الإدارة الأمريكية والثورات العربية
من يعتقد بأن الرأسمالية لم تدخل أزمتها البنيوية بعد يقع في شي من الخطأ، فهي الآن في موضع الخاسر الذي يكابر. فلقد فقدت أولاً أحد أعظم أتباعها في مصر، حسني مبارك. وعليها الآن أن تتحمل مسؤولياتها لتبحث عن مورد للغاز لحليفتها «إسرائيل»، وأن توجد معادلات جديدة في المنطقة لأجل تهدئة الأوضاع والعودة إلى الوراء. فبعد هروب بن علي أصبحت الإدارة الأمريكية من أكثر بلدان العالم دعما للحريات وشجباً للقمع وأصبحت تلك الدولة الصديقة لا العدو.
فإن تكلمنا عن الجانب الاقتصادي من العلاقات الوطيدة بين الأنظمة المنهارة والإدارة الأمريكية نجد أن هذه الإدارة هي المستفيد الأكبر والوحيد وذلك مما يدعو للاستغراب ممن يدعو إلى بقاء هذه العلاقات الاقتصادية على حالها.
ففي العام 2008 بلغت الاستثمارات الأمريكية في مصر 6مليارات دولار وشملت الأرقام مايلي:
1.24 مليار دولار حبوب، رغم العديد من المشاريع التي كان المقرر بموجبها إحياء ضفاف النيل من أجل الزراعة وتنميتها وإحياء المناطق البعيدة عبر الأقنية.
1.01 مليار ماكينات، 510 مليون دولار للنفط،405 مليون دولار حديد، 395 مليون دولار ثمار وفواكه، بينما بلغت صادرات مصر حوالي 681مليون دولار فقط.
أما النظام التونسي فلم يكتف بتقديم تسهيلات عسكرية وإقامة قواعد عسكرية تنتهك السيادة الوطنية بل أدخل الشركات الأمريكية ليدعها تستلم أهم القطاعات. فقد بلغت قيمة الاستثمار 1مليار دولار بعدد شركات بلغ 70 واهتمت بقطاع الاتصالات وقطاع الطاقة والقطاع التكنولوجي والالكتروني.
بسقوط هذه الأنظمة تكون الإدارة الأمريكية مضطرة إلى إيجاد حلول سريعة ومعادلات جديدة لتغطي هذه الخسائر على الصعيد الاقتصادي ولتغطي الخسائر على الصعيد السياسي أيضاً، فهي الآن لم تعد تملك حلفاء يعتمد عليهم لتسيير مصالحها على حساب مصالح الشعوب وتسليم السيادة لها مقابل حفنة من المال.