المنتدى الاجتماعي العالمي الرابع في مومباي – الهند لا للعولمة المتوحشة.. لا للإمبريالية الأمريكية

يمثل انتقال المنتدى إلى القارة الآسيوية خطوةً تتجاوز حدودها الجغرافية. فقد هدف هذا الانتقال إلى تحفيز الحركات الاجتماعية الهندية خصوصاً، والآسيوية عموماً، على الانخراط الواسع في النشاطات المناهضة للعولمة، وقد نجح في ذلك إلى حدٍّ بعيد، إذ كان تواجد هذه الحركات واسعاً، علاوةً على منظمات المجتمع المدني الهندية والآسيوية.

فالداليت، أو ما يعرف بالمنبوذين - أتوا إلى مومباي سيراً على الأقدام من كافة أرجاء الهند في مجموعاتٍ من 25 شخصاً، مزودين بالنشرات التي وزعوها في جميع المناطق التي استضافتهم لإثارة اهتمام المجتمع الهندي بمشاكلهم. كما لفتوا النظر إلى التأثيرات السلبية للعولمــة التي انخرطت فيها الهند منذ أكثر من 13 عاماً على وضعهم، البائس أصلاً. فالداليت أول من يسرّحون من العمل حين يقلّص عدد العاملين، وهم الأكثر تأثراً بسياسة خصخصة التعليم وتراجع التعليم الحكومي، كما أنّ مزارعيهم هم أول من يرحّلون من الأراضي التي تمنحها الحكومة الهندية للشركات العابرة للقارات، وأوضاعهم الاجتماعية تتدهور باستمرار.

برزت أيضاً الحركات النسائية القوية في الهند، والتي تضمّ أعداداً غفيرة من المناضلات اللواتي أثرن الاهتمام في إطار المنتدى العالمي باختفاء الفتيات وحرمانهنّ من التعليم. عموماً، أظهرت هذه الحركات الهندية الجروح العميقة في المجتمع الهندي.

انعقد المنتدى الاجتماعي العالمي الرابع في الفترة الواقعة بين 16 و21 كانون الثاني 2004 على أرضٍ للمعارض، وتجاوز عدد المسجّلين رسمياً في النشاطات 80 ألف شخص أتـــوا من كافة أرجاء العالم. أما عدد الحضور، فقد تجاوز 100 ألف شخص. بلغ عدد الفعاليات ثلاث مئة يومياً بين محاضرة وندوة وورشة عمل وحدث ثقافي. وكانت المحاور الأساسية:

1- العولمة الإمبريالية؛ 

2- العسكرة والسلام؛

3- الطائفية والتعـــصّب الديني والعنـــف بين الطوائف؛ 

4- الــــعـــنصريـــــــة ونـــظــــام المِلــــل والعــــــمــــل والاستبعاد والتمييز المبني على الانتماء الإثني؛

5- وأخيراً محور البطريركية. 

وقد قامت اللجنة المنظّمة بالتحضير لحفلي الافتتاح والاختتام، علاوةً على عددٍ من الندوات الكبرى التي نذكر هنا بعض عناوينها: الماء والأرض والسيادة الغذائية، العسكرة والحرب والسلام، الإعلام والثقافة والمعرفة، الحروب ضدّ النساء - النساء ضدّ الحروب، العولمة والاقتصاد والأمن الاجتماعي، التمييز والقمع: التمييز العنصري والتمييز الطائفي، العمل وعالم العمل، الاستبعاد والقمع الدينيان والعرقيان واللغويان. أما المناقشات، فمن مواضيعها الرئيسية: العولمة والإدارة الكونية والدولة - الأمة، منظمة التجارة العالمية، الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية، العولمة وبدائلها، المنتدى الاجتماعي العالمي ومستقبله. 

