من «دارفور» إلى «كردفان».. الفوضى الخلاقة مستمرة
يجري الحديث اليوم عن وقوع معارك حامية الوطيس بين القوات الحكومية السودانية والمتمردين على الحدود السودانية مع الدولة المجاورة لها تشاد، وهذا يعني فيما لو صدقت هذه الأنباء أن حمى الفوضى والاقتتال الأهلي قد وصلت إلى إقليم كردفان المحاذي لإقليم دارفور في شرق السودان.
وقد أكد الناطق باسم الجيش السوداني أن متمردي دارفور المناهضين لاتفاق السلام الذي وقعته الحكومة قبل شهرين في أبوجا مع «حركة تحرير السودان»، وهي الفصيل الرئيسي للمتمردين، هاجموا صباحاً منطقة حمرة الشيخ (620 كيلومتراً غرب الخرطوم)، لكن الجيش تصدى لهم وردهم عن المنطقة مستخدماً الطائرات. واعتبر ذلك خرقاً لوقف النار الذي وُقّع في نيسان (أبريل) 2004.
وبدوره أكد حاكم ولاية شمال كردفان الدكتور فيصل حسن إبراهيم من مقر إقامته في الأبيض عاصمة الولاية أن الهجوم خلف 12 قتيلا سودانياً، بينهم 8 من الشرطة واثنان من أفراد الأمن وامرأتان. وأوضح أن المتمردين دمروا مقر شركة الاتصال ومكاتب حكومية، قبل أن ينسحبوا إلى مواقعهم، وأعرب عن اعتقاده بأن المهاجمين ينتمون أو يعملون ضمن إحدى الحركات المتمردة التي باتت تتشكل بشكل يومي في مختلف مناطق النزاع بدعم من قوى دولية وأفريقية..
إن هذا الانتشار السرطاني لوباء الفوضى يعني أمراً واحداً، وهو أن قوى الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الإمبريالية الأمريكية، وبنقيض ما يجري إعلانه، ما تزال تبذل كل ما بوسعها لتوسيع رقعة الصراعات العرقية في مختلف أرجاء جمهورية السودان بغية إغراقها في الخلافات والحروب الأهلية، ليصار في نهاية المطاف إلى تفتيتها إلى عدد كبير من الدويلات الصغيرة المتنازعة، وبالتالي ضرب كل أمل في إمكانية استكمال تحررها ونهوضها، وهي الدولة التي تمتلك إمكانيات متنوعة جبارة، تستطيع فيما لو توفرت لها الظروف السياسية والاجتماعية المؤاتية أن تكون واحدة من أغنى الدول الأفريقية والعربية..
وبالتأكيد فإن الأكثر سعادة وحبوراً في كل ما يجري في السودان شرقه ووسطه وجنوبه، هو العدو الصهيوني الذي لا بد أن (موساده) النازي يحضر بكثافة في جميع مناطق النزاع، ويدعم بقوة معظم الأصوات الانفصالية، ويؤلب القبائل التي ظلت عبر التاريخ تتعايش فيما بينها بتعاضد وسلام، بعضها على بعض، ويساهم في تسليحها، ويزكي النزاعات العرقية والمذهبية دافعاً بها إلى مفاعيلها القصوى، وكل ذلك، وكما هو معروف، يأتي في رأس أولويات الصهاينة الذين لم ولن يتوقفوا أبداً عن إضعاف وتمزيق العمق الاستراتيجي العربي..
■ أعد الشؤون العربية: جهاد اسعد محمد