مخاوف الأنظمة الحاكمة.. ثورة شعوب وسط آسيا، مجرد مسألة وقت

 بافول ستراكانسكي

أثارت الثورات والاحتجاجات الشعبية العارمة ضد الأنظمة الديكتاتورية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط موجة من التساؤلات عما إذا كانت سوف تلهم تحركات مماثلة في دول آسيا الوسطى. فيقول الخبراء أنها مجرد مسألة وقت، فالتغيير قادم لا محالة في المنطقة.

وصرح اليشر اليخاموف، الباحث المتخصص في الشؤون الأوزبكية في «مؤسسة المجتمع المفتوح» في لندن، أن «هناك أوجه تشابه بين مصر وآسيا الوسطى. وتنمو الظروف الممهدة للاحتجاج في بعض دول المنطقة، فيما قد تندلع الثورة في دول أخرى غداً أو في غضون خمس سنوات».

وأكد أن «تغيير الأنظمة (في المنطقة) لا مفر منه، فهي مجرد مسألة وقت».

وتعد منطقة آسيا الوسطى غنية بالموارد الطبيعية وهي متزايدة الأهمية من الناحية الإستراتيجية، وتعاني من بعض أسوأ الديكتاتوريات في العالم.

وتعتبر أوزبكستان واحدة من أكثر الدكتاتوريات قسوة في الأرض، حيث تتفشى ممارسات التعذيب برعاية الدولة بما يشمل غلي السجناء على قيد الحياة، والفساد، والاضطهاد السياسي والديني، فيما ينظر إلى الوضع في تركمانستان على أنه أفضل قليلاً، وإلى الأنظمة في طاجيكستان وكازاخستان على أنها أقل قسوة، وإن كانت تتحكم فيها جميعها رئاسات ديكتاتورية قوية.

وتعتبر قرغيزستان الدولة الوحيدة في آسيا الوسطى التي شهدت ثورات- ثورتين في السنوات الست الماضية- وما زالت تشهد الاحتجاجات وتوترات عرقية، لكنها نادراً ما ظهرت على السطح.

ويعتبر العديد من المحللين أن أوجه التشابه بين الأنظمة الدكتاتورية المطلقة في آسيا الوسطى وتلك التي تم إسقاطها في الشهرين الماضيين في شمال أفريقيا، جلية واضحة.

لكنهم يقولون أيضاً إنه من غير المحتمل أن تندلع الانتفاضات الشعبية المتوقعة في المستقبل القريب، نتيجة لمجموعة متنوعة من الأسباب، أهمها حالة الخوف الذي يقاسي منه الأهالي من جراء عقود طويلة من القمع الوحشي على أيدي قوات أمن الدولة.

كذلك فقد قضت الأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى على المعارضة الحقيقية على مدى عقود، فيما ارتكبت قوات الدولة في أوزبكستان على وجه الخصوص، مذابح ضد مئات المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع في مظاهرة احتجاج في مدينة أنديجان في عام 2005.

كما قمعت الجماعات الدينية، ولاسيما المسلمة، وصورتها على أنها منظمات متطرفة وإرهابية، فلم يعد لديها أي تأثير يذكر على المجتمع، فيما تسيطر الدولة على وسائل الإعلام وتقيد استعمال الإنترنت المتاح لعدد ضئيل من الأهالي.

وصرح شيرزود عظيموف، المصور في العاصمة الأوزبكية طشقند، أن «وسائل الإعلام المحلية تقع تحت سيطرة الحكومة، ولا توجد معارضة سياسية في الداخل، سواء كانت قانونية أم غير قانونية». وأضاف «لا توجد معارضة منظمة ومتحدة في الخارج، ولا توجد أطراف ترعى أية انتفاضة تحدث، ولا يوجد أي شخص ذي وجهات نظر معارضة في الشرطة والجيش ووسائل الإعلام، قد يكون من شأن ذلك أن ينتظر الوقت المناسب لبدء الاحتجاجات. الناس لا تنسي مجزرة أنديجان في عام 2005. الناس خائفون».

وعن الدعم أو التأييد الخارجي، فيشدد عدد من المحللين السياسيين على أن الحكومات الغربية تتردد حيال وقوع أي تغيير في آسيا الوسطى.

فيقول يوستينوس بيمب، المحلل بمركز دراسات الشرق أوروبا في فيلنيوس إن «الولايات المتحدة لديها أكبر المصالح السياسية والاقتصادية في بلدان آسيا الوسطى، وسوف تستخدم نفوذها لمنع أي تمرد أو اضطرابات، من أجل حماية تلك المصالح».

وشرح أن «آسيا الوسطى حاسمة في حرب الولايات المتحدة على الإرهاب والعمليات في أفغانستان، فضلاً عن اهتمام واشنطن بالحفاظ على صادرات النفط والغاز إلى الغرب والشرق، بل وزيادة هذه الصادرات».

■ نشرة «آي بي إس»