وقد تركت اللجنة المجال واسعاً أمام الهيئات المشاركة لتنظم بنفسها ندوات ومحاضرات تحدد مواضيعها والمشاركين فيها. وكانت محاور هذه النشاطات مختلفة، نورد بعضها: 

1- اقتصادية: الشمال يتلاقى بالجنوب نظّمتها منظمة العدالة العالمية (الجذور) بالتعاون مع عدد من المنظمات الأخرى؛ الديون والتجارة والاستثمارات والخصخصة؛ الدول القابضة والمؤسسات المالية الدولية: تحديات التمويل وأهداف التنمية في الألفية ومناسبتها عالمياً للأطفال؛

2- نسائيـــة: حوار بين حركات مختلفة حول المواضيع المتعلقة بالجنس، وندوة حول النساء والعولمة أقامتها حركة النساء في الهند بالتنسيق مع مجموعة الاتحادات النسائية في الهند؛ حوار بين الحركات: كسر الحواجز وبناء الجسور، من تنظيم الشبكة الوطنية للمجموعات النسائية المستقلة؛

3- اجتماعية: الإيدز: تحدٍّ عالمي، من تنظيم هيئة مساعدة إفريقيا بالمشاركة مع منظمات إفريقية؛ ما هي الخطوات القادمة في حملة التجارة المالية؟ من تنظيم هيئة المساعدة المسيحية بالمشاركة مع غيرها من المنظمات؛ القبائل والسكان الأصليون: ضحايا العنف المنهجي من تنظيم المبادرات الشعبية في جنوب آسيا ومعهد الدراسات الاجتماعية في الهند بالمشاركة مع المنتدى الاجتماعي في غوجارات ومنتدى بيهار وغيرها،

4- حـــقوق إنـــســـان: ندوة حول تعميق الديموقراطية في الهند؛ النضال ضدّ العدوّ المشترك من تنظيم الحملة الوطنية حول حقوق الإنسان لدى الداليت؛ عولمة حقوق الإنسان، أدوات الإمبريالية: الحرب والتجارة والمال؛ المنتدى العالمي للكرامة من تنظيم حركة الداليت؛

5- بيئية: صرخة من أجل المياه أقامها منتدى الشعوب العالمي حول المياه وحركة السلام الآسيوية حول الديون والتنمية بالتعاون مع هيئات أخرى؛

6- سياسية: الاشتراكية اليوم، نظّمها عددٌ من جمعيات العلوم الاجتماعية؛ بدائل مختلفة لتغيرات كونية؛

7- السلم والحرب، من بينها: شهادات حول الهيباكوشا الكونية نظّمها المؤتمر الياباني ضدّ القنابل الهدروجينية والذرّية بالتعاون مع منظمات أخرى؛ ندوة كبيرة عن الاحتلال الأمريكي للعراق ومشاكل فلسطين وأفغانستان من تنظيم التحالف من أجل نزع السلاح النووي والسلام؛ محكمة النساء العالمية ضدّ جرائم الحرب الأمريكية، من إعداد مجلس حقوق الإنسان لدى النساء في آسيا وشبكة ألتايير بالتعاون مع عددٍ كبير من المنظمات الأخرى.

علاوةً على هذه الندوات «المتواضعة» التي يبلغ عددها ثلاث مئة في اليوم، فقد نصبت 617 منصة يديرها العدد نفسه من المنظمات الاجتماعية، 80 منها أجنبية. يضاف إلى ذلك برنامج طموح نسبياً من المحاضرات التي تحدّث فيها عددٌ من الأشخاص المعروفين في فضاءات مفتوحة وهنغارات من الصفيح تستطيع أن تستقبل عدداً يصل إلى ثمانية آلاف مندوب. 

هذا غيضٌ من فيض النشاطات التي جرت في المقر الرئيسي للمنتدى الاجتماعي العالمي الرابع. لكن لا يفوتنا هنا الإشارة إلى العدد الكبير من النشاطات الأخرى. فعلى سبيل المثال، أقامت فيا كامبيسينا، وهي منظمة فلاحية عالمية، العديد من النشاطات الخاصة بها، كما شارك أعضاؤها في عدة محاضرات وندوات، تميّزهم قبعاتهم وأوشحتهم الخضراء. وكذلك هي الحال بالنسبة لمنظمة أتاك التي تنتشر فروعها من كندا إلى اليابان، مروراً بالمغرب وإيطاليا، وفرنسا. وكانت هذه المنظمة قد نشأت في فرنسا تحت شعار فرض ضريبة على حركة رؤوس الأموال العالمية، بحيث تستخدم لأجل رفاه الفقراء وتحسين مستوى حياتهم. ويستغل أعضاء مثل هذه المنظمات المنتشرة على مساحةٍ جغرافية واسعة مثل هذه اللقاءات العالمية ليجتمعوا معاً. 

