67 عاماً على النكبة: كم سيبقى هذا الكيان بعد؟

67 عاماً على النكبة: كم سيبقى هذا الكيان بعد؟

بمرور سبعٌة وستون عاماً على النكبة الفلسطينية، يكون الكيان الصهيوني الذي شيدته الدول الاستعمارية الصاعدة في أواسط القرن الماضي، وحمته الإمبريالية الغربية والأمريكية بوجهٍ خاص، قد استنفذ عملياً مبررات وجوده، ما يفتح الباب أمام السؤال الملحّ اليوم: كم سيبقَ هذا الكيان بعد ذلك؟

تنتمي فكرة الكيان الصهيوني ومنطق إقامته، إلى جملة العوامل التي كانت متوفرة في القرن الماضي، وخصوصاً منها تلك الممتدة في النصف الثاني منه، وهي المرحلة التي كان التراجع العام لدى الحركة الثورية العالمية، وتقدُّم الولايات المتحدة كـ«شرطي عالمي» سمتها الرئيسية. ما استكمل عملية بناء الدور الوظيفي لهذا الكيان، كقاعدة متقدمة لقوى الاستعمار والإمبريالية العالمية في منطقتنا.

العمر الافتراضي لهذا الكيان قد بدأ بالتقلص. هذا ما حسمته مرحلة الصعود لدى الحركة الثورية العالمية منذ مطلع القرن الحالي، والتي عبرت عن أحد أوجهها بأكثر من خمسة هزائم وانتكاسات عسكرية، مُني بها كيان العدو منذ تحرير جنوب لبنان عام 2000، وصولاً إلى الفشل الذريع خلال العدوان الأخير على غزة 2014، وما تعنيه تلك الهزائم من عجزٍ لدى العدو الصهيوني عن لعب الدور الوظيفي المطلوب منه.

إذا كانت مرحلة القوة لدى الكيان الصهيوني قد تُرجِمت على أرض الواقع، بحروبه خارج حدود فلسطين المحتلة، واحتلاله لمدن وجبهات جديدة، واتخاذه زمام المبادرة لشن تلك الحروب، وقدرته النسبية على تحديد نهاياتها، فإن مرحلة الضعف لديه اليوم تتجلى في أحد أكثر أوجهها فضاحةً، في استماتته الحالية للانغلاق على نفسه بالمزيد من الجدران، وتركيز ممارساته الفاشية في الداخل الفلسطيني، بتصعيد موجات الاستيطان ومصادرة المنازل والاعتقالات.. إلخ

 

كم سيبقى هذا الكيان؟ الإجابة عن هذا السؤال تقتضي الإجابة مسبقاً عن السؤال حول ما هو وضع الإمبريالية الغربية اليوم؟ فمن لا يزال عاجزاً عن إدراك التراجع الأمريكي والغربي في العالم، ومن لا يزال قاصراً عن فهم عملية التغيير الجاري في موازين القوى الدولية، ما زال يعتريه الوهم حول قوة كيان العدو. أما من يرتق إلى مستوى معالجة القضية الفلسطينية انطلاقاً من بوابة المتغيرات الدولية وانعكاساتها إقليمياً، فيمكنه التأكد من أن عمر هذا الكيان بات أقصر مما هو متوقع بكثير، ومرتبط بوجهٍ خاص في الفترة التي سيقتضيها تظهير الأوزان الجديدة عالمياً في منطقتنا.