البصرة: «إقليم» الـ90% من النفط العراقي

البصرة: «إقليم» الـ90% من النفط العراقي

أعلنت المفوضية العليا «المستقلة» للانتخابات، جاهزيتها من الناحية الفنية واللوجستية لإجراء استفتاء تشكيل «إقليم البصرة». وكان «القاضي» متزعم الجهود الرامية لإنشاء هذا الإقليم قد فشل في محاولات سابقة خلال الأعوام الماضية.

سابقاً، رفض أهالي البصرة التوجه المشبوه المطبوخ في الدوائر الإمبريالية الأمريكية. علماً أن وزير العدل الأسبق القاضي، وائل عبد اللطيف، يمثل واحداً من أبرز مافيات التهريب العاملة في فترة الحكم السابق في العراق. في حينه، سجن وحكم عليه بالإعدام شنقاً بعد افتضاح سرقاته، وبعد وساطات مشبوهة جرى العفو عنه «إكراماً لعائلته وأطفاله يطلق سراحه من السجن، ويكتفى بطرده من القضاء».
وكان اللافت هو تحول قضية سجنه، بعد غزو العراق، إلى «سجين معارض سابق»! لتستوعبه بعدها الأحزاب الطائفية، كما استوعبت المئات من أمثاله الذين يتندر عليهم الشعب العراقي بقوله: «البارحة رفيق واليوم مولانا»..! يسانده إعلامياً صاحبُ فضائية لم يعرف له ماض لا إعلامي ولا مالي، وإنما ظهر فجأة بعد الاحتلال. أما من يدعم حملته فينحدرون في الغالب الأعم من العوائل الإقطاعية التي خدمت الاستعمار البريطاني سابقاً، وشكلت جزءاً هاماً من الطبقة الطفيلية الحاكمة طيلة فترة حكم الرئيس السابق صدام حسين.
يروج هؤلاء إلى إقليم البصرة، الذي سيتحول بحسب زعمهم إلى «إمارة خليجية مزدهرة» تخلص أهاليها من آثار الحرب العراقية التدميرية والحروب الأمريكية، موهمين أهاليها أن حقول البصرة والعمارة (التي تبلغ نحو 90% من إجمالي إنتاج النفط في العراق) ستكون تحت تصرفهم وحدهم، مستغلين إهمال الحكومة المركزية للمدينة الاستراتيجية من حيث موقعها ونفوذها، ناهيكم عن تاريخيها الحضاري والإنساني.
ووفقاً للمخطط التفتيتي، فإن إقليم البصرة سيتكون من 18 محافظة، على عدد القبائل! أي لكل قبيلة محافظتها وعلمها وحصة شيخها من النفط! بهدف تحول الإقليم إلى «إمارات البصرة المتحدة»، وفق نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة لتنضم إلى مجلس التعاون الخليجي.
إن تجار إقليم البصرة لا يختلفون عن تجار الأقاليم الأخرى، لا من حيث تاريخ عوائلهم الاقطاعية والثيوقراطية الطائفية والعنصرية، وارتباطاتها بعجلة المستعمر البريطاني بالأمس والإمبريالية الأمريكية اليوم، ولا بأوهامهم حول إمكانية تقسيم نهري دجلة والفرات، مصدرا حضارة وادي الرافدين.
البصرة ثغر العراق الباسم، مدينة غنية بالمياه، يلتقي شمالها نهرا دجلة والفرات مكونين شط العرب، إضافة إلى قناة لنقل المياه العذبة من نهر الغراف، ومئات الآبار الارتوازية العذبة في باديتها الجنوبية. مع هذا، يفتقد أهاليها للمياه الصالحة للشرب.
وتنتج البصرة بسواعد عمال النفط الأبطال نسبة عالية من النفط العراقي، هؤلاء العمال الذين يشكلون، -هم ورفاقهم عمال النفط كركوك والشمال- العمود الفقري للطبقة العاملة العراقية، التي خاضت المعارك الطبقية والوطنية على مر العهود من أجل عراق حر ينعم فيه الشعب بثرواته في ظل نظام العدالة الاجتماعية. ولدى الطبقة العاملة العراقية القدرة اليوم على حسم المعركة الوطنية التحررية ضد القوى الرجعية ومن يقف خلفها. وسترفرف راية العراق عالياً مسقطة جميع الرايات العميلة.