أول ما يصدمك حين تدخل أرض المعارض المدعوة Nesco، وهي المساحة الهائلة التي أقيم فيها المنتدى الاجتماعي العالمي الرابع، هو الإحساس بأنّك تشارك في مهرجانٍ جماهيري مليء بالمعاني. هناك طاقة هائلة يبثّها عشرات آلاف الأشخاص الذين أتوا من كل أنحاء العالم للمشاركة في الندوات وحلقات البحث، وليناقشوا ويكونوا جزءاً من الحركة العالمية. سوف تجد كل شيء، بدءاً من حركة الداليت (التي تعمل على حقوق أولئك الذين لا طائفة لهم أو الذين ينتمون إلى طوائف أدنى)، إلى المجموعات القبلية العديدة أو مجموعات الأديفاسي (وهم الشعوب الأصلية في الهند)، إلى العمال الأطفال واتحادات العمال، المناضلين جميعاً من أجل حقوقهم. 

تقع مومباي التي استضافت المنتدى الاجتماعي العالمي الرابع على الشاطئ الغربي للهند، وهي مكانٌ مناسب للغاية لاستضافة الحدث. يتجاوز عدد سكان الهند مليار نسمة، مما يجعل نسبتهم إلى العدد الكلي لسكان الكرة الأرضية يقـــارب 1/5. يعيش معظمهم في فقرٍ مدقع، وهو أمرٌ شديد الوضوح في جميع المدن والقرى. لكنّ الهند هي أيضاً بلدٌ يحتوي على ثروة هائلة، وفيه أثرياء لديهم ثروات ضخمة، اكتسبوا فوائد كبيرة للغاية من التطور السياسي في البلاد في السنوات الثلاث عشرة الماضية. فانفتاح اقتصادها على السوق العالمية وخصخصة الشركات المملوكة للدولة والاقتطاعات العامة في الثروة أدت إلى إرغام عدة ملايين من البشر على ترك الريف بحثاً عن حياةٍ أفضل في المدن الكبرى. لكن معظمهم انتهى إلى أحياء الفقراء، منضمين إلى الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل الذين فقدوا أعمالهم نتيجة التحولات في العقد الماضي. 

حفل الافتتاح

بطبيعة الحال، كان أبرز المواضيع المطروحة في حفل الافتتاح مسائل السلام ونضالات الشعوب من أجل تحررها في مواجهة الليبرالية الجديدة. تتابع على المنصة العديد من المتحدثين من بلدان الجنوب، ومنهم عددٌ من النساء. كان تمثيل آسيا والشرق الأوسط واسعاً. أما بلدان الشمال، فكان ممثلها الأبرز جيريمي كوربن من بريطانيا.

جرت مراسم الحفل على مساحةٍ واسعة من الأرض، وتوزّع الحاضرون بين جالسين على كراسٍ بلاستيكية صفّت بانتظام في عدة مساحات، وبين مفترشين الأرض التي تعلوها أثوابٌ كبيرة من الخيش. وبلغ الازدحام حداً جعل المرء يجد صعوبةً بالغة في التحرك من مكانه للخروج إلى المنطقة المحيطة بالحفل.

افتتحت الحفل فرقةٌ موسيقية باكستانية، وهو مؤشر ذو دلالة، ويدلّ على رغبة المنظمين الهنود في إنهاء حالة العداء بين البلدين. كما صعدت إلى المنصة الرئيسية فرقة من الزولو،  من جنوب إفريقيا، ملأت الأجواء بالإيقاع الصاخب الممزوج بالدعابة. 

تتابع المتحدثون على المنصة، وأشاروا إلى المسائل المطروحة على الحركات العالمية: المناهضة للعولمة الليبرالية والمناهضة للحرب وحركات الفلاحين ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وغيرها من الهيئات المتواجدة في المنتدى. 

