د. كمال خلف الطويل لقاسيون: مغامرو المؤسسة الأمريكية الحاكمة... يدفعون بأنفسهم إلى النهاية الوخيمة!
يشكل المشروع الإمبريالي الأمريكي – الصهيوني على المنطقة الموضوع الأكثر أهمية وحضوراً على المستويات كافة، سواء على الأرض وفي المعترك السياسي، أو في وسائل الإعلام، ويأخذ بتداعياته وأبعاده الحيز الأكبر في الجدل والنقاش الدائر اليوم، وكون هذا المشروع يقف اليوم عند منعطفات حادة، وسعياً في الوصول إلى تحليل شامل وواقعي لما آل إليه على جميع المحاور، التقت «قاسيون» الباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي المعروف د. كمال خلف الطويل، وأجرت معه الحوار التالي:
• د. كمال مرحباً بك في صحيفتك «قاسيون».. حبذا بداية، لو نتحدث عن موقع المخطط الأمريكي للمنطقة في إطار المشروع الإمبراطوري الأمريكي على المستوى الكوني، وأهدافه الواسعة، وما هي آجاله الزمنية؟ وإلى أين وصل؟
المشروع الأمريكي للهيمنة على العالم ليس شيئاً طارئاً، هو مشروع قائم منذ عقود عدة، وهو، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي تحديداً، صار أكثر وضوحاً. وبمنظور قادة الولايات المتحدة التاريخيين فإن الوصول ومن ثم تأكيد وتأبيد هيمنتهم القارية الشاملة، والسيطرة على الكون بمعناه الأرضي، يتطلب بداية، وبشكل كاسح ماسح (حسب التعبير الشعبي)، تأمين المنطقة المركزية من العالم، والمقصود هنا منطقة الحوض العربي- الإسلامي الذي نسميها مجازاً منطقة الشرق الأوسط، لأساب عديدة:
1 - موضوع الطاقة، وضرورة السيطرة عليها، من المنبع إلى المصب إلى الأنابيب، وكل ما يتصل بهذا المرفق من غاز ونفط وقنوات كقناة السويس، مضيق هرمز، مضيق باب المندب، جبل طارق، أي كل المنافذ التي لها علاقة بمسارات المرور والتبادل..
2 - إن هذه المنطقة بالميراث الذهني والقيمي الغربي الأطلسي، هي منطقة الحوض اللاهوتي، وبالتالي تتوفر فيها إمكانية إشعال لهيب ثقافي أو حضاري، يختلف ويتباين، ولا يتماهى مع الثقافة الرأسمالية الغربية.
3 - مجاورة المنطقة وملاصقتها للعمق الأوروبي، مما يشكل من وجهة نظرهم خطراً سكانياً على أوروبا عبر تدافع الناس وتزاحمها من أجل الهجرة إليها، كما يجري الآن من المغرب والجزائر على سبيل المثال إلى إسبانيا وإيطاليا وغيرها، والذي يتزامن مع انخفاض التكاثر السكاني بشكل مروع في أوربا، وهذا ما قد يساهم في غلبة ثقافة المنطقة العربية على المحيط الأوربي...
لذلك، فمن وجهة نظر الغرب الأطلسي، فإن هذه المنطقة مقلقة، وهناك حاجة ماسة للهيمنة عليها، بل أزعم هنا أنهم يرون ضرورة استعبادها، والقبض على أعنتها، وتسييرها وفق مشيئتهم..
يصحب ويوازي هذا المشروع ويلحقه بالنسبة لهم، فتح القلعة الروسية!!
روسيا، لمن لا يدرك أهمية هذا الموضوع، هي أشد البلاد في العالم على الإطلاق إقلاقاً للغرب الأطلسي، وهي مطمع أساسي له.
والغريب أنه في العقود الثلاثة الماضية، غاب ذلك عن ذهن الدول العربية والإسلامية كلياً، ولم تدرك في معظمها أن روسيا مستهدفة، وعوضاً أن يكون هناك فهم دقيق للمسألة وبالتالي توظيف جاد لها من أجل المصالح المشتركة، حصل نوع من السعار والتصعيد، الذي أدى بنا بالنهاية إلى الاشتباك الدموي على الأطراف، أي في الشيشان، وهذا كان يجب ألا يتم بأي حال من الأحوال، والآن يجب بتره وإيقافه بالكامل.. وأنتم بالتأكيد على اطلاع كيف وبمن بدأ هذا الصراع المشبوه في منطلقاته وأهدافه، وكيف تعددت مراحله من 1994 وحتى الآن.. روسيا مستهدفة، وأنا متأكد أن تقسيمها هو أحد أبرز أهداف القوى الأطلسية، وتحريض المسلمين داخلها يدخل في هذا الإطار، حتى أنني أذهب بعيداً وأقول: إن لأولئك مطمعاً في كل الأراضي الروسية وصولاً حتى سيبيريا.
