إرجاء قمة عباس- شارون  مصيرالفلسطينيين.. المساومة أم المقاومة؟

 لم يكن احد يتوقع الكثير من «القمة» التي كانت ستجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس حكومة الكيان الصهيوني «ارئيل شارون»...

فإسرائيل التي ما تزال ترفض المطالب الفلسطينية المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى الذين تم اعتقالهم قبل عام 1993، وترفض رفضاً قاطعاً سحب جيشها من مدن الضفة الغربية، لم يمكن لديها أي تحمس لعقد هذه القمة، وهذا الأمر ينطبق على السلطة الفلسطينية التي يدرك رئيسها أن خروجه من القمة لحين عودة أبو مازن من الولايات المتحدة الأمريكية التي ينوي زيارتها في العشرين من الشهر الحالي، ليخلص كل من شارون وعباس من حرج، كان سيقع كل منهما فيه..

  الأول: أي شارون الذي لا يريد أن يضيف المزيد لصورته السيئة أمام الرأي العام العالمي، خصوصاً وأن انسحابه من غزة، الذي جرى استثماره إعلاميا، جعله يبدو وكأنه بطل سلام عند البعض أما عباس الذي لا يمتلك أية شعبية قي صفوف الفلسطينيين، فإنه كان يخشى من التعنت الإسرائيلي في القضايا العالقة والذي سيؤثر على مكانته الضعيفة أصلاً خاصة بعد المصادمات الدموية الأخيرة مع بعض عناصر المقاومة.

  ويأتي الإرجاء في وقت أعلن فيه جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، أنه قام مؤخرا باعتقال 117 فلسطينيا، وذلك بدعوى الاشتباه بعضويتهم في ثلاث خلايا تابعة لحركة حماس في الضفة، بينهم امرأة وصفها بأنها (متخصصة) في تصنيع المتفجرات، نسبت إليهم مسؤولية قتل خمسة إسرائيليين، يأتي هذا مع استمرار الحصار الذي تضربه قوات الاحتلال على قطاع غزة والضفة الغربية وما يرافقه من رصد واستهداف مستمر لرجال المقاومة الفلسطينية ومحاولات حثيثة وعنصرية لتهويد القدس والضفة الغربية، ولإحداث فتنة داخلية بين المقاومة والسلطة الفلسطينية.

  ولعل عباس يسعى من خلال زيارته لواشنطن لاستدرار عطفها لتمارس بعض الضغوط على الحكومة الصهيونية لتقديم بعض «التنازلات» فيما يتعلق بالقضايا العالقة، الأمر الذي مايزال وهماً كبيراًُ لدى الكثير من المسؤولين الفلسطينيين.

  فقد أشار صائب عريقات أن أهم هذه القضايا العالقة تتعلق بالعودة إلى حدود 28 أيلول 2000 عبر انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من مدن الضفة الغربية بدءاً من بيت لحم والإفراج عن الأسرى وعودة المبعدين وفتح المكاتب الفلسطينية في القدس المحتلة، وإحياء اللجان الأمنية والاقتصادية المشتركة، ووقف النشاطات الاستيطانية وبدء التفاوض من أجل تطبيق خريطة الطريق.

  إن ما سبق يؤكد أن أخطر القضايا وأكثرها حساسية بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، ألا وهي عودة اللاجئين والجدار العازل لم تكن على جدول أعمال القمة المؤجلة، وهذه يؤكد بدوره أن ثمة اغتراب حقيقي بين السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ولا شك أن هذا الأمر ساهم فيه إلى حد كبير الكثير من الأنظمة العربية التي طبعت أو تسعى إلى التطبيع مع الحكومة الصهيونية، والتي يقوم بعضها بدور العراب للسياسات الاستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة العربية وخاصة في فلسطين المحتلة.

 

  وفيما لاتزال المقاومة الفلسطينية ومن خلفها الشعب الفلسطيني يقدمان التضحيات بشكل يومي، ويتحديان إرادة الصهيونية ومشاريعها العنصرية، ويحاولان بشتى السبل كسر الطوق والسجن الكبير الذي يحاول الصهاينة حشرهم فيه، نجد النظام الرسمي العربي يهرول نحو التطبيع ويقدم التنازلات إثر التنازلات، وهذا ما يجعله معزولاً وضعيفاً وهشاً.