نشاطات أخرى:

لكن جرت تساؤلات كثيرة أثناء الندوات وحلقات البحث والنقاشات وفي ندوة عن مستقبل الحركات الاجتماعية، طرح تساؤلٌ هام حول مدى شرعية تمثيل المنظمات للحركات الاجتماعية في بلدانها. والحقيقة أنّ المشاركة تكاد تقتصر على من يملك الوقت، والمال خاصةً. فمثل هذه المشاركة، إذا كان لها أن تكون على صعيد التحضير لنشاطٍ ما أو ندوة أو معرض، تتطلب دفع مبالغ كبيرة. هذا ناهيك عن كلفة الانتقال والإقامة والمطبوعات وأجور الترجمة الفورية في المكان الذي تعقد فيه الندوة. 

كما طرح موضوع الديموقراطية في هذه التجمعات. حيث تتجاور مجموعاتٌ مختلفة ليس لها أية صفة تمثيلية حقيقية، وأعضاء في النقابات، ومنظمات غير حكومية يصعب فيها التمييز بين أولئك الذين يأتون كمراقبين نوعاً ما وأولئك الذين يمثّلون حقاً منظّمتهم، وأولئك الذين يتحدثون في الواقع باسم شيءٍ آخر غير المنظمة التي يقولون إنّهم يمثّلونها. 

بل إنّ إحدى المشاركات تساءلت: أين الحركات الاجتماعية الهندية في ملتقى الحركات الاجتماعية؟ ألا نرى هنا تكريساً لنخبوية التمثيل ولاقتصار المشاركة شبه الكامل على الحركات الأمريكية اللاتينية والأوروبية؟ وقد لاقت ملاحظتها صدىً طيباً ودعيت الحركات الهندية إلى اجتماعٍ خاص في اليوم التالي، كما انعكست هذه الملاحظة على البيان الختامي الصادر عن الحركات الاجتماعية. 

التجمع المناهض للحرب في مومباي

ضمن فعاليات المنتدى الاجتماعي الرابع، التقت الحركات المناهضة للحرب من جميع أنحاء العالم في اليوم الرابع، وتناقشت حول الاستراتيجيات الواجب اتباعها. توافق معظم المشاركين في الاجتماع على أنّ الولايات المتحدة هي الآن أخطر منها في أيّ وقتٍ مضى، على الرغم من أنّ تلك الحركة المناهضة للحرب قد تقدّمت كثيراً بفضل المقاومة في 15 شباط من العام 2003 وأثناء الحرب. واتفقوا على ضرورة ضمّ القوى وجعل العشرين من آذار يوماً عالمياً للتعبئة ضدّ احتلال العراق وضدّ «الحرب على الإرهاب».

لقد تبدّى لكلّ من شارك في المنتدى الاجتماعي العالمي بأنّ الحركة تتطور في الهند وفي باقي أنحاء العالم. فقد اجتمع معاً أناس من خلفيات متباينة للغاية من أجل المناقشة والتعاون، مما يلهم ويقوّي بشدّة الاعتقاد القائل: «عالم آخر ممكن».

منتدى مقاومة مومباي

بالموازاة مع المنتدى الاجتماعي العالمي «الرسمي»، وعلى أرضٍ أخرى مقابلة لمكان انعقاده، جرى عقد منتدى آخر تميز بمطروحات أكثر جذرية. يضمّ هذا التجمّع الذي يدعى منتدى مقاومــة مومبـــاي 311 منظمة، بينها أربعون منظمة عالمية، كما يرفع العديد من الشعارات،منها: ضد العولمة الإمبريالية والحرب، وهو الشعار الأساسي، اسحقوا الإمبريالية الأمريكية! ادعموا حركة المقاومة العراقية ضدّ الاحتلال! لتخرج الولايات المتحدة من العراق! ضعوا حداً للحرب ضد شعوب وأمم العالم! يقدّم منتدى مقاومة مومباي انتقاداتٍ عديدة للمنتدى الاجتماعي العالمي، بعد أن استبعد هذا الأخير مشاركة المنظمات التي تعتمد النضال المسلّح في فعالياته، فيتهمه بأنّه يقبل تمويل بعض المؤسسات المشبوهة من أجل تمرير سياساتٍ مهادنة غير جذرية. إنّه يعتبر المنتدى الاجتماعي العالمي «الرسمي» صمام أمان للإمبريالية. وقد لوحظ فارق كبير في الأموال التي أنفقت في كلٍّ من المنتديين، وفي تعامل الشرطة والمسؤولين معهما. فقد أعلن كلٌّ من المنتديين عن قيامه  بمسيرة في ختام فعالياته. ويعلّق أحد الكتّاب في موقع مقاومة مومباي قائلاً: «أيّ المنتديين يقلق الدولة أكثر؟»

