شركات النفط الأمريكية تخطط لسرقة القرن في العراق
تحت غطاء الجلبة حول إيران والفوضى العارمة في العراق، يتكشف بهدوء الصراع الحقيقي من أجل السيطرة على الشرق الأوسط. وبينما تمارس الدول النفطية في العالم سيطرة متزايدة على مصادر الطاقة الخاصة بها، فإن العراق بات قاب قوسين أو أدنى من التخلي عن ثروته لصالح شركات النفط الأميركية والبريطانية. وإذا جرت الأمور كما خطط لها، فإن الشركات النفطية العملاقة ستكون قد قامت بسرقة القرن.
يكشف تحليل أجراه غريغ موتيت في نوفمبر عام 2005 لصالح «غلوبال بوليس فورام» عن المكاسب المبهرة التي ستحققها «اتفاقيات الشراكة في الإنتاج» الجاهزة للتوقيع حال تشكيل الحكومة العراقية الجديدة رسمياً. وهذه الاتفاقات، والتي يوحي اسمها ضمنياً بشراكة في العائدات وسيطرة للدولة على الثروات تحت الأرض ما هي في الواقع سوى أدوات حرفت لصالح الشركات النفطية الانجلو- أميركية لدرجة أنه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم.
ووفقاً لتقديرات موتيت المحافظة، فإن العراق سيخسر ما بين 74 ـ 194 مليار دولار في هذه الاتفاقات على مدى فترة العقود التي من المتوقع أن تبقى سارية المفعول لمدة 40 عاماً. فبدلاً من متوسط نسبة العائد البالغ 12 بالمئة التي تحققها أغلب الاستثمارات في تطوير حقول النفط اليوم، فإن هذه الترتيبات ستحقق ربحاً صافياً تتراوح نسبته ما بين 42 - 162 بالمئة. ولم تكن صناعة النفط مرشحة لكسب مثل هذا المبلغ الكبير من المال، منذ أن حظيت شركة ستاندرد أويل بامتياز لمدة ستين عاماً من السعودية في عام 1933 مقابل مبلغ 35000 دولار.
تعمل صناعة النفط بشكل أساسي، كما وصف موتيت وفقاً لثلاثة نماذج:
نموذج الصناعة الأممية: الدولة تتخذ كافة القرارات وتتلقى جميع الأرباح. والمشاركة الأجنبية تكون محصورة في عقود الخدمة التقنية. وهذا النموذج مستخدم في أرجاء منطقة الخليج وهو النموذج الذي تبناه العراق منذ أوائل السبعينات.
وأحد أشكال هذا النموذج هو نموذج خدمة المجازفة، الذي يحصل فيه مزود رأس المال على نسبة ثابتة من الربح مقابل الاستثمار، وفي بعض الأحيان على شكل نفط أو غاز (يعتبر الأساس في العديد من الاتفاقيات الإيرانية).
نموذج الامتياز: تمنح الدولة تصريحاً لشركة خاصة باستخراج النفط مقابل رسوم وضرائب.
اتفاقية الشراكة في الإنتاج: الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تقوم شركة خاصة باستخراجه بموجب عقد.
غير أنه وكما يقول موتيت، فإن نشاطات الدولة، من ناحية عملية، تكون مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقد. وفي اتفاقيات الشراكة في الإنتاج، تقوم الشركة الخاصة بتوفير الاستثمار، أولا في التنقيب ومن ثم الحفر وبناء البنية التحتية. ومن ثم يتم تخصيص الحصة الأولى من النفط المستخرج إلى الشركة، التي تستخدم مبيعات النفط لاسترداد تكاليفها وقيمة الاستثمار الرأسمالي، والنفط الذي يستخدم لهذا الغرض يسمى «نفط التكلفة».
وهنالك عادة قيود على الحصة من إنتاج النفط في كل عام التي ستحسب «كنفط تكلفة». وحالما يتم تحصيل التكاليف، تقسم «أرباح النفط» المتبقية بين الدولة والشركة في نسب متفق عليها. وعادة يتم تحصيل الضرائب من الشركة على أرباحها النفطية. وقد يكون رسوما معينة ترفع على كميات النفط المنتج.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن حوالي 12 بالمئة فقط من احتياطي النفط العالمي تدار وفق الشراكة في الإنتاج، ولا تستخدم أي من دول الشرق الأوسط، هذه الاتفاقات التي تتلاءم أكثر مع التنقيب عن حقول نفط ذات ربح هامشي، وحيث تثار علامة استفهام حول التكاليف في مقابل الفائدة. وبما أنه يمكن تقدير مستويات مخزون النفط العراقي ورأس المال الاستثماري اللازم لتطوير حقول النفط من قبل الشركات النفطية، فإن اتفاقيات الشراكة في الإنتاج تعتبر خياراً غير طبيعي للشعب العراقية.