عشرُ حروب، عشرُ أكاذيب إعلامية

تسبق كل حرب كذبة إعلامية كبيرة. اليوم، يهدد بوش فنزويلا والإكوادرو. غداً إيران؟ وبعد ذلك، دور من؟

وفي دور الدمية المتحركة، الرئيس أورييي، تاجر المخدرات وجزّار الهنود الحمر (جرى تهجير أربعة ملايين). يزعم المذكور أوريبي بأنه وجد في حاسب راؤول رييس من منظمة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (FARC) براهين على دعم شافيز لـ«الإرهاب» وعسكرة المنطقة.

تعكس صحف مثل لوموند هذه الحملة الدعائية لحرب بوش القادمة. فلنذكّر وحسب كم مرةً تلاعبت بنا الولايات المتحدة نفسها ووسائل الإعلام نفسها. كل حربٍ كبيرة «تبرر» بما سيظهر لاحقاً (بعد فوات الأوان) بأنه تضليل إعلامي. وهاكم سرداً سريعاً: 

1.   فيتنام (1964-1975):

الكذبة الإعلامية:

يوما الثاني والثالث من آب، هاجمت فيتنام الشمالية سفينتين أمريكيتين في خليج تونكين.

ما عرفناه لاحقاً:

لم يحدث الهجوم أبداً. إنه اختراعٌ من البيت الأبيض.

الهدف الحقيقي:

منع استقلال فيتنام وإبقاء السيطرة الأمريكية على المنطقة.

العواقب:

مليون ضحية، تشوهات جينية (العامل البرتقالي)، مشكلات اجتماعية هائلة. 

2.    غرينادا (1983)

الكذبة الإعلامية:

اتهام الجزيرة الكاريبية الصغيرة ببناء قاعدة عسكرية سوفييتية وبتعريض حياة أطباء أمريكيين للخطر.

ما عرفناه لاحقاً:

الأمر غير صحيح إطلاقاً. لقد فبرك الرئيس الأمريكي ريغان هذه الحجج.

الهدف الحقيقي:

منع الإصلاحات الاجتماعية والديمقراطية التي قام بها رئيس الوزراء بيشوب (الذي سيجري اغتياله).

العواقب:

قمع وحشي وإعادة سيطرة واشنطن. 

3.   بنما (1989):

الكذبة الإعلامية:

يهدف الغزو إلى اعتقال الرئيس نورييغا بتهمة الاتجار بالمخدرات.

ما عرفناه لاحقاً:

كان نورييغا صنيعة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وطالب بالسيادة بعد انتهاء استئجار القناة. وكان هذا أمراً لا يحتمل بالنسبة للولايات المتحدة.

الهدف الحقيقي:

إبقاء سيطرة واشنطن على هذا المعبر الاستراتيجي.

العواقب:

أدى القصف الأمريكي إلى قتل ألفين إلى أربعة آلاف مدني، تجاهلتهم وسائل الإعلام. 

4.    العراق (1991):

الكذبة الإعلامية:

سرق العراقيون حاضنات دار التوليد في مدينة الكويت.

ما عرفناه لاحقاً:

اختراع كامل قامت به وكالة إعلانات يدفع لها أمير الكويت هي وكالة هيل ونولتون.

الهدف الحقيقي:

منع الشرق الأوسط من مقاومة إسرائيل ونيل استقلاله عن الولايات المتحدة.

العواقب:

عدد لا يحصى من ضحايا الحرب، ثم مقاطعة طويلة شملت الأدوية. 

5.   الصومال (1993):

الكذبة الإعلامية:

السيد كوشنر «يضع نفسه على المسرح» بوصفه بطل تدخل إنساني.

ما عرفناه لاحقاً:

اشترت أربع شركات أمريكية ربع باطن الأرض الصومالي الغني بالنفط.

الهدف الحقيقي:

التحكم بمنطقة تتمتع بأهمية عسكرية إستراتيجية.

العواقب:

لدى عجز الولايات المتحدة عن السيطرة على المنطقة، أبقتها في فوضى طويلة. 

6.    البوسنة (1992-1995):

الكذبة الإعلامية:

أعلنت شركة رودر فين الأمريكية وبرنار كوشنر عن وجود معسكرات إبادة صربية مزعومة.