ما هو ردّ الإدارة الحكومية على مقاومة مومباي 2004 والمنتدى الاجتماعي العالمي؟

ما هو ردّ فعل الدولة على مناهضي العولمة في مومباي؟ من الذي اعتبرته الدولة يمثّل المعارضة الحقيقية؟

لقد أعلن كلٌّ من التجمّعين بأنّه سوف يقوم بالمسيرات في نهاية برنامج فعالياته. لم تحصل مسيرة مقاومـــة مومباي 2004 إلى القنصلية الأمريكية في مومباي احتجاجاً على الاحتلال الأمريكي للعراق في العشرين من كانون الثاني على موافقة الشرطة. واقتصر الترخيص على السماح للمشاركين بالتجمّع في ميدان كبير مجاور. جاء المشاركون إلى المكان في مجموعاتٍ صغيرة مؤلفة من بضع مئات لكلٍّ منها، يهتفون بالشعارات. وذكرت وكالة الأنباء الهندية بأنّ العدد الإجمالي للمشاركين قد بلغ 30 ألف مشارك. 

على العكس من ذلك، سمحت الإدارة الحكومية لأكثر من عشرة آلاف شخص بالسير في شوارع مومباي في المظاهرة التي نظّمها المنتدى الاجتماعي العالمي، والتي تحدد مسارها بعيداً عن القنصلية الأمريكية.

لقد قام رئيس وزراء ولاية ماهاراشترا العضو في حزب المؤتمر الذي أدخل العولمة إلى الهند بزيارة المنتدى الاجتماعي العالمي وتحدّث إلى الصحافة. 

في تلك الأثناء، تقدّم منظّمو منتدى مقاومة مومباي 2004 باحتجاجاتٍ إلى الإدارة تفيد بأنّ الشرطة كانت تصوّر ما يجري في مكان انعقاد المنتدى دون إذن. 

شارك في مظاهرة مقاومة مومباي أتراك راديكاليون وفيليبينيون ويونانيون وإيطاليون. وأشارت شعاراتهم إلى «الإرهابي» بوش، كما دعت إلى بناء «مقاومةٍ عالمية مناهضة للإمبريالية وللسيطرة الأمريكية.»

وأصدر منتدى مقاومة مومباي بيانا

ً ختامياً وقعته 311 منظمة دعا إلى اعتمـــاد يوم العشرين من آذار - تاريخ الاحتلال الأمريكي للعراق - موعداً للاحتجاج على «الحرب والإمبريالية.»

كما دعا البيان إلى «مقاومة مناضلة» كموقفٍ مضاد لما دعاه «المعارضة المزعومة للعولمة من قبل المنظمات غير الحكومية والديموقراطيين الاجتماعيين».

وقد عبر وفدٌ كبير من اتحاد الفلاحين الذي يدعى «فيا كامبسينا» (طريق الفلاحين)، وهو اتحاد عالمي انطلق من أمريكا اللاتينية وحضر فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي الشارع الفاصل بين المقرين، وشارك في منتدى مقاومة مومباي.

من جهةٍ أخرى، حضرت مجموعة من باهوبال، من العاملين لصالح ضحايا غاز الكاربايد إلى مكان انعقاد منتدى مقاومة مومباي في مسيرةٍ صغيرة. وشوهد أصدقاؤهم يدعون ناشطي مقاومة مومباي إلى «عدم تغيير خطّهم في السنوات الأربعين القادمة». 

حفل الختام

سبقت حفل الختام المظاهرة التي سبق الحديث عنها، وكان التجمع في ساحةٍ كبيرة من وسط المدينة، بعد أن حصرت الفعاليات في الأيام الأولى للمنتدى في أرض المعارض المذكورة. جالت المظاهرة في الشوارع الرئيسية، وكانت فرصةً كي يرى المشاركون - ممن لم يقطنوا في الفنادق الفخمة - شوارع حقيقية، بعد أن عاشوا منذ افتتاح المنتدى في أحياء فقيرة، مجاريها مفتوحة. بل إنّ المجاري كانت مفتوحة حتى على الطريق السريع الذي يقع فيه مكان انعقاد المنتدى.