إذاً، هناك طمع كبير في روسيا، ومعها وقبلها وبالتوازي معها المنطقة العربية – الإسلامية.. إنهما همان مقلقان جداً بالنسبة للاستراتيجيين الأمريكيين.
الصين في تفكيرهم شديدة الأهمية. لكن تطويع الصين برأيهم، أيسر وأسهل..
• أنت ترى أن المخطط الكوني الإمبريالي الأمريكي في أحد أبرز أهدافه، يسعى إلى التفتيت العام بما في ذلك روسيا نفسها؟
هذا لا شك فيه مطلقاً، نعم. هم يسعون لفتح القلعة الروسية، والاستيلاء الكامل على ما يدعى بـ «أوراسيا» التي تمتد من شاطئ المتوسط إلى الأورال، ومن ثم إلى سيبيريا، وصولاً إلى البرزخ الإيراني، وآسيا الوسطى وأعماقها.
وبالنسبة للآجال الزمنية لتنفيذ هذا المشروع، فأقول إن هناك دينامية ومرونة ترتبط بالمفاعيل على الأرض، ومدى نضوج العوامل المؤاتية في كل منطقة. المسألة ليست ميكانيكية..
• هناك باحثون يقولون إن المرحلة الأولى للمخطط الكوني الأمريكي هو تنفيذ ما يسمونه الشرق الأوسط الكبير قبل 2010، ومن ثم الالتفات إلى روسيا بعد هذا التاريخ.
هم بشكل أو بآخر، مجازياً، يظنون أنه بدءاً من النصف الثاني من القرن العشرين بدأت تميل الأمور لصالحهم فيما عرف بالحرب الباردة، وأصبح السمت العام هو سمتهم. بمعنى هم يرون أنهم تفوقوا حتى بوجود الاتحاد السوفييتي، وكان لهم قصب السبق في امتلاك زمام القرار العالمي.
الاتحاد السوفييتي كان مؤثراً ومنافساً ولاجماً لأطماعهم، لكن لم يكن قادراً على أن يكبح قوتهم ومشاريعهم.
• عندما تحدد أمريكا آجالاً زمنية لمشروع على هذا المدى من الاتساع، فهذا يعني أنها تشعر داخلياً بأزمة كبرى، لذلك هي تضع تصورات لآفاق الحلول المحتملة. وهناك العديد من الباحثين يؤكدون بأنه لم تخرج أمريكا إلى الحرب إلا بنتيجة أزمة بنيوية كبرى في الداخل. وخيار الحرب يأتي في إطار أن (آخر الدواء الكي).
دعنا نعود إلى الفترة الأخيرة (شبه الساخنة) من الحرب الباردة. الولايات المتحدة الأمريكية عملياً، لم تنتصر على السوفييت بالمعنى الحقيقي للكلمة.. كان هناك سباق محموم بين طرفي الصراع في الحرب الباردة، وما حدث أن أحدهم وصل إلى خط النهاية في السباق قبل الآخر، لكن كلاهما أنهكه السباق، وليست المسألة أن الأول متداع على الأرض وساقط، بينما الآخر في عز عنفوانه، لم يكن الأمر كذلك..
هناك عوامل حت وتعرية سببتها الحرب الباردة في البنيان المادي للقوة الأمريكية. ففي السبعينات من القرن الماضي نشأت مشكلة في التضخم، ووصل حجم الفائدة إلى 21% في تلك المرحلة، وهذه أزمات دولية ما فتئت تحدث عندهم، وقد تفاقمت مشكلة الطاقة أيضاً، وراحت تأخذ شكلاً درامياً. كذلك نشأ شعور لدى الناس في أمريكا أن العسكرية الأمريكية استنفذت دورها القتالي والاشتباكي في حروبها الآسيوية في فييتنام وكمبوديا، وأن هذه المؤسسة قادت المجتمع الأمريكي إلى الهلاك وتراكمات من الخسائر الفادحة لا قبل لهم بها. ثم أتت الموجة الريغانية التي قامت بتسعير شديد عبر قرارها بخوض سباق تسلح مريع، وقد جرى الادعاء حينها أنهم سيصبون مبالغ بأرقام فلكية في إطار ما عرف اصطلاحاً بـ «حرب النجوم»، وبات على السوفييت إما أن يحاولوا أن يلحقوا بهم، وبالتالي تتكسر أضلاعهم في هذا السباق، أو أن يعترفوا بالتفوق الأمريكي بما يتبع ذلك من مكاسب استراتيجية للأمريكان على مستوى العالم.
الاتحاد السوفييتي وقع حينها في فخ سباق التسلح، خصوصاً في موضوع حرب النجوم، وكان ذلك أحد العوامل الأساسية البنيوية في انهياره اللاحق،. لقد خدعوا السوفييت.
