ولماذا ما زلتم تعتذرون عن «الهولوكوست»؟
خلال زيارته المغاربية التي شملت الجزائر وتونس جدد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رفضه الاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها بلاده إبان الفترة الاستعمارية في مناطق عدة من العالم وخاصة في بلدان المغرب العربي.
وأقر ساركوزي في تصريحات صحفية قيبل وصوله الجزائر أن «الصفحات القاتمة وكذلك الآلام وأوجه الظلم، كانت كثيرة خلال السنوات الـ132 التي قضتها فرنسا في الجزائر»، مضيفاً أنه يفضل «الاعتراف بالوقائع وليس مع الندامة... لأنها مفهوم ديني ولا مكان لها في العلاقات بين دولة وأخرى».(!!).
وزعم ساركوزي في سياق ترويجه لما يسميه مشروعاً أورو-متوسطياً جديداً، يتضمن إسرائيل طبعاً، أن «الأجيال الناشئة على ضفتي المتوسّط تتطلع إلى المستقبل أكثر مما تنظر إلى الماضي وهي تريد أمورا ملموسة، داعيا زعماء المنطقة إلى عدم التخلي عن جميع مهماتهم من أجل تعذيب أنفسهم والاسترسال في الندم على الأخطاء أو الذنوب الماضية».
وبلغ تمادي ساركوزي في وقاحته أن قدم «نظرية» جديدة حول ضرورة «احترام المحتل» مذكراً بمقولته عندما زار الجزائر وهو وزير داخلية العام الماضي: «الجزائريون عانوا كثيرا, لكن كانت هناك معاناة كبيرة من الجانب الآخر, وهذا شيء يجب أن يحترم»(!!).
ويقول ساركوزي إن لديه خارطة طريق طموحة لتعزيز العلاقات بين الجزائر وفرنسا في التجارة والاستثمار والطاقة والأمن وتنقل الأشخاص وإنه مستعد للذهاب إلى «أبعد مما هو قائم» لإقامة تعاون عسكري واسع.
ويثير المشروع الأورو-متوسطي الذي يروج له ساركوزي تحفظات في الأوساط الجزائرية والتونسية، حيث تعتبره غير واضح المعالم ومثار عديد من التساؤلات خاصة في جانبه الإسرائيلي.
يذكر أن الجزائر التي ظلت ترزح تحت الاستعمار الفرنسي طيلة 132 عاما تطالب بأن تعتذر فرنسا عن أعمال القتل التي ارتكبت خلال الاستعمار الذي انتهي عام 1962 بعد حرب تحرير استمرت ثماني سنوات وسقط خلالها نحو 1.5 مليون شهيد.
وأرجأت الجزائر وفرنسا توقيع اتفاقية شراكة كانت مقررة في نهاية عام 2005 في أعقاب تمرير الجمعية الوطنية الفرنسية في شباط 2005 قانونا «يمجد الماضي الاستعماري لفرنسا خاصة في شمال أفريقيا». لكن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أبطل ذلك القانون، غير أن ذلك لم يضع حدا للخلاف بين البلدين بشأن تلك القضية.
ومفهوم أن مواقف ساركوزي و«نظرياته» لا تستهدف الجزائر فقط، أو تونس حيث تم استقباله بالعناق والأحضان، بل تتعداها لتصبح مقاربة معتمدة من جانب النظم العربية بالمعنى الأوسع، ولاسيما في صراع شعوبها المستمر والمفتوح مع أشكال الاحتلال القائمة في فلسطين والعراق والقابلة للتوسع إلى أماكن أخرى..!!