الأسرى الفلسطينيون في جبهة الصراع المفتوحة
تمر هذه الأيام الذكرى الخامسة والثلاثون ليوم الأسير الفلسطيني «السابع عشر من ابريل/ نيسان» الذي تقرر أن يكون ذلك اليوم من كل عام، يوماً وطنياً، (أقره المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التي انعقدت عام1974، في ذكرى إطلاق سراح أول أسير فلسطيني وهو محمود بكر حجازي). منذ ذلك التاريخ، تتحول هذه المناسبة، لتصبح لدى أبناء الشعب الفلسطيني، وقفة تضامن وطنية، عبر العديد من الفعاليات والنشاطات الجماعية، على امتداد مساحة فلسطين التاريخية المحتلة، وفي مناطق التجمع الفلسطيني في قارات العالم، كنوع من الوفاء للأسرى واعترافاً بتضحياتهم الهائلة، وتأكيد على أن تكون قضية حريتهم وخروجهم من معتقلات ومراكز الموت الصهيونية، البند الأول في أجندة الحركة الوطنية، بتسليط الضوء على معاناتهم السياسية والإنسانية، وتعريف شعوب العالم بها، من أجل حشد أوسع تضامن أممي في سبيل الضغط على حكومة العدو، لتحسين شروط اعتقالهم، وتوفير المحاكمات العادلة لهم، لكونهم مناضلين ومناضلات من أجل حرية وطنهم وشعبهم.
مع تصاعد عمليات الاعتقال/ الاختطاف التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني بحق أبناء شعبنا وبناته، مابين10 إلى 15معتقل يومياً في أنحاء الضفة المحتلة ومدينة القدس، تزداد نسبة معاناة العائلات الفلسطينية التي يتعرض أبناؤها وبناتها للحجز أو الاعتقال، حسب مايشير آخر تقرير احصائي أصدرته وزارة شؤون الأسرى والمحررين. إن مانسبته 25% من مجموع أبناء الشعب الفلسطيني مروا بتجربة الاعتقال، إذ بلغ عددهم ما يقارب من 800 ألف فلسطيني منذ عام 1967، ومنذ انتفاضة الأقصى قاسى أكثر من 68 ألف فلسطيني من الظروف الصعبة للاعتقال. كما أعتقل أكثر من 1500 مواطن ومواطنة منذ بداية العام الحالي. وحتى الآن، مازالت سلطات العدو تعتقل/ تختطف في سجونها أكثر من 11000 أسير فلسطيني وعربي، بينهم 400 طفل و68 أسيرة، و1600 مريض، ومن ضمن المعتقلين 43 نائباً في المجلس التشريعي منهم الدكتور «عزيز دويك» رئيس المجلس التشريعي، ومروان البرغوثي، وجمال حويل وجمال الطيراوي، وأحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية المختطف من سجن أريحا التابع للسلطة في مارس 2006. ومن بين الأسرى 1000 أسير من قطاع غزة، و470 من القدس ومناطق الـ48، و47 أسيراً عربياً من جنسيات مختلفة، بينهم أسير سعودي، وأخر تركي تم اعتقاله مؤخراً بالقرب من الحدود المصرية. و9400 من الضفة الفلسطينية المحتلة.
أما شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، فقد بلغ عددهم منذ عام 1967 ولغاية اليوم 196 أسيراً، منهم70 أسيراً استشهدوا نتيجة التعذيب، و49 نتيجة الإهمال الطبي، و71 أسيراً نتيجة القتل المتعمد بعد الاعتقال، و6 أسرى استشهدوا داخل السجون نتيجة اطلاق النار عليهم من حراس السجن.
إن العمل الوطني الكفاحي للقوى السياسية الوطنية من أجل تحرير الآلاف من الأبطال الأسرى، يتطلب نشاطاً دؤوباً ومستمراً، لايتوقف عند يوم واحد من السنة! بل يضع قضية الأسرى في مقدمة القضايا النضالية للحركة الوطنية، من خلال فضح قوانين الاعتقال التعسفية، وشروط الاعتقال وأساليب التعذيب، وكشف جرائم الإعدامات الفورية، كما ظهرت في ممارسات وحدات الموت العسكرية الصهيونية خلال العدوان الوحشي الأخير على غزة. فقد أقدمت قوات الغزو على اختطاف أكثر من 250 مواطناً فلسطينياً، تم التحقيق مع عدد كبير منهم ميدانياً ثم أطلق سراحهم، وهناك عدد منهم تم إعدامه ميدانياً بإطلاق النار عليه بشكل مباشر، وعدد آخر تم تحويله إلى سجون عسقلان وبئر السبع للتحقيق معهم لانتزاع الاعترافات منهم بالقوة، وذلك باستخدام اقسى أساليب التعذيب المحرمة دولياً. مما يشير مجدداً إلى نوعية المعاملة التي يتلقاها الأسرى من حيث تناقضها مع كل الاتفاقيات الدولية.
إن تطوير أشكال التضامن مع الأسرى، يعني بشكل مباشر، أن تبقى قضيتهم مطروحة بشكل يومي ودائم، بالمهرجان الخطابي، والمادة التثقيفية الداخلية، وبالزاوية الصحفية/ الإعلامية اليومية التي تتابع كل صغيرة وكبيرة في هذه القضية الهامة. صحيح أن هناك مجموعة من المهام «المترابطة والمتداخلة» كتصعيد المقاومة، وفك الحصار الذي وضع مليون ونصف المليون مواطن في القطاع الصامد داخل سجن- إذا لم نقل قبر- كبير، وأكثر من مليوناً ونصف المليون من أبناء الشعب داخل الضفة المحتلة يعيشون بين الجدران والحواجز الاسمنتية، وإعادة إعمار غزة، ووقف بناء جدار الضم والفصل العنصري، ورفع الحواجز. وبالضروة لابد من أن تكون حرية الأسرى في مقدمة هذه المهام. ولهذا فإن التشدد في ربط حرية أكبر عدد من الأسرى بإطلاق سراح جندي الاحتلال الأسير «شاليط»، تصبح واحدة من المعارك الهامة التي تخوضها قوى المقاومة الوطنية الفلسطينية.