• أنت تعتقد أنهم لم يقطعوا أشواطاً في حرب النجوم؟
كانت عملية تجريبية وعلى قدر كبير من (الخديعة)، وهي تحتاج أموالاً طائلة للمضي بها،
وحتى الآن، ورغم أن خطوات كبيرة قطعت في هذا الإطار، إلا أن الكلام عن حرب النجوم والفضاء، ما يزال فيه الكثير من الرغبوية، ويجانب الحقيقة والواقعية فيها. الآن هم جادون في الكلام حولها والتخطيط لها، لكن رغم ذلك هناك ميلودرامية ومبالغة، ولا تعدو كونها لعبة تهدف إلى إحداث إبهار شديد للعالم.
• انطلاقاً من هذه الرؤية العامة الشاملة لأهداف المشروع الكوني الأمريكي. ما هي الدوافع الأساسية للمشروع الأمريكي إقليمياً؟! وما هي آجاله الزمنية؟.
تكلمنا عن موضوع الطاقة كهدف أساس، نزاوجها بعامل آخر مركزي وحيوي وشديد الأهمية، وهو أن هذا الإقليم له وكيل معتمد هو إسرائيل يجب الحفاظ عليه وتقويته، وهذا الوكيل المعتمد كان قد قدم أوراق اعتماده عامي 1948، و1956، ثم برهن عن جدارة معقولة عام 1967 وجرى اعتماده، ولكن ليس كسفير فوق العادة، لذلك هم يريدون له أن يكون كامل الأوصاف، بحيث توكل إليه مقاليد الأمور في قضايا الإقليم ككل..
• لكن هذه الإرادة فشلت وأذكرك بتصريح ريغان بـ82 عندما قال: الجيش الإسرائيلي عدده 400 ألف، وهذه ثروة استراتيجية للأمن القومي الأمريكي، لو لم يكن هذا الجيش هناك لاضطررنا أن نكون، لكن لم يلبث أن جاء الوقت الذي اضطر فيه الأمريكان أن يأتوا إلى المنطقة بأنفسهم رغم كل ما قدموه من دعم وتسليح وأموال لوكيلهم المعتمد.
صحيح، وهذا يؤكد أن المشروع الاستعماري التفتيتي الأمريكي بدأ يصطدم بالعراقيل، فهذا الاضطرار بدأ عام 1991 مع ما عرف بـ«تحرير الكويت» ثم عام 2003 باحتلال العراق، وأخيراً في حرب تموز الفائتة.. إن هذه براهين ساطعة إن هذا المشروع أصبح واقعياً في خبر كان...
لكن هم مازالوا يراهنون.. وفي ظني هذه مجرد أضغاث أحلام. فرغم أن هذا الوكيل أخفق مرات ومرات ومع ذلك هناك إصرار على محاولة إيصاله إلى مرتبة اليابان في محيطها الآسيوي، وأستراليا في محيطها الأوقيانوسي، وبريطانيا في محيطها الأوروبي، وربما إثيوبيا في شرق أفريقيا. إذاً إسرائيل هي الأكثر وثوقاً في محيطها، وبالتالي يجب أن تكون قوية، بل الأكثر قوة في محيطها. ولن يفيد الأنظمة المتهافتة والمتماهية ما تفعله، رغم قبولها بالتحول من العبودية إلى الاستعباد، لكن فلننظر إلى الخوف والرعب الذي تشعره أنظمة «دول الاعتدال» على مصيرها الغامض، وخصوصاً في الفترة الأخيرة.
• قد يكون ذلك مدخلاً آخر، فكما لم ينطبق حساب الحقل على حساب البيدر عندما أعلن بوش في أيار 2003 إنهاء العمليات العسكرية في العراق، وتبين فيما بعد أن هذه العمليات لم تنته، بل هي ذاهبة إلى استنزاف مع صعود المقاومة، وهنا أُدخلت عناصر جديدة على المشروع إقليمياً، خصوصاً وقد انفتحت أمام القوى المقاومة آفاق جديدة سواءً على الساحة العراقية أو على الساحتين الفلسطينية أو اللبنانية.
ما هي التطورات التي أعقبت عملية الاكتساح العسكري في العراق، خاصة أن الأمريكان انتصروا عسكرياً لكن لم يستطيعوا أن يكملوا هذا الانتصار؟
لم يكن لدى أحد أي وهم في أن العراق سيصمد في وجه الغزو الأمريكي طويلاً، كان الخلاف ربما على مقدار الوقت الذي ستأخذه العملية.. العسكريون الرسميون العراقيون لم يكونوا قادرين على مواجهة العدوان ودحره والتصدي للضربات الأمريكية بعد 13 سنة من الحصار المطبق.
