بلدان أخرى.
ومن جهة ثانية فقد جعلت الانتفاضة الدولة الصهيونية تعيش حالة اقتصادية ومعاشية وأمنية صعبة ودخلت في أزمة ليس لها حل لأنها تستفحل يوماً بعد يوم، مادام النضال الفلسطيني قائماً ومستمراً، ومن هنا يؤكد القادة الإسرائيليون، ومعهم قادة البيت الأبيض على إيقاف ما يسمونه العنف أي الانتفاضة وقد عكست كلمة السفاح شارون هذه الحالة، في الاجتماع السنوي لأعضاء جمعية الصناعيين في تل أبيب، وهي سوء الأحوال الاقتصادية في البلاد وقال إن الوقت ليس ملائماً للإضرابات والتوقف عن العمل مهما كانت المبررات، والوقت ليس ملائماً لسن قوانين تهز ميزانية الدولة، لأن الوضع الاقتصادي قاسٍ جداً، ويجب عدم زيادة خطورته.
وكان وزير المالية الإسرائيلي «سيلفان شالوم» أكثر صراحة حين أكد أن إسرائيل ليست في حالة طوارئ على الصعيد الأمني فحسب، بل هي أيضاً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وأنه في الوقت الراهن لا توجد وسيلة لمعرفة متى ستعود ميزانية الدفاع الإسرائيلية المرتفعة إلى الانخفاض. وأضاف: إن الخزينة تبذل كل ما بوسعها، حتى لا ينهار الاقتصاد ويغرق في الركود.

أضاليل أمريكية
وفي هذه الأوضاع المتأزمة بين عدوان إسرائيلي مستمر وتصميم فلسطيني لا يلين، تعلن الإدارة الأمريكية أن الرئيس بوش على وشك أن يطرح بياناً شاملاً للرؤية الأمريكية لـ «عملية السلام» في الشرق الأوسط، وأن كولن باول وزير الخارجية أكد قضية قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل على أساس قراري مجلس الأمن 242 و 338.
لكن إسرائيل أسرعت إلى فضح مضمون هذه «الدولة الفلسطينية» على لسان بيريز الذي صرح بأنه يستبعد أن يتضمن خطاب باول أي خطة سياسية جديدة تتطرق إلى «المسائل الشائكة» حسب القاموس الإسرائيلي، وبخاصة مسألتي القدس وعودة اللاجئين، ونقلت مصادر إسرائيلية عن أوساط في الإدارة الأمريكية قولها: إن المبادئ سترتكز أساساً على تقرير «ميتشل» وتوصيات «تنيت» وإن الولايات المتحدة تعي أن استئناف المفاوضات لا يتعلق بإسرائيل بقدر ما هو متعلق بإيفاء الفلسطينيين التزاماتهم، أي بوقف الانتفاضة.

حبل الكذب قصير
وهكذا نرى أن الخداع الأمريكي لم يطل أمده، لأن حبل الكذب قصير ـ كما يقول المثل ـ فقد انكشفت المساعي الأمريكية عن خطة عرجاء، لا تقوم على الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة وأنها منقوصة أيضاً لأنها مفصولة عن الانسحاب التام للقوات الإسرائيلية من الجولان بلا قيد ولا شرط.
وهكذا نصل إلى نهاية المطاف، وهو أن الشعب الفلسطيني مدعو للتحلي باليقظة التامة حيال ما يحاك ضده من مؤامرات وأخاديع أمريكية وألاعيب إسرائيلية وتخاذل الحكام العرب وتقاعسهم عن نجدته ودعمه وعليه أن يوحد صفوف قواه التقدمية والقومية والإسلامية في جبهة متراصة لمتابعة النضال الذي لا هوادة فيه من أجل الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

معلومات إضافية

العدد رقم:
163