خطة الفصل الشارونية هدفها: إجهاض الانتفاضة، ضرب المقاومة، تكريس الاحتلال

ظل الشعب الفلسطيني يناضل أكثر من نصف قرن في سبيل استرداد حقوقه المشروعة، ومن أجل ذلك قدم ألوف الضحايا وقد استطاع بعد عدوان حزيران 1967 أن يبلور ثوابته الوطنية التي لايمكن التخلي عن أي منها بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف. وهذه الثوابت هي:

 1. انسحاب إسرائيل إلى حدود 4 حزيران عام 1967 دون قيد أو شرط.

2. إزالة جميع المستوطنات الإسرائيلية التي بنيت بعد الاحتلال في كل من قطاع غزة والضفة الغربية.

3. عودة اللاجئين في الشتات إلى وطنهم وديارهم.

4. إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وفي هذه الأيام يجري تآمر مكشوف على هذه الثوابت الوطنية والاقتصار على انسحاب غير معروف تماماً من قطاع غزة، وتشتد الضغوط على الشعب الفلسطيني وقواه المناضلة من جهات عدة للتخلي عن حقوقه والقبول بما يسمى «خطة الفصل» الشارونية.

القوى المتآمرة

إن الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة يجدان أنفسهما أمام عدة قوى لإجهاض طموحاته في إقامة دولة فلسطينية حرة مستقلة وهي:

1. أول المتآمرين هي السلطة الفلسطينية الحالية، والتي تعمل على إيقاف المقاومة وتصفيتها، والاقتصار على النضال السياسي، وقد انتقد المناضل الوطني الفلسطيني بسام الشكعة موقف السلطة من النضال المسلح وقال: إن «منظمة التحرير قامت لأجل النضال المسلح بوجه الاحتلال العسكري الاستيطاني الإجلائي، والذي لاتستطيع كسر إرادته عبر المفاوضات السياسية»، وقال: إن التناقض مابين القرار السياسي والنضال المسلح قلب موازين القوى لصالح إسرائيل التي باتت تستقطب التأييد العالمي في الوقت الذي أصبحت فيه صفة الإرهاب لاصقة بالمقاوم الفلسطيني.

2. القيادات الرسمية العربية التي تواطأت منذ البداية، وتتواطأ حالياً، وتغمض العين عما تقوم به إسرائيل من أعمال القتل والاعتقال والسجن وتدمير البيوت وتخريب الأراضي، ونخص بالذكر التآمر المصري ـ الأردني على حقوق الشعب الفلسطيني باعتبارهما سمسارين في خدمة الإمبرياليين الأمريكان، وقد احتجت السلطة الفلسطينية على قيام رئيس أركان الجيش الأردني مع عدد من ضباطه، ووفد من الضباط الإسرائيليين على قيامهم بجولات في القسم الفلسطيني من غور الأردن من وراء ظهر الحكومة الفلسطينية.

ولاننسى أن حسني مبارك كان أول من دعا الفلسطينيين إلى إيقاف المقاومة المسلحة وتصفية منظماتها والاقتصار على العمل السياسي وحده.

فهذان النظامان المرتبطان مع إسرائيل بمعاهدة كمب ديفيد ووادي عربة يساهمان مساهمة جدية في عملية الضغط الإسرائيلية الأمريكية على الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وحقوقه وأمّنا تغطية عربية للقبول بهذه الخطة.

3. الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها بوش، التي تعتبر العدو الأول لا للشعب الفلسطيني فقط بل أيضاً للشعوب العربية جميعها، والنموذج الصارخ للعداوة الأمريكية هو مايجري في العراق الشقيق. لقد كانت الإدارة الأمريكية القوة الأولى التي دعمت خطة شارون، ودعت اللجنة الرباعية الدولية إلى الإسراع بإجراء مشاورات مع «إسرائيل» و السلطة الفلسطينية للمساعدة على التحضير لهذه الانسحابات «وتحويلها إلى مرحلة ناجحة نحو السلام» حسب البيان المذكور.

4. اللجنة الرباعية الدولية، فقد تلقت خطة الفصل الشارونية دعماً من اللجنة الرباعية المذكورة وتتضمن:

● إصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية.