حتى حين جرى بعض الصمود في الأسبوعين الأولَين للغزو، شعر الأمريكيون ببعض القلق. وقعوا في الحيرة، فهم لم يتصوروا نتيجة منطق الأمور أن يحدث هذا الصمود على الإطلاق.
وفي العموم، مر الاحتلال الأمريكي في السنوات الأربع الماضية في ثلاثة أطوار: بدؤوا بالتعثر.. بدءاً من عام 2003 وصولاً إلى ربيع 2004، ثم بالترنح من ربيع 2004 وصولاً إلى أزمة مرقد سامراء في شباط 2006، بعدها ووصولاً إلى هذه اللحظة هميتطورون بتسارع ملفت من الترنح، إلى درجة من السكر الشديد، وهم يتخبطون في حالة من انعدام الوزن والتوازن.
• دخلوا مرحلة الفشل؟
لقد دخلوا مرحلة الوقوع المدوي.. العراق أثبت أنه ليس كالصومال.. الأرض ملتهبة تحت أقدام الغزاة، والسماء ملتهبة، والناس في حالة احتراب مع المحتلين.. والحقيقة أن المعركة مفتوحة على نهايات دموية فظيعة.
أعرف شخصياً خطيبات بعض هؤلاء الجنود، هؤلاء يؤكدن أن الجنود الأمريكيين في العراق قد توحشوا، وأصيبوا باضطرابات مختلفة..
أنا أستغرب كيف أن قوة دخلت ثلاث مرات في حروب إقليمية جميعها كانت فاشلة، وما تزال تعتمد هذا النهج. إن الأمريكيين لا يتعلمون من تجارب التاريخ، لذلك هم عاجزون عن قراءة الحاضر والمستقبل..
تحضرني تماماً هنا، الفترة التي بدأت مع نيكسون وانتهت بنيكسون بحرب فيتنام.
الرئيس جونسون في ربيع 68 وصل إلى شبه قناعة استراتيجية قال فيها بما معناه: لقد بلغ السيل الزبى. المسألة أصبح مردودها سالباً ويجب إيقاف المهزلة.. وقتها تنحى عن العمل السياسي واعتذر عن الترشيح، ودعا إلى مفاوضات باريس مع الفيتناميين ووقف إطلاق النار.
• هذا الاستعصاء الذي بلغ ذروته في العراق، من الملاحظ أنه يكرر نفسه بأشكال مختلفة في لبنان.
في لبنان على سبيل المثال اتخذت الولايات المتحدة قرار الحرب، قبل عام من عدوان تموز، أي في صيف 2005. كذلك اتخذت الولايات المتحدة قرار الحرب على إيران في ربيع 2004! وقد بوشر العمل بذلك فعلياً منذ ذلك التاريخ.. الحرب لها سويات متعددة: اقتصادية، سياسية، إعلامية، حصار، تهديد إلخ... الحرب ليست فقط الشكل الدموي والقصف والرصاص.
الحرب على إيران قائمة، هناك حرب على الاقتصاد الوطني الإيراني، تحريك الأقليات، إلخ..
• هل أمريكا محكومة بتوسيع رقعة الحرب.
الولايات المتحدة في صيف 2005 اتخذت قراراً بتصعيد الأمور أكثر ضد إيران، وتطوير أشكال الحرب ضدها، وقررت بالتالي تقطيع الأوصال المحيطية لإيران. وهكذا اتخذ قرار قطع أول طرف وهو حزب الله. على أن يليه قطع الطرف الثاني، والمقصود هنا هو ضرب حماس.. وعندما يُقطع هذان الطرفان بشكل شبه كامل، عندها يصبح الجذع الذي هو سورية أكثر منالاً وأيسر وصولاً، ليتسنى لاحقاً التهيئة المباشرة لضرب الرأس والصدر، أي إيران. إذاً هي عملية البدء بالمحيط وصولاً إلى المركز، وبالتالي قرار الذهاب إلى الحرب في لبنان كان قراراً إسرائيلياً وأمريكياً وهو ضمن إطار الحرب على إيران.
الفشل الذي حدث في حرب تموز أحدث تغييراً في الفكرة، وخلص الأمريكان إلى ضرورة الهجوم المباشر إلى المنطقة القاتلة، أي إلى الرأس.
• هل تعد هذا الأمر تغييراً تكتيكياً أم استراتيجياً؟
هو تغيير تكتيكي واستراتيجي بآن معاً، في نهاية المطاف هم يريدون فتح الإقليم، ولهذا سيسلكون أنسب السبل وأفضلها لتحقيق غاياتهم، وقلت في أول الحديث إنهم ديناميكيون في التعاطي مع المعطيات الجديدة وتحديد الأولويات حسب التطورات على الأرض..
