أوكازيون بلير: اللقب الشرفي الإنكليزي بـ 1.75 مليون دولار

اعترف «حزب العمال» البريطاني بزعامة طوني بلير مؤخراً أنه تلقى مبالغ مالية تفوق بثلاث مرات ما سبق أن أعلن الحزب عن تلقيه كقروض سرية لتمويل حملته الانتخابية. وقد أدى كشف هذه الحقائق إلى احتدام النقاش المنصب حاليا حول المستقبل السياسي لبلير، متجليا في الصحف البريطانية، سواء كانت في اليسار أو اليمين، حيث نصحت المذكور بـ «مغادرة منصبه وهو في السلطة». ويذكر أن القروض الجديدة غير المعلنة التي تم الكشف عنها دفعت الكثير من البريطانيين إلى التساؤل عما إذا كان حزب بلير وقع هو الآخر في مستنقع الفساد نفسه الذي كان وراء هزيمة حزب المحافظين عام 1997.

وأقر الحزب بأنه أخذ قروضا تصل قيمتها إلى 24.5 مليون دولار من أشخاص تفوق بأكثر من ثلاث مرات مبلغ سبعة الملايين دولار التي أفصح عنها في وقت سابق. غير أن الحزب امتنع عن كشف أسماء الشخصيات المانحة للقروض التي شكلت فيما يبدو الجزء الأكبر من إجمالي 31 مليون دولار قال الحزب إنه أنفقها على حملته الانتخابية في شهر مايو الماضي. ولعل ما زاد من تعقيد الوضع بالنسبة لتوني بلير وحزبه هو ما أوردته التقارير الصحفية من أن بعض الشخصيات الثرية التي مولت حملة الحزب منحهم بلير بدوره تزكية الحصول على الألقاب الشرفية السائدة في بريطانيا. وحددت تلك التقارير أن المبلغ المالي الذي أقرضه كل واحد من تلك الشخصيات لا يقل عن 1.75 مليون دولار.

وفي رده على النقاش الدائر في بريطانيا نفى بلير الموجود في السلطة منذ 1997 بواقع ثلاث ولايات متتالية، نفى أن يكون قد قايض منح تزكيته للحصول على الألقاب الشرفية مقابل استفادته من القروض. وقد تزامنت هذه الأسئلة الشائكة بالظرف الصعب الذي يمر به بلير على إثر فقدانه لأغلبيته البرلمانية في انتخابات أيار الأخيرة، فضلا عن المعارضة القوية التي بات يواجهها في صفوف حزبه العمالي، ناهيك عن تزايد الاستياء من تحالفه مع أمريكا بوش والحرب على العراق والتي كان آخرها تظاهرات احتجاج رافقت إلقاءه لخطاب أمام البرلمان الاسترالي حول ضرورة عدم الانسحاب حالياً من العراق ونشر ما اسماه القيم العالمية.

يشار إلى أن قيام بلير بمقايضة النفوذ السياسي مقابل المال، يتناقض وتعهداته السابقة قبل تسع سنوات عندما تسلم السلطة، والقاضية بتطهير الحزب وجعله «أنظف من بياض الثلج». غير أنه منذ ذلك الوقت والقضايا المالية، سواء المتعلقة بالحزب أو بشخصيات عامة، تلطخ سمعة حزب العمال ابتداء من الوزير الأول نفسه وزوجته تشيري بوث، ومرورا بالوزير السابق بيتر ماندلسون، وليس انتهاء ببعض الشخصيات الثرية مثل بيرني إيكليستون قطب سباق سيارات «الفورميلا وان». وقال رئيس تحرير صحيفة بريطانية يمينية شامتاً: «لم نعد نفرق ما إذا كنا في عالم السياسة البريطانية أو عالم آخر»، ثم استطرد قائلا: «إن هذه الممارسات تبعث برائحة كريهة تزكم الأنوف».