خضر عوراكة: «إنهم مجرد قوى كرتونية!»
• أستاذ خضر، كنت أول من كتب في مجال تسريب الحكومة اللبنانية وثائق متعلقة بخطوط الاتصال السلكي إلى العدو الصهيوني، وعلى الأرض يجري ما يجري حالياً بعد أن حسمت المقاومة الصراع في بيروت مع ميليشيات تيار المستقبل وسيطرت على معظم المناطق، كيف تنظر إلى كل هذه الخريطة المعقدة؟
بالمبدأ ليس هناك صراع في لبنان، وهذه القوى حسب ما ظهر لكل العالم، قوى كرتونية، كانت تقوم على دعامات المال السياسي واستغلال فقر الناس للوصول إلى كسب ولائهم في مناطق لم تبنِ فيها البرجوازية اللبنانية، بعد ستين عاماً من الاستقلال، مصنعاً واحداً يجمع هؤلاء تحت سقفه بعمل شريف، وذلك رغم كل التغني بإنجازات رفيق الحريري والطبقة السياسية اللبنانية. أما بالنسبة لحكومة السنيورة ومجموعة العملاء، فهؤلاء يجب أن ينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم من تجسس على لبنان ومحاولات للتجسس على بلدان عربية أخرى على رأسها سورية، حيث قدموا خدمات لا يقدمها إلا من كان في نفوسهم عمالة، وعندما كان الأمريكيون يطلبون منهم شيئاً سرعان ما يسلمونه لإسرائيل لا لأمريكا، وخصوصاً خلال حرب تموز وما بعدها، وفي الفترة الماضية كان لدى هذا الفريق قناعة بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تقوم بضربة للبنان وسورية في الوقت الذي كانت إسرائيل ستقوم بضربة لحزب الله في لبنان، وتم الحديث عن اجتياحات وبطولات، ولكن ظهر الفشل الذريع للمناورات الداخلية الإسرائيلية، الذي أكدته مصادر دبلوماسية وغيرها، على مستوى إمكانية محاكاة حرب مقبلة بين إسرائيل وبين «العدوين الرئيسيين» سورية وحزب الله، مما ترك الفئة العميلة في لبنان دون أي دعم عسكري فعلي أو أية خطة لإنقاذهم.
• كيف تنظر إلى مستقبل لبنان بعد هذا الحسم الميداني؟
من يملك الأرض يحسم الصراع، مادام شعبك معك فلا شيء يخيفك، حتى أهل بيروت العروبيين لم يحملوا السلاح ضد إخوتهم في الوطن من قوات المعارضة المنتفضة على سلطة السنيورة.. وهناك جو مقاوم عام نتيجة صلابة المقاومة وصمود محور الممانعة السوري الإيراني الفلسطيني اللبناني، هناك جو عام ينتصر معه الناس والشعب، ولن يخشى شيئاً، وطبعاً فإن فريق الموالاة وحلفاءهم في الخارج لن يقفوا مكتوفي الأيدي، ولكن لديهم خيار واحد هو الاحتيال السياسي. أما التدخل العسكري فإن ذلك أضغاث أحلام، إذ لا أحد يستطيع النزول إلى أرض ليست له.
• برأيك، كيف يؤثر ما جرى على المخطط الأمريكي في المنطقة؟
المخطط الأمريكي في المنطقة مختلف عن طريقة فهمنا له، لا يهزم بالطريقة التي نفكر فيها نحن، فهو عندما يخسر معركة يحوّل طريقة تعامله مع هذه الساحة إلى أسلوب آخر. سوف يحاولون الالتفاف على ما حصل في لبنان عبر الاستفادة من بعض البقايا مثل سمير جعجع الذي ما يزال يملك بعض النفوذ والقدرة على التحرك، وقد يحاولون أن يستفيدوا من ضغوط اقتصادية عربية وضجيج عربي، لذلك يجب أن تكون المعارضة واعية وتناور بطريقة ذكية لكسب الوقت وحفظ نصرها، ولا تعلن عداءها مطلقاً أو حربها المفتوحة على المحور المعادي، وبالمستقبل القريب لا أرى تغييراً كبيراً في موضوع المشروع الأمريكي في المنطقة الذي يجب أن يصل عدد قتلاه إلى أربعين ألف في العراق وعشرة آلاف في أفغانستان، لكي يشعر الأمريكان بالهزيمة.
• أي أنك ترى أنه لا حل إلا بالمقاومة الشاملة وإلحاق الأضرار بالمشروع الأمريكي حتى يتراجع؟
لا حل إلا بمقاومة شاملة، فحتى الشعب الأمريكي حين يتظاهر الآن لا يذكر مليون قتيل عراقي، بل همه الأربعة آلاف قتيل أمريكي. هذا المجتمع وهذه الدولة وهذا الشعب لديه تفكير سياسي اجتماعي معين لا ينفع معه رفع المظالم، بل يفهم بطريقة واحدة، إيقاع أكبر الخسائر بجيشه على الأرض، أي بدون إعلان حرب مطلقة، بل بممارستها...