هم يتوجهون الآن، إلى فتح القلعة بشكل مباشر، وخصوصاً أنهم إذا فكروا في العودة إلى موضوع تقطيع الأوصال، أي إذا فكروا بشن الحرب مجدداً على لبنان فستكون فضيحة الأسابيع الخمسة في العام 2006، أي أسابيع العدوان، ما هي سوى نقطة في بحر الفشل الجديد الذي سيطالهم من جديد، فأنا عندي يقين أن إعادة التنظيم عند حزب الله، لن توازيها كل الإجراءات التي يقوم بها الأمريكيون والصهاينة لتفادي المثالب البنيوية التي فضحتها أيام العدوان في العام المنصرم.
يروي الكبار في السن أن بعض القادة الصهاينة كانوا يسيرون في المقدمة، ويصيحون: اتبعوني! أما اليوم فإن القادة الإسرائيلين، كما في الحرب الأخيرة، يقودون العمليات عبر الكومبيوتر.
إن التأمرك في المجتمع الإسرائيلي، نتيجة حالة الرخاء والدعة التي عاشها طيلة السنوات الخمس عشرة الفائتة، خلق جيلاً يميل إلى الرفاهية، وغير مستعد لتقديم الأثمان الباهظة التي تتطلبها الحروب والمواجهات. المجتمع الإسرائيلي يتداعى بشدة
في المقلب الآخر، المقاومة اللبنانية هم في أفضل حال الآن.
• إذاً أنت ترى أن المقاومة اللبنانية وضعها حالياً أفضل من السابق؟ علام ارتكزت في استنتاجك هذا؟
المقاومة تلقت خسائر كبيرة في الحرب الأخيرة ولا شك، ولكن من يتابع أداءها بالمجمل، وبالذات في الأيام الأخيرة من الحرب، يدرك أنها كانت الأصلب والأقدر، وكان الأمر سيكون مذهلاً أكثر لو كانت استمرت المعركة لوقت أطول. الأداء القتالي للمقاومة على الأرض كان شيئاً غير معقول. ألحقت هذه المقاومة خسائر شديدة بالجيش الإسرائيلي على المستويات كافة، لم يحدث نظير لها من قبل.
وكمثال على ذلك أقول وأذكر، إن رجال المقاومة استطاعوا في يوم واحد أن يفجروا أربعين دبابة إسرائيلية، والآن حالهم أفضل.
• هذا يقودنا إلى استنتاج أشرت إليه بوضوح، وهو أن فشل حرب تموز فتح الآفاق أمام خيار المقاومة في كل المنطقة.
أؤكد وأكرر أن انتصار تموز ثَبّت وكرّس أن خيار المقاومة هو الأثمر والأنجع.
• شخّص البعض في النظام الرسمي العربي أن المقاومة مغامرة، بينما أثبتت النتائج أن المقاومة هي الطريق الأفضل إلى التحرير، وليس المساومة، وهذا فتح الأفق أمام الشارع العربي والمقاومات العربية، وأعاد الثقة للناس بأنفسهم وبإمكانية هزيمة العدوان.
أصلاً هذه المقاومات تتفاعل بطريقة الأواني المستطرقة وتتأثر بعضها ببعض وتتداخل، رغم أنه لا يوجد تواصل تنظيمي مركزي، وعلى سبيل المثال هناك تباينات بين المقاومة اللبنانية والمقاومة العراقية، لكن رغم ذلك هي تتغذى من بعضها، إذ يبقى الجوهر واحداً.
• أمام هذه الصورة العامة، إلى أين وصل المشروع الأمريكي الآن، ووضعه الحالي كيف يمكننا توصيفه؟
هو مشروع يترنح ويقترب من درجة التأزم العالية، وأمامه الآن أحد أمرين:
إما أن يهجع إلى قراءة هادئة يعيد فيها حساباته كافة، وينتبه إلى أنه لا يمكن لهذه الفورة أن تمضي به إلى سبل آمنة، وبالتالي أن يعيد حساباته وفق قراءة منطقية وموضوعية، وأن يسعى للتوصل إلى صفقة كبرى مع أطراف الممانعة في الإقليم يرضون بها، ويقبل هو بها أيضاً، وهذا أمر يبدو مستبعداً وغير وارد أمريكياً في المدى المنظور..
الاحتمال الآخر أن يهرب إلى الأمام.. والهروب إلى الأمام صفة واسمة في الحروب الإقليمية التي خاضتها الولايات المتحدة في أكثر من منطقة.
