أمريكا - الخليج.. ومحاولة إنعاش «فدرلة» اليمن
يعارض الأمريكيون أي مشروع حوار وطني يمني يرتكز على واقع أن الحوثيين أصبحوا قوة سياسية أساسية، فبعد سقوط المبادرة الأمريكية الخليجية، باتت محاولة نقل العاصمة اليمنية إلى عدن، طريقاً أمريكياً خليجياً للالتفاف على انعكاسات الميزان الدولي- الإقليمي في الداخل اليمني.
يحاول الأمريكيون، عبر حلفائهم الإقليميين وتحديداً السعودية، تقويض النفوذ الحوثي في اليمن لتحصيل شروط تفاوض أفضل لاحقاً، غير أن اصطداماً جدياً بمقتضيات التغير الحاصل في أوزان القوى الدولية والإقليمية، يزيد من تعقيد المهمة الأمريكية.
المناورات الأمريكية- الخليجية إلى أين؟
يعلن الحوثيون تمسكهم بخيار الحوار الوطني كمخرج وحيد من الأزمة, بالتوازي مع إجراءات تتجاهل محاولات التعطيل الأمريكي- الخليجي للحل السياسي في البلاد. ففي منتصف الشهر الماضي أعلنت «اللجنة الثورية» التابعة لحركة أنصار الله, عن بدء إجراءات تشكيل مؤسسات الدولة وفق الإعلان الدستوري, سبقه إعلانها إمكانية تهديدها مصالح الدول التي ستعرقل تطبيق الإعلان الدستوري, وهو ما دفع الخليجيين إلى إجراء مناورة جديدة تمثلت في إعلان الرئيس، عبد ربه منصور هادي، نقل العاصمة اليمنية إلى عدن, التي أصبحت منطلقاً للصراع السياسي والعسكري مع الحوثيين بدعم وتمويل خليجي، بهدف محاولة إعادة طرح تقسيم اليمن أو «فدرلته» على جدول الأعمال.
وفي إطار المناورة للإمساك بزمام المساعي السياسية والتحكم بمخرجاتها، تسعى دول «التعاون الخليجي» لنقل المفاوضات اليمنية إلى الرياض, في وقتٍ تعتبر فيه حركة «أنصار الله» نقل المفاوضات إلى الرياض «إخلالاً بالاتفاقات», التي من بينها الاتفاق بين الرئيس اليمني ولجنة مأرب الرئاسية التابعة للحوثيين عقب وصولهم إلى دار الرئاسة في 19\1\2015.
وفي إطار المناورة ذاتها، نقلت دول الخليج وأخرى أجنبية سفاراتها إلى عدن في رسالة سياسية مفادها أنّ لا حوار مع الحوثيين حتى العودة إلى ما قبل أحداث دار الرئاسة، فيما تواصل الأدوات الفاشية الأمريكية المتمثلة يمنياً بجماعة «أنصار الشريعة»، محاولاتها لعرقلة أي تقدم عسكري يحققه الحوثيون.
حقيقة الصراع..
تسعى المنابر الإعلامية الغربية والإقليمية إلى نعت جماعة «أنصار الله» بالأداة الإيرانية، متجاهلة التناقضات الموجودة في المجتمع اليمني ومطالب الحراك الشعبي في السنوات الماضية ارتباطا بالديمقراطية وتغيير النظام وتحقيق المطالب المتعلقة بالمسائل الاقتصادية الاجتماعية، ومتناسية أن موضوعة «الجرعة» في حينه كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في تفجير الطور الجديد للأزمة اليمينة. وهي المنابر ذاتها التي تحاول تصوير الصراع على أنه إقليمي محض، وليس داخلياً، الأمر الذي تحاول روسيا والصين الإصرار على حله عبر حوار وطني يقطع الطريق على تفتيت اليمن وحرف الصراع فيه باتجاه اقتتال أهلي شامل. وضمن هذا المنظور يمكن تفسير موقف موسكو وبكين في رفض نقل سفارتيهما من صنعاء إلى عدن.
من هنا، يمكن النظر إلى قضية دعم الحوثيين, من منطلق رفض قوى دولية وإقليمية صاعدة لمنطق العنجهية الأمريكية والهيمنة على المنطقة والعالم, ذلك العداء الذي يواجه في معظم الملفات تقريباً بمنطق الدفع نحو حلول سياسية تزيح ضباب العنف الذي بات أداة لتمويه التغيرات الحاصلة في ميزان القوى الدولي, وهو ما يعني بإحدى نتائجه إعادة الولايات المتحدة وحلفاءها وأدواتها إلى مكانها الطبيعي على الخارطة العالمية والإقليمية بما يناسب أوزانها الحقيقية.