● تقديم دعم دولي لها، وأخذت مصر على عاتقها تدريب عناصر الأمن الفلسطينية.

● تقييد دور عرفات، وهذا ماتطالب به واشنطن وتل أبيب.

● السعي إلى الحصول على مساندة مجلس الأمن للخطة.

ومن هذه البنود نرى أن اللجنة الرباعية قد حصرت مطالبها بالجانب الفلسطيني فقط، ولم تطلب من الجانب الإسرائيلي شيئاً، كالانسحاب السريع والكامل من قطاع غزة، واعتباره مرحلة أولى للانسحاب التام من الأراضي الفلسطينية، ولم تَدُع إسرائيل إلى التوقف عن أعمالها العدوانية المستمرة، وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وغير ذلك من المطالب.

خطة الفصل

وكانت حكومة شارون قد أقرت خطة «الفصل» الأحادية الجانب للانسحاب من قطاع غزة دون التفاوض مع الجانب الفلسطيني صاحب العلاقة بدعوى عدم وجود شريك فلسطيني يمكن التفاوض معه!!

ويرى المراقبون أن خطة شارون المعدلة قد أغلقت مسألة تفكيك المستوطنات التي وردت في الخطة الأصلية، ولم تأت على ذكر جدول زمني لتطبيقه ناهيك عن مسألة الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية جميعها، وباتت تتحدث عن انسحاب من القطاع فقط.

أهداف خطة الفصل:

لقد أراد شارون من طرح خطته الأحادية الجانب تحقيق عدة أهداف أهمها:

1. تخفيف الضغوط الداخلية التي يواجهها والأزمة العميقة التي وقع فيها نتيجة سياسته العدوانية وأصابت حكومته بالخلل وخروج وزيرين منها.

2. تبييض صفحته أمام الرأي العام العالمي، وبخاصة الأوروبي وإبراز نفسه على أنه عازم على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية بينما يعمل على ترسيخ وجوده فيها.

3. اختبار السلطة الفلسطينية أمنياً ودفعها للاصطدام بفصائل المقاومة.

4. إبقاء الجزء الأكبر من الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية وحصر الدولة الفلسطينية بقطاع غزة.

5. إعطاء شارون فرصة لأخذ النفس استعداداً للقيام بدوره المرسوم ضمن الخطة الأمريكية لاحتلال المنطقة وأخذ الدور القيادي فيها، والمساهمة النشيطة في العدوان على سورية والتي سيجري التعامل معها بطريقة أخرى غير الطريقة التي جرى فيها احتلال العراق.

6. تحويل قرار شارون بالانسحاب من قطاع غزة إلى خلاف داخلي فلسطيني وعربي، وهذا ماحذرت منه حماس في بيانها الذي قالت فيه: إن الشعب الفلسطيني وفصائله يرون في القرار الخديعة مدخلاً إلى جر أطراف فلسطينية وعربية إلى الشرك الشاروني وسياسته الهادفة إلى إجهاض الانتفاضة والمقاومة،وتكريس الاحتلال، وتوفير الأمن لمكوناته المختلفة، ونقل المواجهة معه إلى خلاف داخلي فلسطيني وعربي.

إن الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ترفضان أن يبقى مصيره رهينة المراوغة الصهيونية، أو يتم الانسحاب مقابل التزامات أمنية وسياسية تضر بالقضية الفلسطينية وبوحدة الشعب الفلسطيني.

إبقاء إصبع المقاومة على الزناد

إن انسحاب إسرائيل من أي أرض فلسطينية هو نجاح جزئي للمقاومة وفشل للمخططات الإسرائيلية لترحيل الفلسطينيين من ديارهم وضم الأراضي الفلسطينية إلى دولة إسرائيل الكبرى، ولكن هذا الانسحاب يجب أن يكون خطوة نحو الحل الشامل الذي سيؤدي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها انسجاماً تاماً ومن أجل ذلك يجب متابعة النضال، فالطريق طويل، ولابد للمقاومة من أن يكون إصبعها على الزناد لاسترداد الحقوق التي يصر العدو الإسرائيلي على عدم ردها إلى أصحابها، والنصر الأكيد للشعب المقاوم لا للمستسلمين والمتخاذلين.

 

■ عادل الملا