نيكسون الذي كان يمثل اليمين الصقوري في أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، قام بتخفيض منسوب القوات الأمريكية في فييتنام، (وهذا ما سيحصل لبوش قريباً)، حيث خفض عديد قواته من 540 ألفاً إلى 250 ألف جندي مع دخول عام 1969، وبدأ العمل على موضوع تعزيز قوة الجيش الفيتنامي الجنوبي، وهو ما يجري اليوم مع القوات العراقية التي تبنى وتدرب، رغم ذلك ما إن وصلنا إلى ضفاف عام 1970، حتى وجدنا (الرئيس المؤمن ريتشارد نيكسون) يقرر الانطلاق إلى ساحة لاووس. انطلق في براري لاووس ودخل وتوغل ولم يتوقف في الهند الصينية، ثم أزاح النظام المحايد في كمبوديا، وألحق كمبوديا بمنظومته العسكرية الدفاعية، جرى هذا (إنقاذاً لفيتنام)، على اعتبار أن كل ذلك يأتي في إطار السيطرة على طرق التموين. وهذا ما عرف لاحقاً باسم: التناذر الكمبودي!
الآن، الأمريكيون في المؤسسة الحاكمة سيزاوجون بين أمرين: سيخفضون منسوب قواتهم في العراق تحت (وصفة) إعادة انتشار إلى قواعد ثابتة وكبيرة ومنيعة، وكأن هذه القواعد تحمي؟! إنهم لا يبصرون ما يحدث للقواعد الإنكليزية في البصرة التي تُقصف كل يوم، وكذلك طرق الإمداد التي تُهدد بشكل مستمر!!. تصور أنهم ما يزالون يفكرون بهذه الطرق الكلاسيكية البائدة.. ومن ثم الهروب إلى الأمام. هروب بمسارب إقليمية يمنة ويسرة.
• على هذا الأساس أنت تعتقد أن إيران ستكون الهدف التالي؟
أعود وأقول: نعم. إنها إيران، لأن هؤلاء استحكمت أزمتهم بشدة، ومن هنا فإني أؤكد أنه حتى شباط القادم ربما ستكون هناك خطوة حمقاء في هذا الاتجاه..
• هناك من يقول: إن إيران مؤجلة، بينما سورية معجلة، خصوصاً وأن خطوة تقطيع الأوصال لم تُجدِ فعلياً؟
لكن سورية غير الأطراف. اتفقنا أن المنطقة القاتلة (الرأس والصدر) هي إيران، بينما الجذع هو سورية، وهو مؤثر جداً، فهو الذي يتكفل بتوازنك، ولكن ضرب الجذع إن بدؤوا به إسرائيلياً أو حتى أمريكياً، هو بحد ذاته دعوة قاطعة سافرة لإيران من أجل أن تتدخل. في نهاية المطاف إذا ضُربت سورية ستتدخل إيران، إذاً لماذا الفذلكة والالتفاف؟ وهكذا سيجري التوجيه لضرب إيران بشكل مباشر، وطبعاً سورية ستُقصف إلى جانب إيران، وهذا تحصيل حاصل على كل الأحوال.
العسكرية الأمريكية منذ أواسط 2000 في حالة جدال احترابي لا ينتهي حول: ما العمل مع إيران؟ سلاح الجو الأمريكي على سبيل المثال مزهو لقدرته على فعل الأفاعيل، وهو بغاية الحماس. سلاح البحرية الأمريكي منضو في المسألة لكن بحماس أقل.
لكن القوات البرية الأمريكية ليست في هذا الوارد نهائياً، كذلك قوات مشاة البحرية حالهم ليس بأفضل. السلاحان الفعالان أي (الجوي والبحري) مهما قاما بالقصف الفعال، إلا أنهما في النهاية غير مجديين. المطلوب من الضربة أن تكون ضربة شديدة الإيلام إلى حد:
1ً ـ إنجاز ما تريده منها تكتيكياً على الأرض.
2ً ـ أن تحرم هذا الخصم من قدرته على الرد المضاد الفاعل.
إيران تمسك بزمام الولايات المتحدة رهينة في العراق. الآن بوجود فوق الـ180000 جندي في العراق ما بين مرتزقة غربي وفلبيني والقليل الأمريكي.
لذلك ترى أمريكا أن عليها
أولاً: تخفف من أثقالها في العراق، وأن تنزل منسوب قواتها قدر الإمكان لتستطيع أن تكون أقل ارتهاناً لإيران.
ثانياً: عليها أن تفكر بطريقة غير تقليدية للحسم، وهنا الاختلاف بين الجنرالات الأمريكيين، فإيران لديها القدرة على إيقاع الضربات القاصمة والمؤلمة للقوات الأمريكية.
إذاً، كيف ستحرم هذا الخصم اللدود من الرد؟ في نهاية المطاف إيران لا مجال لقياس قوتها مقابل القدرات العسكرية الأمريكية، لكنها قادرة على أن تؤذي هذه القوات، وأن تنزل بها خسائر فادحة.
• من هنا إذاً، يبرز احتمال أن تستخدم الولايات المتحدة السلاح النووي التكتيكي ضد إيران؟
ما يزال يوجد جدل شديد حول هذا الأمر الخطير، ولم يصل الجنرالات إلى كلمة سواء، أو اتفاق على هذه المسألة.
