البطالة والأجور المنخفضة: إسبانيا بعد اليونان؟
مرَّ عامٌ ثالث على «خطة إنقاذ إسبانيا»، وهي الخطة التي وضعها الاتحاد الأوروبي بهدف «إنقاذ» رابع أكبر اقتصاد أوروبي- حسب بيانات وكالة «يورونيوز»- دون جدوى كفيلة بإخراج الاقتصاد الإسباني من أزمته.
ذهبت حكومة إسبانيا، الغارقة في الأزمة المالية (2008) والانكماش (2011) وأزمة العقارات والبنوك التي تصاعدت بعد 2012، إلى طلب خطة «إنقاذ مالي» أوروبية، سبق لها أن عبَّرت عن نفسها بسياسات تقشف ليبرالية مارستها الحكومة، بإشراف المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
البطالة بين الارقام الرسمية والواقع
بالرغم من تمظهر الأزمة الاقتصادية الإسبانية بشكلٍ جلي، عمدت الصحافة الإسبانية مؤخراً إلى نشر أرقام رسمية حول تراجع نسبة البطالة في إسبانيا نهاية عام 2013 إلى نسبة 25.7% حسب صحيفة «الباييس». وكذلك كانت قد أعلنت عن تراجع نسبة البطالة للسنة الثانية على التوالي إلى نسبة 23.7 %، حسب المعدلات المسجلة عند الاتحاد الأوروبي وحسابات «هيئة الإحصاءات الوطنية في إسبانيا»
تبلغ نسبة البطالة في إسبانيا- القوة الاقتصادية الرابعة في منطقة اليورو منذ عام 1970- 26.6% وهي أعلى معدل للبطالة سجله هذا البلد، حيث تصاعد الارتفاع في نسبة البطالة بشكل كبير في السنوات الست السابقة (2009- 2014) بنسبة 20%، ليصل عدد المعطلين عن العمل إلى ستة ملايين ومئتي ألف شخص أغلبهم من الشباب، إذ تقارب نسبتهم 60% من مجموع المعطلين عن العمل في إسبانيا.
تراجع الأجور للمرة الثامنة خلال عام
تشير الإحصاءات في إسبانيا إلى أنه هناك عشرة ملايين ونصف مليون شخص تتراوح أعمارهم ما بين 35-18 أغلبهم لا يتوقعون الحصول على وظيفة بطريقة قانونية وعادلة، منهم من يعيش في منازل مع عوائلهم، بينما يريد الآخرون الرحيل إلى الخارج، وهؤلاء أجورهم الشهرية أقل من 1000 يورو في الشهر.
وحسب بيانات وكالة «يورونيوز»، تتجه إسبانيا إلى فخ الانكماش في الاقتصاد وتفاقم المشاكل الاقتصادية بشكل كبير عام 2015، حيث يشمل ذلك هبوط الأسعار وتراجع القدرة الشرائية نتيجة لأزمة الأجور التي تراجعت للمرة الثامنة خلال عام 2014.
العقوبات ضد روسيا..
والمتضرر أوروبا
مع كل موجة من العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على روسيا كان يدفع جزء هام من الاقتصاد الإسباني- المعتمد على المنتجات الزراعية بشكلٍ كبير- الثمن الأكبر من العقوبات الجائرة. كذلك كانت إسبانيا عرضة لتقلبات الأزمات الاقتصادية والتناقضات على مستوى الرأسمالية في العالم، حيث دفعت ثمن أزمة العقارات وأزمة البنوك والتعليم، وأخيراً أزمة الحمضيات وسائر المنتجات الزراعية، فضلاً عن تراجع أسعار النفط عالمياً والتي أدت إلى انخفاض الاستهلاك ست مرات خلال عام 2014 فقط.
هذا الواقع الاقتصادي المزري، والناتج عن تهميش قطاعات واسعة من الشعب الإسباني، يعكس بشكلٍ أو بآخر مآلات الحركة الشعبية المناهضة لمنظومة دول اليورو ومنطق التبعية للإمبريالية الأمريكية على حساب الآليات الكفيلة بتأمين نهضة ودفعة قوية للاقتصاد الإسباني، الذي لا يعاني من نقصٍ في الموارد الاقتصادية، بل من سوءٍ في طريقة إدارة الاقتصاد وفي تحديد مصلحة من تُقاد دفته. له، لا يبدو أن عملية الاحتقان الشعبي ضد قيود الاتحاد الأوروبي سوف تقف عند حدود اليونان فحسب، بل ستتسع لتطال كل الدول الفقيرة في القارة الأوروبية المأزومة.