سعي إسرائيل لاحتلال أكبر مساحة من الأرض والفضاء

في 28 أيار 2002 أطلقت إسرائيل «أفق 5» آخر عنقود أقمارها الصناعية للتجسس والتي أطلق عليها «مجموعة أفق».. وقد ذكر مصدر استخباراتي في بيروت أنه عقب الإطلاق تم عقد اتفاق بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة في إطار حربها على «الإرهاب» يقضي بأن تقوم إسرائيل بمراقبة الحركات الإسلامية ورصد اتصالاتها، بالإضافة إلى التعاون في تحديد هذه الحركات، أو أي حركات أخرى معادية لما تسمى بعملية السلام في المنطقة.

وعلى الرغم من أن إسرائيل بدأت متأخرة في مجال الفضاء (عام 1989) فإنها أصبحت من أكثر الدول تطورًا في هذا المجال وترصد ملايين الدولارات لإنتاج الأقمار الصناعية التي تصل تكلفة الواحد منها إلى ما يزيد عن 25 مليون دولار.

البرنامج الفضائي الإسرائيلي..

وتعتبر البداية الفعلية للمشروع الفضائي الإسرائيلي بإطلاق القمر الصناعي للتجسس في 19-9-1988م (أفق-1)، وكان هدفه اختبار القدرات التكنولوجية للصاروخ «شافيت» -الذي حمل القمر الصناعي للفضاء- ومعرفة مدى قدرة الأجهزة التي يحملها على الصمود في منطقة الفراغ وانعدام الوزن في الفضاء.

وفي أعقاب سقوط «أفق-1» جهزت الصناعات العسكرية الإسرائيلية نفسها لإطلاق قمر صناعي آخر يقوم بنفس المهمة فأطلقت «أفق-2» في نيسان 1990، إلا أنه لم يدم طويلاً حيث احترق في الفضاء بعد ثلاثة شهور من إطلاقه وسقط في تموز 1990م .

وخلال الفترة بين عامي 1991 و1995م التي شهدت اندلاع حرب الخليج الثانية، فشلت الأقمار الصناعية الأمريكية في إيصال معلومات مبكرة عن انطلاق صواريخ عراقية باتجاه إسرائيل، وهو ما زاد من شعور إسرائيل بأهمية الاعتماد على قدراتها لمواجهة الأخطار التي تهددها.

اكتفاء ذاتي.. في التجسس

وفي عام 1995م دخل برنامج الفضاء الإسرائيلي مرحلة متقدمة من التطور، بإنتاج وإطلاق القمر الصناعي للتجسس «أفق-3» في 5-4-1995م، والذي وفر لإسرائيل قدرة كبيرة للاكتفاء الذاتي في مجال المعلومات الاستخباراتية التي كانت تحصل عليها من خلال أقمار التجسس الأمريكية.

وعلى الرغم من الإمكانات العالية للقمر الصناعي التجسسي «أفق-3» والذي يرصد حركة الآلات العسكرية، والصواريخ، والاتصالات السلكية واللاسلكية ويعترض المكالمات الهاتفية ويسجلها، فإن الصناعات العسكرية الإسرائيلية بالغت في قدراته حيث ادعت أنه يملك القدرة على قراءة أرقام السيارات في شوارع العاصمة العراقية بغداد.

وفي عام 1998 تمت محاولة إطلاق «أفق 4» إلا أنها باءت بالفشل، ولم يتم الإعلان عن أسباب فشل الإطلاق.

«أفق 5» آخر عنقود «مجموعة أفق»

وبانطلاق «أفق 5» في أيار الماضي تكون إسرائيل قد أتمت منظومتها الفضائية التجسسية لمجموعة أسرة «أفق» الخمسة. و«أفق 5» يعتبر نقلة نوعية في الصناعات العسكرية الإسرائيلية لما يمتاز به من قدرات استخباراتية وتجسسية عالية تؤهله لكي يكون بداية لجيل جديد من أقمار التجسس.

ويقول الخبراء الإسرائيليون بأنه بإمكان «أفق 5» تصوير أجسام صغيرة جداً على الأرض وبدقة عالية، ومتابعة الحركات غير الطبيعية في البلاد العربية والشرق الأوسط كالمظاهرات والحوادث الكبيرة. كما يمكنه إجراء رصد مبكر للصواريخ والإنذار بانطلاقها، ومتابعة وتسجيل المكالمات الهاتفية والاتصالات السلكية واللاسلكية ومتابعة مصدرها.

ويمكن توجيه «أفق 5» من خلال القواعد الأرضية وهو ما يعطيه القدرة على متابعة الهدف المراد رصده بسهولة، فهو يغطي منطقة واسعة من الدول العربية والشرق الأوسط، تشمل شمال أفريقيا وإيران وأفغانستان وباكستان وشمال تركيا وحتى السودان بالجنوب، ويتم بيع الصور التي يلتقطها القمر بمبالغ كبيرة جداً لدول تعتبرها إسرائيل صديقة مثل الهند وتركيا وهو ما يمثل مصدر دخل ضخما، على الرغم من أن إسرائيل ترفض أن تبيع لهذه الدول أقمارا صناعية من تصنيعها.

طائرات الـ «إف 16» قواعد لإطلاق الأقمار الصناعية

وتسعى إسرائيل لتطوير قدراتها على إطلاق الأقمار الصناعية من خلال الاعتماد على ما تمتلكه من طائرات «إف 16» و«إف 15» بدلاً من اعتمادها الحالي على قواعد عسكرية باستخدام صواريخ أرض جو مثل «أريحا 2» و«شافيت» وهذا ما يدعمه قادة سلاح الجو الإسرائيلي ويدرسونه باستمرار، ولهذا الغرض أجرت إسرائيل تجربة لإطلاق قمر صناعي باستخدام صواريخ يتم إطلاقها من خلال الطائرات بمساعدة روسيا وباستخدام صاروخ روسي الصنع، وقد أشرف على هذه التجربة معهد «التخنيون» في حيفا إلا أنها باءت بالفشل وسقط الصاروخ، كما فُقدت السيطرة على القمر الصناعي ولم يعرف حتى الآن المكان الذي سقط فيه.

 

إن إسرائيل تسعى سعياً دؤوبًا لاحتلال أكبر منطقة ممكنة من الفضاء الفسيح، سواء بأقمار البث التجارية، أو بأقمار التجسس.. لتكتمل منظومة الاحتلال أرضًا وفضاءً وعقولاً.. فأين من يقاوم هذا الاحتلال؟!!