• بالانتقال إلى موضوع آخر، ما رأيك بالفرز الجاري الآن سياسياً في الإقليم على أرضية كل ما تحدثنا عنه؟ من يدقق النظر في اللوحة السياسية العامة يكتشف وجود تيار يساري وقومي وإسلامي مقاوم، وبالمقابل يجد تياراً آخر يدعي أنه يحمل الصفات نفسها: يساري وقومي وإسلامي، ولكنه مساوم ويدعو إلى التطبيع و(الواقعية) و(العقلانية).. كيف ترى أنت هذه اللوحة؟
منذ فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان واضحاً تماماً وجود ثالوث يتكون من المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، وإسرائيل، والرجعية العربية. وهذا الثالوث موجود حالياً، والتحق به في السنوات القليلة الماضية القوميون الساقطون، اليساريون المنبطحون، الإسلاميون المساومون والمتخاذلون، والحقيقة أن هذه المرحلة تحدث فيها عملية فرز وغربلة معقدة، وبتقديري أن أسباباً عديدة تكمن وراء ذلك، أبرز هذه الأسباب أن كثيراً من هؤلاء الناس اعتاشوا على الرعاية..
فإذا أخذت البعض من الإسلام السياسي، هو بشكل وبآخر دخل في معارك لصالح الآخرين أثناء الحرب الباردة، ولم تكن هذه المعارك معاركهم، و«البيانوني» وطارق الهاشمي وفيصل المولوي أمثلة على ذلك.. وعلى العكس من هؤلاء مثال حركة حماس..
كذلك هناك عدد لا بأس من القوميين مال مع الريح. وكان هؤلاء على ضفاف أنظمة ما إن ذهبت هذه الأنظمة حتى تفرق شملهم. كذلك الحال مع بعض اليساريين والشيوعيين، الذين تعودوا على نمط معين من الرعاية. وفوق الرعاية هؤلاء يختلفون عن غيرهم أن لديهم عقدة الحداثة، وسقوط الاتحاد السوفييتي كان حدثاً كبيراً ومريعاً بالنسبة لهم، وأصبحوا بحاجة لناقل جديد للحداثة!!.
من جهة أخرى، الصعود المدوي شبه المذهل للسلفية الجهادية أدى إلى اختلال شديد في الفرز بين القوى السياسية، ليس في المنطقة وحسب ولكن على مستوى العالم..
هؤلاء الناس، السلفيون، تقاطعت مصالحهم لأكثر من عقد من السنين مع الولايات المتحدة ودخلوا في المعركة لصالحها في أحد المواقع الشديدة الأهمية، ثم انقلبت الأمور رأساً على عقب لاحقاً، وتحولت المصالح المشتركة إلى عداوات شديدة ومعارك مفتوحة بينهما.
• برأيك أن هذه المعركة الآن هي معركة حقيقية فعلاً. يعني ألا يوجد أي تماه بينهما، وهذا الاحتراب المعلن هل هو احتراب وهمي؟ القاعدة هل هي حقاً عدو لدود للولايات المتحدة؟
أشد من لدود.
• ولكن في العراق، يبدو الأمر غير ذلك.
في العراق هناك قاعدات، وليس قاعدة واحدة، هناك خصوصية تختلف بعض الشيء في العراق، ثمة ملابسات ترتبط بطبيعة الظروف الناشئة بعد الاحتلال.
• حالياً، هل تعتقد أنه يمكن للقوى القومية العربية المقاومة، واليسارية المقاومة، والإسلامية المقاومة إيجاد صيغ عمل مشتركة، ومن ثم تشكيل جبهة موحدة تتفق على الحد الأدنى فيما بينها في مواجهة المخططات العدوانية؟؟
الحقيقة أن الكتلة السياسية التاريخية في منطقتنا تتكون أساساً من هذه التيارات والأطياف الثلاثة، وكلها عملت تحت سقوف وطنية واضحة. المشكلة في الأمر الآن، أن وجود التيار الإسلامي في الشارع أوضح، أما الوجود اليساري والقومي فهو باهت، لكن مع ذلك يمكن لليساري عبر خطاب سياسي واضح واستشرافي، ومصوب نحو القضايا الأساسية، أن يحقق حضوراً مميزاً، وأن يؤدي دوراً قوياً في التأثير، وأن يساهم في رفد وتوجيه الإسلامي..
بمقدور اليسار اليوم، أن يقوم بدور فاعل في تهذيب وتشذيب الخطاب والسلوك الإسلامي.. وبمقدوره أن يوصلهم إلى شطآن معقولة. لكن يجب الحذر وعدم الوقوع في الانفعال والخصام وما إلى ذلك.. المسألة هذه تحتاج إلى وقت وإلى سعة صدر..
