ثالف دين ثالف دين

الديمقراطية الأمريكية: الوجه الآخر

تتعرض الولايات المتحدة، التي تدعي أنها تقوم بتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية العالمية، لانتقادات عنيفة بسبب «انتهاكات خطيرة» لحقوق العمال على أراضيها.

وحسب تقرير جديد صدر عن الاتحاد الدولي لنقابات التجارة الحرة، ومقره بروكسل، فإن العديد من فئات العمال في الولايات المتحدة –ومن بينهم موظفون في الحكومة والمقاولون المستقلون والعمال الزراعيون والمحليون– يُستبعدون من قانون علاقات العمل الذي يوفر حرية تكوين الجمعيات والحق في التفاوض الجماعي.

وبحسب الدراسة فإن أكثر من 25 مليون عامل مدني في القطاع الخاص، و6.9 مليون موظف تابع للحكومة الفيدرالية والمحلية، لا يملكون الحق في التفاوض بشأن مرتباتهم، وساعات العمل، وشروط التوظيف.

ويوضح التقرير أنه لا توجد حماية قانونية كافية ضد التمييز ضد النقابات فيما يتعلق بهؤلاء العمال الذين يملكون الحق في التنظيم.

من جانبه قال الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات التجارة الحرة جاي رايدر: «إن مصداقية الولايات المتحدة، التي تتخذ موقفا دوليا قويا بشأن قضايا حقوق الإنسان، قد تعرضت لضرر كبير بسبب الافتقاد إلى حماية الأشخاص العاملين، وخاصة الفئات الأكثر عرضة للخطر، داخل حدودها».

ويضيف رايدر قائلا إن هذا لا يؤدي إلا إلى تشجيع الحكومات الأخرى على البحث عن ميزة تنافسية في الأسواق العالمية، من خلال انتهاك الحقوق الأساسية لعمال هذه الحكومات.

وتقدم الدراسة قائمة طويلة من انتهاكات الحقوق، ومن بينها انتهاكات بحق المواثيق الدولية المتعلقة بعمالة الأطفال، والتمييز ضد العمال المهاجرين الذين لا يحوزون وثائق.

وكانت المحكمة الأمريكية العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، قد أكدت في قرار صدر لها عام 2002 أن العمال الذين لا يحوزون وثائق ليسوا مستحقين لتلقي المتأخرات كتعويض عن ممارسات العمل الظالمة، وأنهم ليسوا مستحقين لإعادة التعيين.

ويقول التقرير: «لقد أدى هذا القرار بالتالي إلى صعوبة تنفيذ حقوق النقابات التجارية لعدة ملايين من العمال الذين لا يحوزون وثائق»، (ومعظم هؤلاء العمال من المكسيكيين).

وأكدت الدراسة أن الولايات المتحدة تنتهك مواثيق قامت بالتصديق عليها في منظمة العمل الدولية في جنيف، وهي إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة.

ويضيف التقرير أنه رغم تصديق الولايات المتحدة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمالة الأطفال إلا أن عمالة الأطفال مازالت تمثل مشكلة داخل الولايات المتحدة مع غياب عمليات الرقابة، وبشكل خاص في مجال الزراعة، حيث يتم تطبيق القليل من الضوابط، ويتعرض الأطفال لظروف عمل تنطوي على مخاطر من بينها العمل لساعات طويلة والتعرض للمبيدات الحشرية .

ويشير التقرير أيضا إلى أن عددا من ضوابط عمالة الأطفال قد جعلت شروط الأمان أسوأ للأطفال العاملين، وخاصة بسبب خفض السن الأدنى للتعامل مع العمليات الخطرة، مثل تشغيل أدوات القلي والشواء في مطاعم الوجبات السريعة، وتحميل الورق في أجهزة كبس الورق ورزمه.

وقد وجهت آي بي إس سؤالا إلى تيم نونان، مدير الحملات والاتصالات في الاتحاد الدولي لنقابات التجارة الحرة بشأن كيفية إصلاح هذه الانتهاكات فأجاب: «إننا نعتقد أنه من المهم أن تقوم الحكومات الأخرى بتذكير الولايات المتحدة بالتزاماتها كدولة عضو في منظمة العمل الدولية».

وقال نونان إن حركة النقابات التجارية الأمريكية نفسها «نشطة للغاية في انتقاد سياسات العمل لإدارة بوش، وفي إيجاد الطرق لمساعدة العمال في تكوين التنظيمات والانضمام إلى النقابات في ظروف صعبة للغاية».

واستدرك قائلا: «لكن قوانين إدارة الرئيس بوش وممارساتها متحيزة بقوة ضد النقابات التجارية لدرجة أن قدرة النقابات محدودة فيما يتعلق بالتنظيم والقيام بحملات وممارسة الضغط».

وأوضح على سبيل المثال أن 53 بالمائة من العمال غير المنتمين إلى نقابات في الولايات المتحدة يقولون إنهم يريدون بالفعل الحصول على الفائدة من وجود نقابة في أماكن عملهم.

وفي غضون هذا تقول دراسة الاتحاد الدولي لنقابات التجارة الحرة أيضا إن هناك «توجها واضحا نحو إيجاد معايير أقل في ظل إدارة بوش».

وتقول الدراسة إن الحق في الإضراب هو الحق الوحيد المسموح به لعمال القطاع الخاص، لكن هذا الحق أيضا مقيد بشدة؛ حيث توجد قيود قانونية على العمال فيما يتعلق بالمشاركة في نشاط منسق وجماعي مثل الإضرابات غير المنتظمة وعمليات المقاطعة  الثانوية.

وبالإضافة إلى هذا يسمح القانون بإحلال موظفين دائمين محل العمال المضربين، كما يسمح لهؤلاء العمال البدلاء بالتصويت في انتخابات إلغاء شهادة النقابة. ويشير التقرير أيضا إلى أنه رغم وجود تشريع تكافؤ الفرص إلا أن النساء يحصلن في المتوسط على رواتب أقل من الرجال بدرجة كبيرة، وكذلك الحال بالنسبة للعمال المنتمين إلى أقليات عرقية.

■ نقلاً عن موقع إيكاوس/ محطة آي بي إس