العميد «محمد أمين حطيط»: ما يحدث اليوم.. سيؤسس لمئة عام من المقاومة والانتصارات!

أجرت قاسيون اتصالاً هاتفياً مع الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري اللبناني العميد محمد أمين حطيط، ووجهت له بعض الأسئلة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار تموز الانعطافي..

بعد الانتصار المشهود للمقاومة في تموز – آب 2006، هناك محاولات مستمرة لتثبيت أكتاف المقاومة سواءً من الداخل أو من الخارج، نريد أن نعرف وجهة نظرك حول التطورات في المنطقة على مختلف ساحات الصراع.
ـ في الواقع إن الولايات المتحدة الأمريكية التي قررت الحرب وخسرتها باليد الإسرائيلية، مازالت تمتلك القدرات الكثيرة التي تملكها وفقاً لتصورها، من إعادة المحاولة مجدداً وبطريقة أخرى، وبأسلوب آخر. نحن نقول: إننا انتصرنا في الميدان، وحاولت الولايات المتحدة مع أتباعها ومن جندتهم لخدمة مصالحها، أن تقلب هذا النصر، فجاء القرار 1701 بالصيغة الملتبسة التي تمكن أمريكا وإسرائيل لتعويض ما فاتهما في الميدان. لكن صمود المقاومة التي استطاعت أن تبني معارضة وطنية بعد ذلك، منع أمريكا من استثمار هذا القرار 1701 وألحقت هزيمة سياسية أخرى بأمريكا، هي الثانية بعد هزيمتها العسكرية في الميدان، خاصة بعد أن تمكنت المعارضة اللبنانية من تجميد الحكم ومنع استئثار أمريكا فعلياً وتنفيذياً بالقرار، وإن كانت تمسك به شكلياً، لذلك نحن نتصور أن أمريكا التي تجر أذيال الخيبة في العراق وأفغانستان لن تقدم على الاستسلام في لبنان بعد أن فشلت عسكرياً وسياسياً.
نحن نتخوف أو لا نخرج من الذهن إمكانية أو فرضية دخول أمريكا على الملف اللبناني من باب مختلف، والباب الذي يمكن أن تدخل إليه الآن سيكون كما تثبت التحضيرات من أجله.
باباً من نار، لأن أمريكا عودتنا أن وسائلها للضغط على البلدان تكون عبر قرار دولي.. عبر الاقتصاد، وآخر الدواء عندها الكي وهو النار، وفي لبنان لم تستطع القرارات الدولية أن تحقق لأمريكا ما تريد.. لم تستطع أمريكا أن تضغط في الاقتصاد أكثر مما ضغطت.. وأكثر مما ورطت لبنان عبر (رجلها) أو (تابعها) فؤاد السنيورة في إثقال الاقتصاد اللبناني بالديون، التي بلغت الآن 47 ملياراً، ولم يبق أمامها سوى الحل الناري. لذلك يتخوف اللبنانيون بشكل عام، والفئة الممانعة للقرار الأمريكي في لبنان بشكل أخص من إقدام هذا الفريق اليائس على قرار جنوني بإشعال النار في لبنان التي بدأت في نهر البارد، ومازالت، التي قد تمتد إلى أمكنة أخرى، وتكون إسرائيل جاهزة لإسداء خدمة للفريق الذي يشعل النار في مكان معين، للضغط على سورية عبره، وهذا ما يظهر في التحليلات الملازمة لبعض الإشارات التي تعد بها إسرائيل وسواها من إمكانية عمل عسكري ما في سهل البقاع للضغط على سورية.
إذا كان يُشهد للمقاومة أنها صمدت ذلك الصمود الأسطوري في الميدان، فكذلك صمدت سياسياً في وجه المحاولات الهائلة لعدم تطوير النصر العسكري إلى نصر سياسي. والصمود في وجه هذه المحاولات هو أيضاً نصر يسجّل للمقاومة. لكن ما المطلوب الآن من كل القوى الوطنية على مساحة الوطن لتعزيز خيار المقاومة.. ولعدم ترك المقاومة وحيدة، بحيث يكون هناك إسناد حقيقي في حمل أعباء هذه المواجهة.