• ما هي المعايير التي على أساسها يمكن أن تتشكل جبهة عريضة من هذه القوى؟
لنعترف الآن أولاً أن لهم الشارع، ولنا البيان والرؤيا، وهذا غير نهائي، ومع الوقت يمكن أن يختلط الأمران، وبالتالي تأخذ حينها العملية مسارات وسياقات أخرى.
أما بالنسبة للسلفية الجهادية لا أرى أي قاسم مشترك معها على الإطلاق سوى أنه هم أيضاً يصغون للخطاب المميز والجذاب..
وعلى سبيل المثال، حزب الله في أوائل الثمانينات كان خطابه مختلفاً عما عليه الآن، ولكن تغير حاله لاحقاً مع الفرز الذي حصل في المجتمع اللبناني على أساس مقاومة العدوان والمشاريع والمخططات الأمريكية والصهيونية.
الطبيعة الاعتيادية للإسلاميين تحقق لهم اجتذابية أقوى في الشارع الشعبي، لكن هم، أي الأحزاب الإسلامية يسمعونك جيداً حين تحسن لغة خطابك.
• هناك ثلاثة معايير أساسية من وجهة نظرنا، يمكن أن تشكل معايير للحوار بين القوى الوطنية في ظل أزمة الحركة السياسية عموماً في كل بلد على حدة وفي مجموعة بلدان المنطقة. المعايير أولها المعيار الوطني؟ وهو خطاب واضح لا لبس فيه من العدوانية الأمريكية – الصهيونية، بمعنى عدم الوقوع في مطب المساومات.
المعيار الثاني الاجتماعي ـ اقتصادي. وهو الموقف الواضح من ناهبي قوت البلاد.
المعيار الثالث. كرامة المواطن بمعنى حريته ولقمته وكلمته.
نحن الآن نخاطب الإسلامي بهذه المعايير، ونناقشه فيها، ونلقى على الغالب تجاوباً وتأييداً منه.
هذا أمر هام وجيد، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج كبيرة.
• هناك سؤال أخير نتوجه به إليك: ما حجم التفاؤل الواقعي لديك، وكيف يبرز ذلك في خطابك كباحث استراتيجي؟
أنا جاد كباحث أن أفصل بين الرغبوي والمستشرف، ولا أريد أن أجانب الواقعية..
رغم ذلك أقول: إن المؤسسة ونواتها المتنفذة الحاكمة الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أشد أجنحتها صقورية، إن واظبت على ما هي عليه الآن من مخططات ومشاريع بكل ما تحمله من أفكار خطرة، وقاربت ما أتلمسه من احتمال قادم، ستكون كمن ذهب إلى حتفه. يكاد الأمر يصل إلى هذه النتيجة بالتأكيد ودون مبالغة، لأن ساحة المنطقة عندنا مختلفة عن بقية الساحات التي جُرّبت من قبل، ولا يعني ذلك بالضرورة انتهاء القوة الأمريكية نهائياً. أنا أتكلم عن سيناريو يمزج بين أفول امبراطوريتين، الأولى هي الإمبراطورية الإسبانية التي مضت إلى الأفول في وقت كانت لغتها الأكثر تسيداً في العالم ورغم ذلك ظلت أكثر من 150 سنة وهي تأفل بهدوء، بمعنى أنها بقيت قوة ناعمة لمدة طويلة، ولكنها زالت كنفوذ استراتيجي وجيوستاتيكي ممارس ومزاول، ونموذج الإمبراطورية البريطانية، وهذه عملياً انتهت بعيد الحرب العالمية الثانية، لكنها لم تصل إلى حد الإطاحة بها كلياً إلا عام 1956.
وبالنسبة للصقور اليوم، فسيأتي حدث جلل يزعزعهم، وليس بالضرورة أن يهووا مثل الاتحاد السوفييتي.. هم ذوو طبيعة مختلفة وهم أميل إلى التشادد والمكاسرة إنهم (كاوبوي)، ولكنهم يسيرون إلى النهاية.
• الآن حجم التسارع في العالم صار أكبر. أي أن ما كان يحتاج سنين طويلة كي يحدث، صار الآن يحدث في شهور قليلة..
صحيح، وأنا أرى أنه إن لم يتبصر عقلاء المؤسسة الحاكمة الأمريكية في وقت قريب آت لصالح هذا الكون، ولصالح أمتنا التي يكفيها ما فيها من بلاء قائم، ولصالحهم هم بالدرجة الأولى كناس وكبشر، وهم يمثلون للأسف (300 مليون إنسان)، فأعتقد أن الأمور تسير نحو الأسوأ والأخطر بالنسبة إليهم.
■ إعداد وحوار:
حمزة منذر - جهاد أسعد محمد