مياهنا في أزمة!!

 نحن وتركيا والمياه (2)

القانون الدولي:
مما يجدر بنا ذكره من القواعد الدولية ما يلي:

. المجرى المائي الدولي هو أي مجرى مائي تقع أجزاؤه في دول مختلفة.
2. لكل دولة متشاطئة الحق في حصة عادلة ومعقولة من مياه المجرى المائي الدولي.
3. وجوب احترام الحقوق المكتسبة الناجمة عن الاستخدامات القائمة لمياه المجرى المائي الدولي.
4. عدم جواز قيام أي دولة متشاطئة بإجراءات أو إنشاءات على المجرى المائي الدولي أو فروعه إلا بعد إخطار الدول المتشاطئة معها والتوصل إلى اتفاق معها بشأن ذلك.
5. عدم جواز إلحاق الضرر بالدول المتشاطئة الأخرى سواء من حيث كمية المياه أو نوعيتها.
6. وجوب التبادل المستمر للمعلومات والبيانات بين الدول المتشاطئة في كل ما له علاقة بمياه المجرى المائي المشترك.

وهكذا يبدو لنا :
* إن نهري دجلة والفرات نهران دوليان طبقاً للتعريف المتفق عليه دولياً أي المجرى المائي الذي تقع أجزاء منه في دول مختلفة. ولذلك فهما يخضعان إلى قواعد القانون الدولي في هذا المجال.
* ضرورة عقد اتفاق ثلاثي لتحديد الحصص العادلة والمعقولة من المياه لكل دولة من خلال الالتزام بأسس قسمة المياه والانتفاع المنصف والمعقول التي تستند إلى القانون والعرف الدوليين وبما يضمن الحقوق المكتسبة للمشاريع القادمة.
* ضرورة الالتزام بالقواعد والإجراءات التي تتطلبها مستلزمات الحفاظ على البيئة النهرية وما يتبع ذلك من وجوب اتخاذ إجراءات لمنع ومكافحة تلوث مياه النهرين جراء المشاريع الإروائية والزراعية التي تقام عليهما.
إن تركيا مستمرة بإنشاء المشاريع على نهري دجلة والفرات في إطار مشروعها العملاق المسمى (مشورع جنوب شرق الأناضول). وعلى الرغم من مرور أكثر من ستة وثلاثين عاماً على أول اجتماع ثلاثي (عراقي سوري تركي) ومرور أكثر من ثمانية عشر عاماً على تشكيل اللجنة الفنية للمياه المشتركة إلا أنها لم تستطع إنجاز المهمة المحددة لها بسبب موقف الجانب التركي الذي سعى، منذ الاجتماع الأول للجنة إلى إبعادها عن مهمتها الأساسية وهدفها المحدد بتحديد حصص المياه لكل بلد مدعياً أن هدف اللجنة يتلخص في وضع أسس الاستخدام الأمثل للمياه المشتركة حسب تفسيره الخاص لمفهوم الاستخدام الأمثل:

1. مبدأ السيادة المطلقة:
تدعي تركيا أن لها حق السيادة المطلقة على مياه نهري دجلة والفرات داخل أراضيها. وطبقاً لذلك فإنها تبيح لنفسها التصرف المطلق بمياه النهرين دون مراعاة لحقوق الدول المتشاطئة معها (العراق، سورية).
إن الممارسة القانونية الدولية في هذا المجال تؤكد أن النهر المشترك المار عبر أراضي أكثر من دولة هو ملك جماعي لهذه الدول ولا يحق لأية دولة أن تقوم بأي عمل من شأنه حرمان الدول الأخرى المشاركة من المنافع والحقوق المشروعة لها في هذا النهر، وليس من المقبول أن تقوم أية دولة منفردة بممارسة هذه الأعمال لتحرم الآخرين من حقوقهم وانتفاعاتهم، دون تفاق مسبق بين الدول المعنية.

2. عدم الاعتراف بالصفة الدولية للنهرين:
ترى تركيا أن نهري دجلة والفرات ليسا نهرين دوليين بحيث تنطبق عليهما قواعد القانون الدولي، وتطلق عليهما وصف المياه العابرة للحدود.
إن القانون الدولي بمختلف مصادره عرف النهر الدولي بأنه النهر الذي تقع أجزاء منه في دول مختلفة، ولذلك فإن نهري دجلة والفرات هما نهران دوليان ينبغي تقاسم مياههما بين الدول الثلاث طبقاً لقواعد القانون الدولي.
إن إصرار تركيا على الاستمرار في تنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول، رغم اعتراضات سورية والعراق المتكررة يشكل خرقاً فاضحاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي التي تنظم كيفية استغلال مياه الأنهار المشتركة.
إن تركيا تتعمد إهمال كل القواعد القانونية التي تلزمها بالتنسيق والتشاور مع سورية والعراق، وتحاول في الوقت نفسه إضفاء الشرعية على هذا الإهمال المتعمد من خلال تفسيرها لتلك القواعد بالكيفية التي تنسجم مع مصالحها دون النظر إلى مصالح الدول المتشاطئة معها.
لقد حدد القانون والعرف الدوليان بوضوح القواعد والأسس العادلة لقسمة مياه الأنهار الدولية المشتركة. وتشير الممارسة الدولية في هذا المجال، إلى أن الركون إلى هذه القواعد والأسس كان السبيل إلى وضع حلول معقولة لمعظم المشاكل التي نجمت عن تنازع الاستخدامات بين أكثر من دولة من الدول المتشاطئة.
ولذلك نرى إمكانية الوصول إلى اتفاق متوازن ومرضي للدول الثلاث يحدد حصة كل منها من المياه المشتركة ليس بالأمر المستحيل إذا ما جرت مفاوضات بين الدول الثلاث بجدية. وأنه إذا ما أخذت كل دولة من هذه الدول مصالح الدول المتشاطئة معها بنظر الاعتبار فإنه بالإمكان التوصل إلى اتفاق عادل يضمن مصالح هذه الدول من مياه النهرين

معلومات إضافية

العدد رقم:
165