على ما يبدو، إسرائيل يمكن أن تهاجم إيران قريباً
نتيجة للسياسة الأمريكية المضللة، يحوم تهديد مواجهة عسكرية أخرى كغيمة سوداء فوق الشرق الأوسط. لقد قوي أعداء الولايات المتحدة واتهمت إيران، على الرغم من وصمها كعضو مما يطلق عليه اسم «محور الشر»، بالسيطرة الإقليمية.
لا يمكن لإيران على الإطلاق أن تحقق هذا الهدف وحدها، طبعاً ليس في وقت قصير كهذا. وحتى الآن تحولت منافسة كامنة بين إيران وإسرائيل إلى صراع مفتوح من أجل السيطرة في الشرق الأوسط. وكانت النتيجة هي توسع تحالفات مدهشة، إن لم تكن غريبة؛ فكل من إيران، سورية، حزب الله، حماس، يواجهون إسرائيل والسعودية، ومعظم دول عربية تشعر كلها بشكل وجودي أنها مهددة من قبل هيمنة إيران.
واشتد خطر المواجهة الكبرى أكثر من خلال سلسلة من العوامل، ارتفاع أسعار النفط المتواصل الذي خلق فرصاً مالية وسياسية جديدة لإيران، والهزيمة الممكنة للغرب وحلفائه الإقليميين في الحروب في غزة ولبنان، وفشل مجلس الأمن الدولي في إقناع إيران القبول بتجميد مؤقت لبرنامجها النووي.
يعد برنامج إيران النووي العامل الحاسم في هذه المعادلة، لأنه يهدد بشكل نهائي التوازن الاستراتيجي في المنطقة. وحقيقة أن إيران- البلد الذي يحاول رئيسه دائماً الدعوة إلى إبادة إسرائيل والذي هدد حدود إسرائيل الشمالية والجنوبية من خلال دعمه الهائل للحروب بالنيابة التي شنها حزب الله وحماس - يمكن أن تملك يوماً ما صواريخ مع رؤوس حرب نووية، هو أفظع كابوس أمني لإسرائيل.
إن العلوم السياسية لا تتعلق فقط بالحقائق ولكن أيضاً بالمدركات الحسية. ويدور الحديث فيما إذا كان المدرك الحسي دقيقاً أم لا، لأنه على الرغم من ذلك لا تقود هذه العلوم إلى قرارات. إن هذا ينطبق بشكل خاص عندما يتعلق المدرك الحسي بما يمكن أن تعتبره الأطراف تهديداً لوجودها. وقد أخذت تهديدات الرئيس محمود أحمدي نجاد بالإبادة على محمل الجد في إسرائيل بسبب جرح الهولوكوست. ومعظم الحكومات العربية تتشارك في الخشية من إيران النووية.
في أوائل الشهر (الماضي)، احتفلت إسرائيل بالذكرى الستين لقيامها، وذهب الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى القدس للقيام بدور بارز في هذا الإحياء. ولكن أولئك الذين توقعوا أن هذه الزيارة يمكن بشكل رئيسي أن تكون حول المفاوضات المتوقفة أو المؤجلة بين إسرائيل والفلسطينيين خاب أملهم بشكل فطيع.
كان موضوع بوش المركزي، بما فيه خطابه للكنيست الإسرائيلي، هو إيران. وعد بوش بتقريب صراع الشرق الأوسط من الحل قبل نهاية منصبه هذا العام. ولكن زيارته الأخيرة إلى إسرائيل بدت أنها تشير إلى أن هدفه كان مختلفاً، بدا أنه يخطط، مع إسرائيل، لإنهاء برنامج إيران النووي، وللقيام بذلك من خلال الطرق العسكرية أكثر من الدبلوماسية.
إن أي شخص يتابع الصحافة في إسرائيل خلال احتفالات الذكرى السنوية، ويصغي بإمعان إلى ما يقال في القدس يجب ألا يكون نبياً ليفهم أن المسائل قد بلغت الذروة. وخذ بعين الاعتبار ما يلي:
أولاً، «أوقف الاسترضاء!»، مطلب طرحته الطبقة السياسية في إسرائيل، والمقصود هو انبثاق التهديد النووي الإيراني.
ثانياً، خلال احتفالات إسرائيل، نقل وزير الدفاع عن إيهود أولمرت قوله: «إن مواجهة الحياة والموت العسكرية كانت إمكانية واضحة».
ثالثاً، أعلن قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق أن سلاح الجو قادر على القيام بأية مهمة، ولا يهم مهما كانت صعبة، لحماية أمن البلد. ويعتبر تدمير منشأة نووية سورية العام الماضي وعدم وجود أي رد فعل دولي على ذلك مثالاً على العمل القادم ضد إيران.
رابعاً، إن قائمة أمنيات إسرائيل بصفقات الأسلحة الأمريكية، التي تم بحثها مع الرئيس الأمريكي، ركزت بشكل رئيسي على تحسين إمكانيات الهجوم ودقة سلاح الجو الإسرائيلي.
خامساً، تعتبر المبادرات الدبلوماسية والعقوبات الأمريكية عندما يتعلق الأمر بإيران غير فعالة بشكل ميؤوس منه.
سادساً، مع النهاية المقتربة لرئاسة بوش، والشك في سياسة خليفته، تعد نوافذ الفرص للفعل الإسرائيلي مغلقة احتمالاً.
وللعاملين الأخيرين ثقل خاص. فبينما تقول الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إنه من المتوقع أن تعبر إيران الخط الأحمر باتجاه امتلاك القوة النووية بين عامي 2010 و2015، فإن الشعور في إسرائيل هو أن النافذة السياسة لفرصة المهاجمة هي الآن، خلال الأشهر الأخيرة من رئاسة بوش.
على الرغم من الاعتراف في إسرائيل بأن الهجوم على المواقع النووية الإيرانية يمكن أن يتضمن مخاطر صعب تخمينها، إلا إن الخيار بين قبول قنبلة إيرانية ومحاولة في تدميرها عسكرياً مع كل العواقب الملازمة واضح.
لن تقف إسرائيل جانباً وتنتظر في أن تأخذ الأمور مجراها. ويسير الشرق الأوسط نحو مواجهة كبيرة جديدة في عام 2008. ويجب على إيران أن تفهم أنه دون حل دبلوماسي في الأشهر القادمة يمكن بشكل كبير أن ينشب صراع عسكري خطير.
إنه الوقت المناسب جداً لكي تبدأ مفاوضات جادة.
إن آخر عرض مقدم من القوى الست- أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمين إضافة إلى ألماني - هو على الطاولة، وهو بشكل كبير يلائم مصالح إيران. إن السؤال الحاسم يمكن أن يكون فيما إذا كان ممكناً تجميد برنامج إيران النووي خلال فترة المفاوضات، لتجنب مواجهة عسكرية قبل إنهاء هذه المفاوضات. وإذا أخفقت هذه المحاولة الجديدة، فإن الأشياء ستصبح أكثر خطورة، وخطيرة بشكل مميت.
* يوشكا فيشير، وزير الخارجية الألمانية ونائب المستشار من عام 1998 إلى 2005