توالى عددٌ من المتحدثين على المنصة، لكن اللافت كان اهتمام الحاضرين بلقاء غيرهم أكثر من اهتمامهم بالكلمات، على عكس ما جرى في الافتتاح. ربما لأنّهم اعتبروها فرصةً أخيرة، يعود بعدها كلٌّ منهم إلى بلده، ويمضي أسابيع في قراءة ما تجمّع لديه من نشراتٍ وكتيّبات حصل عليها في الأيام الستة منذ افتتاح المنتدى. 

في الختام، صدر بيان عن الحركات الاجتماعية، التي اجتمعت بصورة مستقلة لمدة أربعة أيام، وركّز على دعم الحركات الاجتماعية في الهند خصوصاً، وفي آسيا والعالم أيضاً. كما اعتمد يوم العشرين من آذار يوماً للتضامن مع الشعب العراقي وللاحتجاج على الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق. وشهد هذا اليوم مظاهراتٍ احتجاجية من مشرق الأرض إلى مغاربها، و كانت مشاركة العرب المعنيين أكثر من غيرهم بهذا الحدث باهتةً كما رأينا في العام الماضي.

لمحة تاريخية عن المنتديات الاجتماعية العالمية

ولد أوّل منتدى اجتماعي عالمي في بورتو أليغريه (البرازيل) بعد عامٍ من الولادة الإعلامية للحركة المناهضة للعولمة في سياتل (الولايات المتحدة)، حين قام 40 ألف شخص بالاحتجاج بعنف في تشرين الثاني 1999 على العولمة، وذلك بمناسبة الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي هدف إلى إطلاق دورة تجارية جديدة.

كان عدد المشاركين في العام الأول 20 ألف شخص، واتخذ المنتدى الاجتماعي العالمي لنفسه حينذاك عنواناً هو «ضدّ دافوس»، حيث اعتبر نفسه بديلاً للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، الذي يعتبر قمّة الليبرالية الجديدة.

ثم ارتفع عدد المشاركين في العام التالي إلى 55 ألــف شـــخص، حيث اجتذب المنتدى العديد من المسؤولين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين. وهكذا، مثّل المؤتمر الثاني أرضاً انتخابية للويس إينياسيو لولا دا سيلفا المدعو «لولا»، والذي وصل إلى سدّة الحكم في البرازيل بعد عشرة أشهر من ذلك التاريخ. 

واكتسب الحدث أبعاداً أخرى في العام 2003، حيث جمع نحو 100 ألف شخص أتوا من 157 بلداً، وشاركت فيه 5000 منظمة، كما ضمّ 1710 فعالية حول شعار «عالم آخر ممكن».

يندرج المنتدى الاجتماعي العالمي ضمن استمراريةٍ لعددٍ كبير من المواعيد المناهضة للعولمة ذات المواضيع المحددة، والتي سجّلت تصاعداً في المشاركين فيها منذ سياتل. فبعضها مرتبط بمنتديات الثمانية الكبار G8 وآخر مرتبط بمنظمة التجارة العالمية أو بمختلف المؤسسات المالية الدولية. وقد أصبح بعضها مستقلاً: وهكذا، فقد انبثق عن المنتديات الاجتماعية العالمية الثلاثة التي انعقدت في بورتو أليغريه منتديات قارية - في إفريقيا (مالي، إثيوبيا) وآسيا (الهند)، وأمريكا (البرازيل)، وأوروبا (فلورنسا في إيطاليا عام 2002 وباريس وضاحيتها الحمراء في فرنسا في تشرين الثاني الماضي). كما انعقدت منتديات وطنية في 30 أو 40 بلداً، ومنتديات محلية (90 في فرنســـا وحدهـــا). وتقرر انعقــاد الاجتماعي العالمي الرابع في مومباي أثناء المؤتمر الثالث في بورتو أليغريه.

 

■ رندة بعث