الاحتباس الحراري... طبيعة الإرهاب الأمريكي للطبيعة!
تؤكد معظم التحليلات التي أجراها الباحثون المختصون بعلوم البيئة مؤخراً على تفاقم أزمة الاحتباس الحراري، وازدياد مخاطرها على كل من الإنسان والحيوان، خاصةً ما يتعلق بآثارها الكارثية على الجبال الجليدية في القطب الشمالي حيث يؤدي هذا الاحتباس إلى ذوبانها بشكل مستمر، وبالتالي ارتفاع مستوى مياه البحار، وغرق مناطق ساحلية شاسعة، وما لذلك من تبعات تمثلت في العقود الثلاثة الماضية بفوضى مناخية تبدت معالمها في معظم البلدان والأقاليم في العالم في الآونة الأخيرة. وفي هذا الصدد يذكر أن معدلات أول وثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات السامة والانبعاثات الضارة بالمناخ، وهي العوامل الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري، قد ارتفعت بحدة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، كما ساهم استخدام النفط، واجتثاث الغابات،
وغير ذلك من الأنشطة البشرية، فضلا عن النمو السكاني، في زيادة الانبعاثات الضارة وبمعدلات كبيرة، وعلى هذا فإن الاحتباس الحراري سيشوه العناصر الطبيعية للمناخ في غضون عقود قليلة، ويرى المختصون بأنه من المخيف أن المستويات الحالية من غاز ثاني أكسيد الكربون، المسبب للاحتباس الحراري، قد وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 650 ألف سنة، ويعتقدون بأنه إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه فإن من المتوقع أن يصل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى حوالي 40 مليار طن سنوياً في نهاية القرن الحالي، ناهيك عن الانبعاثات المضرة الأخرى. ورغم المدى الزمني الكبير الذي قد يتصوره البعض، إلا أن المدافعين عن البيئة يرون بأن ما تشهده بعض الدول من فيضانات وأعاصير في الوقت الحاضر، لا يعدو كونه أكثر من عيّنات عن التغيرات المناخية السلبية القادمة، نتيجة التأثير السلبي للسلوك الصناعي غير المسؤول الذي تنتهجه الدول الصناعية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. فالتهديد بات الآن حقيقياً، والمؤشرات كلها تؤكد أن سلامة مناخ الكوكب بأسره أصبحت على المحك، بل على شفير الهاوية، مما يتطلب تكاتفاً عالمياً حقيقياً لنبذ الأسباب الكامنة وراء هذه الكوارث البيئية الحالية والمتوقعة.
وفي سياق المساعي العالمية التي تم اقتراحها للتحكم بهذه الظاهرة الكارثية الأبعاد، جرى عام 1997 توقيع اتفاقية «كيوتو» من قبل 195 دولة، تم من خلالها التفريق بين المسؤوليات المترتبة على الدول، من حيث هي دول نامية أو متقدمة، وتم آلياً تحميل الدول المتقدمة (الصناعية) الجزء الأكبر من المسؤولية، الأمر الذي احتجت عليه الولايات الأمريكية، ودفع برئيسها «جورج دبليو بوش» إلى إعادة النظر كلياً بالاتفاقية بأسرها، حيث ترى الولايات المتحدة أن استمرارها في الاتفاقية سيلحق أضراراً جسيمةً بصناعتها، متجاهلةً أن صناعتها هذه وعلى اختلاف مقاصدها، هي أحد أهم وأخطر العوامل التي تهدد الحياة على الكرة الأرضية!.
وتثبت الأرقام التي قدمتها جماعات الدفاع عن البيئة أن نسبة مساهمة الولايات المتحدة في انبعاث الغاز تربو على 24 % في حين أن عدد سكانها لا يزيد على 4 % من مجموع سكان العالم، وبذلك تثبت الولايات المتحدة مرةً أخرى أنها عدو البشرية الأول، لتسقط بالتالي جميع ادعاءاتها بكونها المحارب الصنديد المدافع عن حقوق الشعوب في الحرية وتقرير المصير (والعراق مثالاً)!! وأنها بالحد الأدنى، المحافظ المستميت على رفاه مواطنيها ومواطني حلفائها عن طريق إبعاد الخطر عن صناعاتها الوطنية (المارقة)!! فبتجاهلها لسلامة الطبيعة التي تعطي إشارات شبه نهائية قبل وقوع الطامة الكبرى، إنما تدفع الإنسانية برمتها نحو الهلاك.. وحول الاحتباس الحراري، أكد كبير المستشارين العلميين في الحكومة البريطانية في تصريح له قائلاً: "إن تغيير المناخ يمثل تهديداً للعالم، أكبر مما يمثله الإرهاب الدولي"..
أما نحن فنضيف بأن التهديدين معاً، هما وبكل فخر، منتجات أمريكية الصنع.