- أولاً: المقاومة ليست وحيدة في لبنان. فلبنان انقسم إلى فريقين: فريق خضع للقرار الأمريكي وأصبح أداه تنفيذية لهذا القرار، وفريق وطني فيه المقاومة وفيه المؤيدون للمقاومة وشكّل هذا الفريق ما يسمى المعارضة الوطني.. المقاومة ليبست وحيدة.
إن أكثر من ثلثي الشعب اللبناني يجاهرون بتأييدها، والذين يؤيدونها حقيقة يصلون إلى نسبة 85 إلى 90% من الشعب اللبناني.
أما الـ10%، هذه الأقلية لا تفهم معنى المقاومة وإنجازاتها لتقصير ما، أو لأنها خضعت لمصالح خاصة، لذلك أقول المقاومة ليست في خطر وهي بخير في المجتمع اللبناني.
المطلوب من الفرقاء الآخرين الاستمرار في دعمهم واحتضانهم للمقاومة، والبقاء في حالة الاستعداد الدائم لأي طارئ، سواء أكان عبر الحدود الجنوبية من العدو الإسرائيلي، أو من اليد العميلة  (الطابور الخامس)، أو من الأجهزة المخابراتية العربية منها والعالمية التي يمكن أن تحدث تخريباً في الداخل اللبناني ضد هذه الفئة أو تلك.
ندرك أن الساحة اللبنانية محصنة وطنياً وشعبياً رغم كل ما يشاع، ولكن ماذا عن الساحات الأخرى في المنطقة؟ فهناك محاولات لإخماد خيار المقاومة في فلسطين، وفي العراق تجري محولات لإجهاض المقاومة..
المقصود أن المقاومة اللبنانية لم تعمل بمنظور ضيق. المقاومة عملت ضمن إطار مبادئ كبرى في محاربة التحالف الإمبريالي الصهيوني؟ فما المطلوب على مستوى الشارع العربي ككل؟
- أنا أميز بالنسبة لحديثي عن المقاومة بين الفكر المقاوم، والمبدأ المقاوم، والمقاومة الميدانية. المقاومات الميدانية موزعة بين لبنان وفلسطين والعراق، أما الفكر المقاوم والمبدأ المقاوم هو واحد بحكم كل الساحات على مستوى العالم العربي برمته، لذلك المطلوب من الشارع العربي الاستمرار بالتمسك بالفكر المقاوم، واعتباره السبيل الوحيد لمواجهة الطغيان الغربي على بلادنا. المطلوب من الشارع العربي والإسلامي بشكل عام أن يعتبر أن سقوط أية جهة مقاومة في مكان ما، إنما هو خسارة لكامل الفكر المقاوم. وتسجيل نصر للقوى الممانعة هو نصر لعموم المنطقة.. لذلك المطلوب من الشارع العربي والإسلامي تغطية أكبر، ودعم أكبر، وأن يعبّر عن ذلك ليس بالتأييد القلبي فحسب، بل بالتظاهر، وبالأقلام الصحفية. تخرج الألسن في الإعلام، تخرج الجماهير في الشوارع من وقت إلى آخر لتجاهر بخيار المقاومة على أساس أنه الحل الوحيد لحماية القدرات والحقوق.
نشاركك الرأي ونعتقد أننا محكومون بالانتصار، وما يحدث هو بداية التاريخ وليس نهايته.
- إن الذي نعيشه الآن هو مرحلة ستؤسس لمئة عام من المقاومة، وكما أن سايكس - بيكو أسست لمئة عام، وكانت مئة عام مركبة من الهزائم، فإننا نعيش الآن مرحلة انتصار الشعوب التي تقود قرارها ومصيرها، وهي مرحلة ستؤسس لمئة عام من الانتصارات. وأنا متفائل في هذا الإطار.