خوليو غودوي خوليو غودوي

(عسى حكومتنا تقرأ)... توجه عالمي لاستدراك خطأ خصخصة مرافق وخدمات القطاع العام

برلين- شرعت السلطات المحلية الأوربية في استرداد سيطرتها على مرافق الكهرباء التي كانت قد خصخصتها على مدى العقدين الأخيرين، وذلك تمشياً مع توجه القطاع العام في مختلف دول العالم نحو إنهاء عهد خصخصة الخدمات العامة، والذي بدأ منذ عامين باستعادته مرافق المياه التي سبق وأن باعها للقطاع الخاص.

ففي ألمانيا وحدها، وضعت العديد من البلديات والسلطات الإقليمية حداً لعهد المرافق الكهربائية المخصخصة، من خلال استكمال استردادها، فيما تتفاوض البلديات المتبقية الأخرى على استعادتها من الشركات الخاصة التي كانت قد باعتها إليها.

وصرح كريستوف غوبيا عمدة مدينة غريفيلفينغ الألمانية، جنوب شرق برلين، أن «الحكومات المحلية قد اقتنعت الآن بأن المرافق هي خدمات عامة تعود للدولة».

كما أقرت بلدية مدينة أتونبرون بالقرب من ميونيخ بأن «بيع مرافق البلدية إلى الشركات الخاصة، التي تعنى فقط بمصالح شركائها، كان قراراً خاطئاً».

وكانت مقاطعة بافاريا وحدها قد أصدرت نحو 2.000 ترخيص، في العقدين الأخيرين، لتولي الشركات الخاصة إدارة المرافق التابعة لبلديات مدنها، وهي التراخيص التي ينتهي سريانها في آخر العام الجاري ولا ترغب غالبية بلديات المقاطعة في تجديدها، إذ تخطط لاسترداد مرافق المياه والكهرباء المخصخصة.

وصرح ماثياس البريخت، المحامي المتخصص في بيع المرافق العامة في ميونيخ، لصحيفة محلية أن «السلطات المحلية والإقليمية لا تجازف بأي مخاطر اقتصادية باستعادتها مرافق الطاقة الكهربائية، فهي قادرة على إدارتها بصورة سليمة».

أما العاصمة برلين، فتسعي حكومتها المحلية إلى تعديل امتياز مرافق المياه الممنوح للشركة الفرنسية «فيوليا» والساري حتى عام 2028. وأقر مسؤول الشؤون المالية بحكومة العاصمة اورايخ نوساباوم أن سلطات المدينة لا تستطيع تسوية هذه المسألة حسبما تشاء، لكنها تتطلع إلى «تعديل (بند) توزيع الأرباح». ولكن مايكل كوناك، مدير فرع «فيوليا» في برلين، الذي أعرب عن موافقة الشركة على التفاوض «بأسلوب بناء» قال إن «إنهاء الامتياز غير وارد»!!

هذا وتتوجه غالبية السلطات البلدية في ألمانيا وغيرها من الدول الأوربية نحو استعادة المرافق والخدمات التي خصخصتها في العقدين الأخيرين، الآن وقد بدأت تنتبه إلى توصيات الخبراء الاقتصاديين والناشطين المحليين في هذا الصدد.

ومن هذه التوصيات تلك التي شدد فيها أستاذ الاقتصاد الحضري بجامعة غيلسينكيرشين الألمانية، هانز جوزيف بونتروب، على أن «خصخصة المرافق البلدية غير مفيدة لا من الناحية المالية ولا من حيث نوعية الخدمات التي تقدمها للمواطنين».

بدورها أعلنت سلطات العاصمة الفرنسية باريس أنها ستستعيد في العام الجاري إدارة خدمات ومرافق المياه وإنهاء احتكار القطاع الخاص لها الذي دام أكثر من 100 سنة.

وكان عمدة باريس بيرتران ديلانوي أعلن في يونيو 2008 قرار إنهاء هذا الاحتكار، واعداً بتقديم «خدمات أفضل وبسعر أفضل، بل وبضمان استقرار الأسعار».

هذه الاعتبارات تمثل الآن أساس دعم الحكومات المحلية لخطط استرداد المرافق والخدمات العامة، وفقا لأولفيير هوديمان عضو مرصد الشركات الأوربي المعني برصد كبرى الشركات الخاصة الأوربية، والذي أعد في عام 2008 دراسة توثق التوجه نحو تقليص ظاهرة خصخصة مرافق وخدمات المياه في مختلف أرجاء العالم.

وأوضح أن «خصخصة مرافق المياه أثبتت في العالم أجمع أنها خطأ فادح سواء فيما يخص الأسعار أو نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين»، وبالتالي فإن تخطيط البلديات الألمانية لاسترداد المرافق العامة يأتي في إطار هذا التوجه العالمي.

وأضاف «حتى المفوضية الأوربية، التي أيدت لسنوات طويلة خصخصة المرافق والخدمات العامة في البلدان النامية، قد غيرت موقفها لتساند الآن وضع الخدمات البلدية تحت مسؤولية القطاع العام». 

■ نشرة (آي بي إس)

آخر تعديل على الأربعاء, 27 تموز/يوليو 2016 12:06