وشهد شاهد من أهله..! الإرهاب سلاح الأقوياء!
أوردت صحيفة «النهار» البيروتية في عددها الصادر بتاريخ 18/12/2001 نصاً بقلم الباحث أمريكي الجنسية نعوم تشومسكي تحت عنوان «الإرهاب سلاح الأقوياء» استهله الكاتب بمجموعة تساؤلات انطلقت من الافتراض القائل بأن ما جرى في الحادي عشر من أيلول يحمل بعداً تغييرياً في التاريخ..
وبعد التساؤل عن السبب وراء التغيير المفترض وماهية الحرب المعلنة ضد ما يسمى بالإرهاب وما ينتج عنهما من التساؤل الأهم حول ضرورة تعريف الإرهاب يمضي تشومسكي بطرح السؤال عن حقيقة ما يجري حالياً وبالتالي عما ينبغي فعله إزاءه، ولاسيما إذا ما عرف المرء مثلاً أن ما بين 7-8 ملايين أفغاني يتهددهم الموت جوعاً برغم المساعدات الدولية التي طلبت واشنطن من إسلام آباد إيقاف تسيير شاحناتها غير أراضيها دون أن يصدر، وبحسب إشارته فيما يبدو إلى عملية إعادة صياغة الوعي الاجتماعي الأمريكي، أي ردة فعل حتى في الشارع الأمريكي تجاه فرض مجاعة شديدة على ملايين البشر الذين تتقطع بهم السبل بعد أن قطعت الضربات الجوية الأمريكية عنهم حتى حبل الإنقاذ الذي كانت تمثله برامج الإغاثة الدولية وموظفوها قبل أن يغادروا هرباً من الموت هم أيضاً…
يقول تشومسكي: «يبدو أن ما يحصل هو نوع من الإبادة الجماعية الصامتة وهو يمنح كذلك قدرة كبيرة على التبصر في ثقافة النخبة التي ننتمي نحن إليها (…) إذ يشير إلى وجود مخططات تصاغ وبرامج تُنفذ وتؤدي إلى وفاة بضعة ملايين من الناس..»
ويوضح الكاتب الأمريكي أن تكرار تشبيه الأمريكيين تحت تأثير الساسة والإعلام للهجوم على الولايات المتحدة بالهجوم الياباني في الحرب العالمية الثانية على بيرل هاربر ليس دقيقاً مطلقاً لأن اليابانيين قصفوا قواعد عسكرية في مستعمرتين سلبتهما الولايات المتحدة من أهلها عنوة وليس في الأراضي الوطنية الأمريكية…
وبعد أن فنّد تاريخ نشأة الولايات المتحدة القائمة أساساً قبل مائتي عام على طرد السكان الأصليين وإبادتهم، تماماً كما أصبح توسع النفوذ الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية قائماً على أساليب قتل الآخرين في معارك تجري فوق أراضيهم بالذات أو في أمكنة أخرى غير الأمريكية، أكد تشومسكي أن التغيير يبدو أكثر مأساوية فيما يتعلق بأوربا التي تمتلك سجلاً أكثر فظاعة من سجل أحد فروعها تاريخياً المتمثل في الولايات المتحدة، إذ أن أوربا غزت العالم لا لتقديم السكاكر للأطفال بل لقتل البشر اعتباطياً..
«لطالما كانت الرياضة الرئيسية في أوربا طوال مئات الأعوام هي قتل أبنائها واحدهم للآخر والسبب الوحيد الذي وضع حداً لهذه الممارسة في عام 1945 لا علاقة له على الإطلاق بالديمقراطية بل كان ناتجاً عن إدراك الجميع أن المرة التالية التي سيلعبون بها لعبة مماثلة سوف تؤدي إلى نهاية العالم (..( وذلك لأن الأوربيين والولايات المتحدة على حد سواء طوروا أسلحة الدمار الشامل…«
وفي موضوعة الحرب ضد الإرهاب ومكافحته والتي شكلت جوهر السياسة الخارجية الأمريكية منذ ريغان قبل 20 عاماً وجد الكاتب أنها حملة تم تصويرها كنضال ضد سرطان ينشره أناس همجيون منحطون للحضارة البشرية بحد ذاتها، ولكن الكاتب وجد، مستشهداً بمجريات حملة ريغان ضد نيكاراغوا، أن هذه المكافحة تمت عبر خلق شبكة إرهابية دولية استثنائية لا سابق لها في حجمها تولت تنفيذ أعمال في غاية الوحشية في العالم أجمع آنذاك…
ورأى تشومسكي أن مثال نيكاراغوا يعد سابقة لا تقبل الجدل عن كيفية تعامل دولة كبرى يفترض فيها الالتزام بالقانون مع قضية «إرهاب دولي» صدرت بخصوصه قرارات إدانة للولايات المتحدة من أعلى الهيئات والمرجعيات الدولية بعدما تقدمت نيكاراغوا بالشكوى غير أن واشنطن أدارت ظهرها لهذه القرارات والهيئات بازدراء تام استناداً إلى فقدان هذه التدابير لفاعليتها في عالم يخضع لحكم القوة…
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 165