ما عرفناه لاحقاً:

كانت رودر فين وكوشنر يكذبان. كانت تلك معسكرات سجناء بهدف مبادلتهم. وقد اعترف رئيس البوسنة عزت بيغوفيتش بذلك.

الهدف الحقيقي:

تحطيم يوغوسلافيا اليسارية، وإلغاء نظامها الاجتماعي، وإخضاع المنطقة للشركات عابرة القومية، والتحكم بالدانوب وبطرق البلقان الإستراتيجية.

العواقب:

أربعة أعوام من حربٍ رهيبة بالنسبة لكافة القوميات (مسلمين وصرباً وكرواتيين). أثارتها برلين، وأدامتها واشنطن. 

7.   يوغوسلافيا (1999):

الكذبة الإعلامية:

الصرب يرتكبون إبادةً جماعية ضد ألبان كوسوفو.

ما عرفناه لاحقاً:

محض اختراع قام به حلف الناتو مثلما اعترف جامي شيا، الناطق الرسمي باسمه.

الهدف الحقيقي:

فرض سيطرة الناتو على البلقان وتحويله إلى شرطي للعالم. إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في كوسوفو.

العواقب:

ألفا ضحية لقصف الناتو. تطهير عرقي في كوسوفو قام به جيش تحرير كوسوفو بحماية الناتو. 

8.    أفغانستان (2001):

الكذبة الإعلامية:

بوش يزعم أنه يريد الانتقام لأحداث الحادي عشر من أيلول وإلقاء القبض على ابن لادن.

ما عرفناه لاحقاً:

لا يوجد أي دليل على وجود هذه الشبكة. على كل حال، عرض الطالبان طرد ابن لادن.

الهدف الحقيقي:

بسط السيطرة العسكرية على مركز آسيا الاستراتيجي، بناء خط نفطي يسمح بالسيطرة على تزود آسيا الجنوبية بالطاقة.

العواقب:

احتلالٌ طويل الأمد، وارتفاع كبير لإنتاج الأفيون وتجارته. 

9.    العراق (2003):

الكذبة الإعلامية:

أكّد كولن باول، والأدلة بيده، للأمم المتحدة بأنّ صدام حسين يمتلك أسلحة دمار خطيرة.

ما عرفناه لاحقاً:

أمر البيت الأبيض أجهزته بتزييف التقارير (قضية ليبي) أو فبركتها.

الهدف الحقيقي:

التحكم بكل النفط والتمكن من ابتزاز المنافسين: أوروبا واليابان والصين...

العواقب:

العراق يغرق في الهمجية، النساء يعدن إلى الخضوع والظلامية. 

10.                      ..................

الكذبة الإعلامية:

شافيز يساند الإرهاب ويستورد الأسلحة وهو دكتاتور (يبدو أنّ الذريعة النهائية لم يجر اختيارها بعد).

ما نعرفه منذ الآن:

جرى إبطال العديد من الأكاذيب الإعلامية السابقة: شافيز يطلق النار على شعبه، شافيز معادٍ للسامية، شافيز ذو نزعة عسكرية... غير أنّ التجريم يتواصل.

الهدف الحقيقي:

تريد الشركات الأمريكية العابرة للقومية الاحتفاظ بسيطرتها على النفط والثروات الأخرى في أمريكا اللاتينية، وهي تخشى التحرر الاجتماعي والديمقراطي في هذه القارة.

العواقب:

تشن واشنطن حرباً شاملة ضد القارة: انقلابات، تخريب اقتصادي، ابتزاز، تطوير قواعد عسكرية قرب الثروات الطبيعية...

الخلاصة:

كل حرب تسبقها أكذوبة إعلامية كبيرة «تبررها». وما ذكرناه غير كامل! إن منع الحروب يعني بدايةً كشف اللثام عن الأكاذيب الإعلامية في أسرع وقتٍ ممكن وعلى أوسع مدى. 

حول الأكاذيب الإعلامية:

اليوم، كشف اللثام عن العديد من هذه الذرائع الحربية والأكاذيب الإعلامية. غير أنّ بعضها لا يزال صامداً. بصدد البوسنة ويوغوسلافيا على سبيل المثال، قدمنا براهين على التضليل الإعلامي في كتابي: «بوكر الكذاب» و«مونوبولي».

16 أيار 2008

■ ميشيل كولون