المصادفات «غير الرأسمالية» في القمر الإيراني

اعتبر رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية السابق، وعضو الكنيست الحالي، إسحاق بن إسرائيل، قضية إطلاق إيران لقمر صناعي مسألة تتجاوز في أهميتها ودلالاتها أبعاد العملية ذاتها. وأشار المذكور في تصريح لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن غاية إيران الأساسية هي تطوير صواريخ بعيدة المدى ذاتية الدفع قادرة على حمل رؤوس نووية.

أهمية عملية الإطلاق أنها تأتي في ظل حصار تقني واقتصادي تواجهه إيران منذ سنوات طويلة, الأمر الذي يثبت مرة أخرى أن إمكانية إنجاز تنمية صناعية متمحورة على الذات وطنياً تصبح أكبر في ظل القطيعة مع السوق الرأسمالية العالمية والاعتماد على الذات، شرط توافر طبقة من البرجوازية الوطنية أو التحالف الشعبي الوطني، وهو ما تمتلكه إيران حالياً فيما يبدو. كما وتؤكد أن أي انخراط في السوق الرأسمالية العالمية لا يمكن أن يؤدي إلا إلى التدمير الاقتصادي الوطني وإعادة إنتاج التخلف دوماً. ومنعكسات الأزمة المالية العالمية الأخيرة على دول الخليج، ولاسيما السعودية، هي أحد الأدلة على ذلك!

أندريه فرانك لاحظ قبل أكثر من أربعين عاماً، ومعه بول باران، أن أهم الإنجازات التنموية في العالم الثالث خلال القرن العشرين حصلت في البلدان التي أغلقت أبوابها بوجه مفاعيل السوق الرأسمالية العالمية، بينما انهارت تجارب كبرى بسبب الانفتاح على هذه السوق. وليس هذا بمحض المصادفة..!

وربما لأنه كذلك فقد جدد مسؤولون كبار ممن تسمى بالدول الست الكبرى تأكيدهم أن هناك التزاماً مشتركاً بالسعي للتوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران بشأن برنامجها النووي، وذلك في سياق إصدارها بياناً مشتركاً بعد اجتماعها في فيسبادن بألمانيا لبحث الملف النووي الإيراني غداة إطلاق القمر الصناعي ذاتي الصنع في إيران. وجاء في البيان أن هذه الدول (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) ستتشاور بشأن الخطوات التالية بينما تجري الإدارة الأمريكية الجديدة مراجعة لمجمل السياسة الواجب إتباعها، علماً بأن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حذرت قبيل الاجتماع طهران مما أسمته «العواقب» إذا لم تتخل عن الأنشطة النووية، موضحة أنه «حان الوقت لإيران أن تصبح عضواً مثمراً في المجتمع الدولي».

ولكن كلينتون أردفت «إذا لم تذعن طهران لقرارات مجلس الأمن الدولي، والوكالة الدولية للطاقة الذرية (بخصوص وقف تخصيب اليورانيوم) فيجب أن يكون لذلك عواقب» مشيرة إلى أن الرئيس أوباما أوضح تأييده لتبني دبلوماسية «صارمة ومباشرة» في التعامل مع طهران قد تتضمن إجراء حوار معها خلافاً لمنهج حكومة الرئيس السابق جورج بوش.

بدوره لفت روبرت جينز المتحدث باسم البيت الأبيض- في أول ردة فعل على إطلاق القمر الإيراني- إلى أن إدارة أوباما ستلجأ إلى جميع «عناصر سلطاتها» في التعامل مع طهران موضحا ًأن «جهود تطوير قدرات إطلاق صواريخ والجهود المتواصلة بشأن برنامج نووي محظور أو التهديدات التي تطلقها إيران لإسرائيل ورعايتها للإرهاب تمثل قلقا بالغا لهذه الإدارة».

وبينما قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية إن واشنطن قلقة من الخطوة الإيرانية، لأن الإيرانيين استخدموا في عملية الإطلاق تكنولوجيا تساعد على تصنيع صواريخ بعيدة المدى، أعربت بلدان أوروبية وحلف الأطلسي عن قلقها من إطلاق القمر الإيراني.

وكان التلفزيون الإيراني الرسمي بث صوراً لإطلاق القمر محلي الصنع ويدعى أوميد (الأمل) إلى مدار حول الأرض، حاملاً على متنه معدات لاختبار السيطرة على القمر الاصطناعي ومعدات للاتصالات ومعدات رقمية وأنظمة إمداد الطاقة. وأضاف التلفزيون أن إطلاق القمر هو «إنجاز آخر للعلماء الإيرانيين في ظل العقوبات»، وأنه سيعود إلى الأرض بعد أن يظل في مداره ما بين شهر وثلاثة أشهر حاملاً بيانات تساعد الخبراء الإيرانيين في أبحاثهم.